الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا

مغالطة وأنت كذلك (You, Too)؛ ومغالطة ماذا عن؟ (Whataboutism)

إنَّ عبارات من قبيل (ولكنك تفعل ذلك أيضًا)، أو (اللي بيتو من زجاج ما بيرمي الناس بحجار)، أو (انظر من الذي يتكلم) تدل على اتهام موجه إلى نفاق الشخص، وهي تقنية مُستخدمة في ظروف محددة كأن تواجه خصمك بفعله شيئًا ينافي آراءه؛ أي بدلاً من تقديم حجة للدفاع عن صواب موقفك، ترمي الطرف الآخر بسهام الاتهام في وجهه ببساطة "لقد فعلت ذلك أيضًا"، ولكنَّ هذه الطريقة في الإجابة لا تجعل الأمر يبدو صائبًا (1)، وبذلك فهي مغالطة منطقية تُدعى وأنت كذلك (You, too) باللاتينية (Tu quoque)، وهي واحدة من مغالطات الشخصنة (Ad Hominem)، والشخصنة حجةٌ فاسدة تدعو إلى التشكيك في شخصية الشخص ومصداقيته وجدارته بالثقة بمناشدة بعض الجوانب السلبية للشخص على نحو مباشر أو غير مباشر عن طريق تقديم بعض الادعاءات السلبية عن علاقات الشخص؛ أفعاله الماضية أو الحالية والتزاماته ووجهات نظره أو أكثر من ذلك (2)، أما مغالطة وأنت كذلك (You, too) فهي بدلًا من أن تقيِّم الأدلة والأسباب، تذهب إلى النظر إلى سلوك الشخص ومدى توافقه مع آرائه؛ لذا، فقولك (أنت منافق إذًا أنت مخطئ) خاطئ منطقيًّا (3).

مثال للتمييز بينهما: صاحب شركة معينة يروِّج في إحدى الجامعات عن الجمعيات الخيرية التابعة لشركته، فيدَّعي أحد الطلاب أنَّ هذه الشركة تبيع الأسلحة للبلدان الثانية، وتساهم بذلك في أعمال تخريبية (مغالطة الشخصنة)، فيجيبه الرجل أنَّ شركته تموِّل الجامعة التي يدرس الطالب على حسابها، ومن ثمَّ فهو كذلك مساهم في هذه الأعمال (مغالطة وأنت كذلك) (2).

وإنَّ مغالطة وأنت كذلك مُغالطةٌ مُخادِعة؛ لأنَّه -بغض النظر عن أنَّ نفاق الشخص قد يكون مرفوضًا أخلاقيًّا- لا علاقة له بصحة الادعاء الذي يدافع عنه أو دحضه؛ فالأفكار تُقيَّم لذاتها وليس تبعًا لمن قالها (3).

مثال (1): يحذر أحد الأطباء مرضاه من التدخين ويؤكد أنَّه مضرٌّ لصحتهم، ولكنَّ هذا الطبيب نفسه يدمن التدخين.

مثال (2): قد تُقدم امرأة حجةً مقنعة تمامًا تُثبِت أنَّ الخيانة الزوجية خطأ أخلاقيًّا؛ لذا، فالإشارة إليها على أنَّها تخون زوجها أصلًا لا يؤثر في احتمالية أن يكون ادِّعائها صحيحًا أو حجتها جيدة أو يقوِّض هذه الاحتمالية.

فعندما تتهم شخصًا بالنفاق فأنت تُشير إلى الازدواجية بين أفعال الشخص وآراءه فحسب (3).

وغالبًا ما نستطيع أن نجد مغالطة وأنت كذلك "tu quoque" في النقاش السياسي، فعندما يطعن أحد الأطراف في شخصية الآخر، غالبًا ما يُرد عليه ردًا كالآتي: "وأنت أيضًا!"  

ومن المفترض أنَّ الهدف من مثل هذا الرد تشتيتُ انتباه الطرف الآخر أو محاولة لتحجيم قوة مزاعمه (2). 

ومن أنواع مغالطة وأنت كذلك التي تشير إلى نفاق الخصم هو مغالطة ماذا عن؟ (Whataboutism) وهي مهاجمة الشخص على أنَّه لم يُظهر ردة الفعل نفسها التي ظهرت في ظروف مماثلة (4)؛ مثل نقد شخص لإبداء تعاطفه لانفجار حدث في بلد معين ولكن لم يتحدث مطلقًا عن الحرائق التي حدث في بلد آخر مثلًا!

إنَّ استخدام هذه المغالطة لا يؤتي بأية نتائج في النقاشات، بل وعلى العكس نخسر الفوائد المرجوة منها لمجرد أنَّ الشخص الآخر  قد قرر شخصنة الحديث لتحويل مساره في محاولة لإضعاف حجة الشخص.

المصادر:

1. Knachel M. Fundamental methods of logic: Informal Logical Fallacies. 1st ed. Milwaukee: University of Wisconsin; 2017. p. 38. Available from: هنا

2. Wrisley G. Ad Hominem: Tu Quoque. In: Arp R, Barbone S, Bruce M, ed. by. Bad Arguments 100 of the Most Important Fallacies in Western Philosophy. 1st ed. Hoboken: Wiley Blackwell; 2019. p. 88-93. Available from: هنا

3. Foresman G, Fosl P, Watson J. The Critical Thinking Toolkit. Hoboken. Wiley Blackwell; 2017. P. 118-119. Available from:

هنا

4. Barceló Aspeitia A. Whataboutisms and Inconsistency. Argumentation. 2020;34(4):433-447. Available from: هنا