صناعة الباحثين > تجارب سوريّة أكاديميّة

أحمد لوكه وتجربة الحصول على منحة (Chevening) ومؤسسة سعيد للتنمية

حصل أحمد لوكه مؤخرًا على منحة مشتركة Joint Scholarship من مؤسسة سعيد للتنمية Said Foundation ومنحة تشيفنينغ الحكومية البريطانية Chevening.

وأحمد مهندسٌ معماري، خريج جامعة دمشق دفعة 2019، وهو الخريج الثاني بمعدل امتياز 85.03% وحاصل على المرتبة الأولى بمشاريع تخرج آب 2019 بدرجة قدرها 94%.

وقد تحدَّثنا مع أحمد عن تجربته الأكاديمية والتقدُّم إلى المنحتين وحصوله عليهما، ليكون بذلك أصغر شخص سوري يحصل على المنحة المشتركة.

وحُررت المقابلة من أجل ضبط الطول والوضوح، وهي تستند إلى تجربة أحمد الشخصية.

متى حصلت على المنحة، وما اختصاصك الأكاديمي السابق، وما الشهادة المُتوقَّع الحصول عليها بعد المنحة؟

تقدَّمت للحصول على منحة Chevening ومنحة Said Foundation في شهر أيلول 2020، وحصلت على المنح في شهر حزيران2021 لدراسة الماجستير عام 2021-2022. 

واختصاصي الأكاديمي السابق الهندسةُ المعمارية، جامعة دمشق، وسأدرس الماجستير في التجديد الحضري MSc Urban Regeneration، مدرسة Bartlett للتخطيط، جامعة University College London.

ما الدافع الأساس لاختيار البلد والمنحة، وهل تقدمت إلى منح أخرى؟

دافعي الرئيس لاختيار المملكة المتحدة لإكمال تحصيلي الأكاديمي قوةُ جامعاتها المرموقة ومكانتها على مستوى العالم؛ إذ تحتل 4 جامعات بريطانية -ومنها الجامعة التي سأدرس فيها- مكانةً من ضمن أفضل 10 جامعات عالميًّا في آخر تقييم أُصدر عام 2021، فضلًا عن عامل اللغة؛ إذ لم أرغب في قضاء سنة أو سنتين في تعلم لغة جديدة وإتقانها.

وأما عن دافع اختيار المنح، ففي البداية كان الدافع طموحًا شخصيًّا؛ إذ رغبت أن أكون أصغر متقدِّم سوري يحصل على المنحتين كليًّا، إلى جانب الفرصة التي تقدِّمها المنح للمساعدة والإسهام في تنمية بلد المتقدِّم؛ إذ تتضمن ملفات التقديم مقالات عدة عن الربط ما بين الماجستير المُراد دراسته وفائدته لتطوير المجتمع والبيئة التي ينحدر منها المتقدِّم وتنميتهما. بالإضافة إلى كون المنح -سواء منحة مؤسسة سعيد أو منحة تشيفننغ- ممولة بالكامل؛ تغطي أجور الدراسة والمعيشة والسفر كافة، وبذلك يمكنني التفرغ الكامل للدراسة والاستفادة القصوى من مضمون الماجستير والفريق الأكاديمي المقيم عليه.

وفي سياق آخر، تقدَّمت إلى المنحة الهنغارية، وحصلت عليها في حزيران 2021 أيضًا، ولكن؛ وجب علي التنازل عنها.

برأيك الشخصي، ما المتطلبات التي ينبغي للطالب الحصول عليها ليتقدَّم إلى منح دراسية؟ وكيف يمكن رفع احتمالية القبول؟

برأيي شخصي، المعيار الأول الذي يُقام عليه أساس المنحة اللغةُ؛ فاللغة الانكليزية أساسُ كتابة ملف التقديم ورسالة الدافع وحتى لغة المقابلات التي تجرى بها المنح، ومن أكثر الأخطاء انتشارًا إبقاءُ متطلب إتقان اللغة للنهاية عوضًا عن البداية لأنَّها -كما قلت- الأساس!

والمعيار الثاني الثقةُ العالية في الكتابة والتوجه الفكري والمقابلات؛ فذلك كله يعطي انطباعًا واضحًا عن الشخصية القيادية والهادفة والقادرة على التغيير.

والمعيار الثالث وضوحُ الهدف، فالشيء المشترك الذي وجدته لدى المقبولين هو الرؤية التي يمتلكونها عمَّا يريدون تحديدًا، ولمَ اختاروا هذا التخصص دونًا عن باقي التخصصات. 

