الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

كيف أحسن ذاكرتي وقدرتي على التركيز؟

ذاكرتنا هي هويتنا، فهي تضم في كنفها قصصنا وسيرنا الذاتية الداخلية، تلك التي نرويها لأنفسنا عمَّا فعلناه في حياتنا، تخبرنا مع من نتواصل، ومن الذي لمسناه خلال حياتنا. باختصار، ذكرياتنا هي جوهر هويتنا، وهذا يعني أن فقدان الذاكرة المرتبط بالعمر يمكن أن يمثل فقدانًا للذات، وأن يؤثر في الجانب العملي من حياتنا، فقد نفقد القدرة على التجول في الحي أو لا نستطيع تذكُّر كيفية الاتصال بأحد أفراد الأسرة عندما نحتاج إليهم.

وليس من المستغرب إذًا أن تكون المخاوف بشأن تدهور مهارات التفكير والذاكرة من بين أكبر المخاوف التي تنتابنا مع التقدم في السن.

 

لكن كبار السن ليسوا الوحيدين الذين يعانون من هذه المشكلة، بل أصبحنا نجدها تنتشر بكثرة بين الشباب والطلاب بنحو يؤثر في قدرتهم على تحقيق مساعيهم العلمية مقارنةً بنظرائهم، خصوصًا وأن أدمغتنا توضع تحت ضغط مهول في بعض الأوقات من حياتنا، كما في فترات الامتحانات والكم الكبير من المعلومات التي يجب أن نستوعبها ونستذكرها..

 

لماذا يمتلك بعض الناس ذاكرةً أضعف من غيرهم؟

وما الذي يجعل بعض الناس يفقدون ذاكرتهم بينما يظل آخرون حاذقين على نحو ملحوظ؟

رغم الدور الكبير للمورثات في ذلك، لكن خياراتنا تؤدي دورًا مهمًا أيضًا. 

وتشمل الطرق المؤكدة لحماية الذاكرة اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، وعدم التدخين، ومراقبة ضغط الدم والكوليسترول وسكر الدم، ومن المهم أيضًا أن نسعى لعيش حياةٍ نشطةٍ عقليًا؛ فكما تزداد قوة العضلات مع التمرين والحركة الدائمة، تساعد التمارين الذهنية أيضًا على الحفاظ على تماسك المهارات العقلية والذاكرة (1).

 أسباب ضعف التركيز

يمكن أن تؤثر العوامل الآتية في التركيز:

1- بعض الحالات الصحية: مثل الاكتئاب واضطرابات النوم (مثل انقطاع النفس النومي) التي تضعف التركيز.

2- الآثار الجانبية لبعض الأدوية: وخاصةً مضادات الكولين (مثل علاجات سلس البول أو الاكتئاب أو الحساسية) التي يمكن أن تبطئ سرعة المعالجة والقدرة على التفكير بوضوح.

3- الإفراط في شرب الكحول: إذ يؤدي إلى إعاقة التفكير ويسبب نومًا متقطعًا، مما يؤثر في التركيز.

4- الحمل الزائد للمعلومات: تبث أجهزة التلفزيون والحواسيب والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني كمًّا هائلًا من المعلومات باتجاهنا، وهذا ما قد يثقل كاهل نظام التصفية لدينا ويسهل تشتيت انتباهه (2).

أساليب تحسين الذاكرة والتركيز

1- يمكن أن تساعد قيلولة الظهيرة المنتظمة على تحسين الأداء: فقد تبين أن كبار السن الذين أخذوا قيلولةً مدتها أقل من 30 دقيقة في فترة بعد الظهر وعلى مدى أربعة أيام أسبوعيًّا قد سجلوا درجات أعلى في الاختبارات المعرفية؛ مثل الطلاقة اللفظية والذاكرة وغيرها، مقارنةً بمن أخذوا قيلولة أطول وأكثر تكرارًا.

2- التدريب المعرفي: تهدف ألعاب التدريب الإدراكي المُحوسبة إلى تحسين أزمنة الاستجابة والانتباه ومن ثم تحسين الأنشطة المعرفية في الحياة اليومية، إذ بينت الأدلة إمكانية تحسين قدرة الشخص على الانتباه عن طريق دفعه تدريجيًا إلى مستويات أعلى من الأداء (2).

3- أسلوب حياة أكثر صحة: تعزز الممارسات الصحية مثل النوم والرياضة القدرةَ على التركيزَ والانتباه، إذ توجد صلة مباشرة بين التمرين والقدرات المعرفية، نتيجة لما يسببه التمرين من زيادة في توفر المواد الكيميائية في الدماغ، مما يعزز روابط الدماغ الجديدة، ويحسن النوم الذي يساعد بدوره على الحد من هرمونات التوتر التي يمكن أن تكون ضارة لنا (2).

 

التغذية والذاكرة

تساعد بعض الأغذية على تعزيز الذاكرة والقدرة على التركيز، ومن أهمها:

1- الخضار الورقية الخضراء: مثل اللفت والسبانخ والكرنب والبروكلي، فهي غنية بالعناصر المغذية للدماغ مثل الفيتامين K واللوتين والفولات والبيتا كاروتين، وتشير الأبحاث إلى أن هذه الأطعمة النباتية قد تساعد على إبطاء التدهور المعرفي.