والمعيار الرابع المرونةُ في تحديد الوجهة المستقبلية، والقاعدة هنا أن يخطط المتقدِّم -قدر الإمكان- للهدف المستقبلي الذي يريد، مع بقائه مرنًا ومدركًا ما يمكن مواجهته من صعاب وتحديات في طريق تحقيق الهدف.

وعلى نحوٍ عام، تُرفع احتمالية القبول بالتكامل في المعايير كلها، وتقليل نقاط الضعف المحتملة في ملف التقديم. 

ما النصائح التي يمكن أن توجهها إلى الراغبين في التقدُّم إلى منحتي سعيد وتشيفننغ؟ وللطلاب المتقدمين إلى المنح عمومًا؟

الرسالة هي التحضير والتخطيط المستمر. رُوِّج بكثرة للعمل بذكاء عوضًا عن العمل بجد في الفترة الأخيرة، ومن وجهة نظر شخصية أرى أنَّ عبارة "الممارس غلب الفارس" من أصدق النصائح التي وُجِّهت إلي في الماضي، ولكن؛ لا خلاف على أنَّ الجهد لا يعطي ثماره دون توجيه، ولذلك أنصح المتقدمين جميعهم أخذَ نصيحة أشخاص حاصلين على المنحة سابقًا أو بكل بساطة مشاهدة الفيديوهات على الإنترنت لأشخاص حاصلين على المنحة والاستفادة القصوى من تجاربهم.

في  أثناء التقدُّم لمنحة سعيد وتشيفننغ وعند اختيار البرامج الدراسية الثلاثة، في حال وجد الطالب خيارًا واحدًا مناسبًا له، ماذا تنصح بالنسبة إلى الخيارَين المتبقيين؟

يمكن القول إنَّ هذا ما حدث لي تمامًا، فأنا وجدت البرنامج المناسب ولم أرد غيره؛ ولذلك تقدمت إلى أقرب البرامج إليه من جامعات أخرى، وفي مقالات الحديث عن اختيار البرامج ركزت على نحوٍ شبه كامل على الحديث عن البرنامج الأول وعلى نحوٍ تقريبي وجانبي عن البرنامجين الاثنين المتبقيين. وفي مرحلة المقابلات كان الحديث والربط كاملًا عن البرنامج الأول، ولم أذكر باقي البرامج.

متى تؤمِّن قبول الجامعات المختارة ضمن ملف التقديم، وما نصائحك عن اختيار الجامعات والتخصصات؟

تقدَّمت بالطلب وترشحت إلى المقابلة وأجريتها ولم يكن لدي قبول جامعي، بل رقم طلب قبول جامعي؛ أي ما يثبت أنِّي تقدمت إلى البرنامج المعين فعلًا، ولكنَّني لم أحصل على القبول إلا لشهر أيار (مايو) 2021.

بالنسبة إلى نصائح اختيار الجامعات والتخصصات؛ فالمعيار الأول اختيارُ الاختصاص بعناية؛ إذ إنَّ المتقدِّم سيبني قصته كاملة على ربط الاختصاص بإمكانياته العلمية والعملية والتطوعية كلها، وما يعود بفائدة لبلده الأصلية أيضًا؛ ولذلك فالنصيحة هي الدخول إلى موقع المنحة واختيار الاختصاص المناسب من الجامعات الشريكة بعد القراءة الوافية والشاملة للبرنامج ككل ولمواده بالتفصيل.

من شروط التقدُّم امتلاك خبرة عمل، فهل هناك ما يستعيض عن الخبرة المهنية (مثل إسهامات أكاديمية أو غيرها)؟

الحقيقة أنَّه لا يوجد ما يمكن الاستيعاض به عن الخبرة العملية؛ لأنَّه هناك -ببساطة- متطلبًا رئيسًا من متطلبات منحة تشيفننغ، وهو تحقيق ما لا يقل عن 2800 ساعة عمل. لا أعلم بالضبط إذا ما كان بالإمكان الاستعاضة عن الخبرة العملية بحالات قصوى يُثبت فيها المتقدِّم بإسهامات أكاديمية، ولكن لا أعرف أحدًا حصل على المنحة دون خبرة عملية ولو بسيطة. 

هل تُدمَج منحتا سعيد وتشيفننغ إذا قُبِل الطالب بهما معًا؟ وكيف يحصل ذلك تحديدًا؟

نعم، تدمج المنحتان إذا حصل عليهما الطالب معًا في العام نفسه، ويحصل ذلك عن طريق التقدُّم إلى كل منحة على حدة، وعند القبول تُجمع المنحتان عن طريق اتفاقية التعاون بين المنحتين.