2- الأسماك الدهنية: فهي مصادر وفيرة لأحماض أوميغا-3؛ وهي دهون صحية غير مشبعة ترتبط مستوياتها بانخفاض مستويات الدم من بيتا أميلويد؛ وهو البروتين الذي يشكل كتلًا ضارة في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض آلزهايمر. وينصح بتناول السمك مرتين على الأقل في الأسبوع، شريطة اختيار الأنواع التي تحتوي على نسبة منخفضة من الزئبق، مثل السلمون وسمك القد والتونة الخفيفة المعلبة.

وإن لم تكن من محبي الأسماك، يمكنك استشارة الطبيب بخصوص تناول مكملات الأوميغا-3، أو اختر بعضًا من مصادرها النباتية مثل بذور الكتان والأفوكادو والجوز (3).

3- التوت: أظهرت الأبحاث أن مركبات الفلافونويد Flavonoids؛ وهي أصباغ نباتية طبيعية تمنح التوت ألوانه اللامعة، تساعد أيضًا على تحسين الذاكرة. وقد وُجد أن علامات تدهور الذاكرة قد تأخرت لدى النساء اللواتي تناولن حصتين أو أكثر من الفراولة والتوت كل أسبوع بمعدل عامين ونصف مقارنةً بغيرهن (3).

4- الجوز والمكسرات عمومًا: فهي مصادر ممتازة للبروتين والدهون الصحية، ويرتبط استهلاكه المرتفع بتحسين درجات الاختبار المعرفي، فالجوز غني بأحد أنواع الأوميغا-3 المسمى حمض ألفا لينولينيك (ALA) الذي يعمل على خفض ضغط الدم وتنظيف الشرايين، ممَّا ينعكس إيجابيًا على صحة القلب والدماغ (3).

5- الشاي والقهوة: قد يوفر الكافيين الموجود في فنجان القهوة أو الشاي الصباحي أكثر من مجرد القدرة على زيادة التركيز على المدى القصير، فقد بينت دراسةٌ منشورة عام 2014 أن المشاركين الذين تناولوا كميات أكبر من الكافيين قد أدوا أداءً أفضل في اختبارات الوظائف العقلية، وتبين بعض الأبحاث الأخرى أن الكافيين قد يساعد أيضًا على ترسيخ الذكريات الجديدة (3). لكن الكافيين سلاح ذو حدين؛ ففي حين يمنحك دفعةً من الطاقة قصيرة الأمد، لكن كثرته قد تجعلك تشعر بالتوتر والقلق.

علاوةً على ذلك، يمكن أن يسبب الكافيين اضطراباتٍ في المعدة والأرق، لذا يُنصح بالاستعاضة عنه بالحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة في الليلة السابقة لأي اختبار أو امتحان (4).

6- الماء: يجب أن نشرب ما لا يقل عن 1.5 لتر من الماء يوميًا، إذ يمكن للجفاف أن يسبب الدوار والصداع (4).

7- الكربوهيدرات: مصدر الطاقة المفضل لعقلك، ولكن جودتها هي العنصر الأهم، لذا يًنصح باختيار الحبوب الكاملة مثل خبز الحبوب الكاملة والأرز البني والكينوا والبرغل، ويمكن تضمين الخضار النشوية بصفتها جزءًا من الكربوهيدرات أيضًا، مثل البطاطا الحلوة والقرع واليقطين.

ويُنصح بتناول وجبات خفيفة تحتوي على الألياف مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات ودمجها مع أغذية غنيةٍ بالبروتين مثل المكسرات وزبدة الجوز والبذور والأجبان والألبان أو الزبادي اليوناني، والبوشار، فمن شأن ذلك ضمان إمداد الجسم بالطاقة على فتراتٍ طويلة. كذلك يُنصح بإضافة وجبةٍ خفيفةٍ عندما يكون الفاصل بين الوجبات 4 ساعاتٍ أو أكثر (4).

 

المكملات ودفعةٌ إضافيةٌ لتحسين الذاكرة

تزعم بعض الشركات أن المكملات الغذائية تستطيع تحسين الذاكرة والتركيز، وغالبًا ما نجد أن هذه المنتجات تحتوي على مزيج من مضادات الأكسدة وأحماض الأوميغا-3 التي تكثر في النظام الغذائي المتوسطي. لكن المشكلة تكمن في عدم اختبار هذه المنتجات بالدرجة الكافية، وأن معظمَ المعلومات المتوفرة عنها ليست مستندة إلى أدلة واضحة. لكن ذلك لا يعني أنها ليست فعالةً على الإطلاق، بل أنها تحتاج مزيدًا من الأدلة والأبحاث قبل اعتمادها (5).

المصادر:

1. Harvard Health: Memory [Internet]. Health.harvard.edu. 2021 [cited 21 May 2021]. Available from: هنا

 2. Tips to improve concentration - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2020 [cited 21 May 2021]. Available from: هنا

 3. Foods linked to better brain power - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2021 [cited 21 May 2021]. Available from: هنا

4. Pro-Tips: Healthy Eating During Exams [Internet]. Students.carleton.ca. 2021 [cited 21 May 2021]. Available from: هنا

5. Boost your memory by eating right - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2012 [cited 21 May 2021]. Available from: هنا