ما أهم النقاط الواجب ذكرها في أسئلة ملف التقديم؟

اللغة الإنكليزية السليمة، وكتابة المقالات على النحو الصحيح، ويمكن تعلم هذا من الإنترنت، وكتابة المقالات على نحو سليم، واستخدام تقنيات كتابة محددة مثل؛ CAR Technique أو STAR Technique، ويجب إظهار الترابط بين المقالات جميعها للوصول إلى غاية محددة أيضًا؛ أي وضع هدف محدد ورؤية واضحة، إلى جانب ذكر الدافع الشخصي والمحلي والإقليمي وربما العالمي للرسالة التي ستؤديها عن طريق دراسة البرنامج. وفي النهاية، استخدام لغة منطقية علمية واضحة هادفة ومحددة، وعدم استخدام اللغة العاطفية على الإطلاق! 

ما المواضيع التي يمكن أن يُسأل عنها في المقابلة؟ وكيف تنصح بالتحضير للمقابلة؟

المواضيع هي نفسها المواضيع الموجودة في ملف التقديم، ويوجد ما يسمى بالــ Follow-up Questions أيضًا؛ وهي أسئلة إضافية إلى الأسئلة المعروفة، والهدف الرئيس منها معرفةُ صدق كتابة المتقدِّم لمقالاته ودافعه؛ ولذلك أنصح بالتحضير على نحو شبه يومي بعد ترشيح المتقدِّم للمقابلة وأن يكون صادقًا في ملفه، وأن يتوقع قدر الإمكان الأسئلة الإضافية التي يمكن أن تُطرح. بالإضافة إلى أنَّه في وقت المقابلة يُعطى المتقدِّم بضع دقائق للتفكير بإجابة الأسئلة الإضافية؛ ولهذا، فالتحضير الجيد للمقابلة، وفَهْم كل كلمة كُتبت تغني عن التفكير المطول بالإجابة؛ وبذلك يمكن استغلال كل ثانية من وقت المقابلة في إبراز الإمكانات والشخصية التي يمتلكها المتقدِّم.

كيف تعاملت مع متطلبات اللغة الإنجليزية للجامعات والمنحة؟

ألغت منحة تشيفننغ متطلب اللغة من ملف التقديم، وبهذا فهي تكتفي بورقة القبول غير المشروط من الجامعة عادةً، أما بالنسبة إلى منحة مؤسسة سعيد فتتطلب شهادة اللغة الإنكليزية في ملف التقديم، ولكن؛ نظرًا إلى الظروف الخاصة السنة الماضية، قُبلت ورقة القبول غير المشروط من الجامعة، ولكن؛ لا يمكن الاعتماد على الظروف الخاصة في السنين القادمة. وبالنسبة إلي، كان امتحان Duolingo English Test مقبولًا من الجامعة التي تقدَّمت إليها.

ما النصائح التي توجهها إلى الطلاب بما يخص شهادة اللغة وكيفية الحصول عليها، وهل هي عامل أساسي للتقديم على منح دراسية؟

يمكن إيجاد بعض المنح التي لا تتطلب شهادة لغة رسمية. ففيما يخص النصائح عمَّا يخص كيفية الحصول عليها فالأمر يبدأ من اختيار البرنامج التي تريد الاختصاص به، ومن ثمَّ الدخول إلى موقع الجامعة، ثمَّ البرنامج وقراءة متطلبات اللغة الخاصة به. وعند معرفة خيارات شهادات اللغة تبدأ عملية التحضير للامتحان، ومن أهم عمليات التحضير الممارسةُ اليومية للغة. شخصيًّا استخدمت تطبيق Lingbe للتواصل مع متحدثين رسميين باللغة الإنجليزية ومبتدئين أيضًا، وحتى إنشاء غرف خاصة للحديث عن مواضيع مختلفة. ويمكن في بعض الحالات الحديث مع القائمين على البرنامج بالاستعاضة عن أحد الامتحانات الرسمية بمقابلة شفهية وشهادات لغة مختلفة، ولكن؛ نادرًا ما يحدث ذلك، وكذلك لا يوجد سبب منطقي لها؛ إذ يوجد كثير من المتقدمين من الجنسية نفسها على البرنامج نفسه أو الجامعة ومع ذلك يبرزون وثائق إجادة اللغة، ولهذا لا يوجد عذر للمتقدِّم بعدم إبراز شهادة مُعترف بها.