العمارة والتشييد > مواد البناء

الخيزران… قضبان التسليح الخشبية

تدفع الاتجاهاتُ العالميةُ اليوم القوى البيئية والاقتصادية العالمية نحو إفادة الكوكب عبر التركيز على الموارد الطبيعية المنتجة للأخشاب؛ كالخيزران الذي يتميز بقدرته على التجدد بصورةٍ سريعةٍ مقارنةً مع أنواع الخشب الأخرى، فأصبحت الشركات تعتمد على استخدام هذه الألياف الخشبية بصورةٍ متزايدةٍ  لمحاولة تبني العَمارة الخضراء مما يدعم نظرتهم للعَمارة الصديقة للبيئة (1).

يُقسَم الخيزران لألف نوع، وهو عشبٌ ضخمٌ ينتمي إلى عائلة الحشائش العشبية التي تتميز بطول سيقانها وطبيعتها الخشبية  التي تنمو لتعطي سيقانًا قصبيةً ذات قطرٍ واسع، وهو أحد الموارد المتجددة في مجالات البناء والتشييد والبِنية التحتية، ويُستخدَم في هياكل الأبنية السكنية وغيرها إضافةً إلى قدرةٍ عاليةٍ على تحمُّل الضغط تشابه الحديد والخَرَسانة، ويُعدُّ مادةً  ممتازةً في مواجهة اهتزازات الزلازل لأنه خفيفٌ وقويٌّ وصلبٌ ومرنٌ في الوقت نفسه (1,2).

 كانت الأعمدة والجوائز تُبنى قديمًا بقصباتٍ كاملةٍ من الخيزران، وكانت نقاط اتصال الأعمدة مع الجوائز تُربَط أو تُثبَّت بمسامير؛ أما اليوم تُدمَج الأعمدة مع الجوائز إما بألياف تقويةٍ بلاستيكيةٍ أو باعتماد قصبة خيزرانٍ واحدةٍ تُثنى لتشكِّلَ العمود والجائز معًا بهيكلٍ واحدٍ ذي شكلٍ متميز، فلا يصبح هناك فرقٌ بين العمود والجائز، فعندما يُسخَّن الخيزران يصبح ثنيه -لإعطائه شكلًا آخر- أسهل من الخشب العادي على الرغم من أنه يميل للرجوع إلى شكله الأصلي عند تحريره، ولهذا يمكن استخدام الخيزران في العديد من تطبيقات البناء والتشييد من أعمدةٍ وجوائزَ وأرضياتٍ وأسقف... (2).

 لكن على الرغم من خصائصه المميزة؛ اقتصر استخدام  الخيزران على التصميمات الداخلية بعيدًا عن العناصر الإنشائية الحاملة، ويرجع هذا لأسبابٍ عدةٍ منها: التصور المسبَق حول المادة، وقلة المعرفة بقدراتها وخصائصها، إضافةً إلى ندرة اليد العاملة الخبيرة باستخدامها، واستبعادها من أكواد البناء، وغياب الكتب المرجعية الخاصة بها بوصفها مادة بناء، إلا أن أهم سببٍ هو اعتماد أساليب البناء الحديثة على المواد المصنَّعة لسهولة التنبؤ بسلوكها بعكس المواد الطبيعية، وتكاد تكنولوجيا استخدام الخيزران تكون معدومة، في حين استمر تطور تكنولوجيا الخشب الذي بات مسيطرًا على صناعة البناء، وهذا أدى إلى حدوث تحيزٍ ضد استخدام الخيزران (2).

 بما أن الخيزران نوع من الأخشاب؛ فإنه يميل للاشتعال، إلا أنه -مثل الأخشاب- يسلك سلوكًا أفضل من الفولاذ في حال تعرضه للنار، وذلك من جهة الاحتفاظ بمقاومته للقوى لفترة أطول من الفولاذ، وعلى الرغم من أن قشرة سيقان الخيزران تفرز مادة السيليكات التي تعطيها نوعًا من التغليف الذي يجعلها غير قابلةٍ للاشتعال؛ إلا أنه غالبًا ما تُصنفَر (تُحك) لإضفاء مظهرٍ أكثر سلاسةً على العناصر الداخلية في المبنى مما يزيد من مخاطر الحريق (2).

يملك الخيزران مقطعًا عرضيًّا دائريًّا غالبًا ما يكون بقطرين؛ داخليٍّ وخارجيٍّ متغيرين، مما يعقِّد تنفيذ المفاصل بين قطع خشب الخيزران لأن عمليات الثقب المتعددة وشد البراغي يمكن أن تكون غير متطابقة، وقد تسبب تشققاتٍ في الألياف، ويمكن أن يؤدي تسخين الخيزران إلى حدوث تشققاتٍ من الصعب تجنبها إلا إذا كان العمال من ذوي المهارات والخبرة العالية (2)

من المشاريع التي اعتمدت على الخيزران بوصفها مادة بناءٍ أساسية (مطار باراخاس في مدريد - Madrid-Barajas Airport Terminal 4):

استُخدَم الخيزران في بناء (مطار باراخاس) في مدريد بإسبانيا بمساحة تبلغ 1.2 مليون مترٍ مربعٍ من تصميم "Richard Rogers Partnership and Estudio Lamela"، وتميز المشروع بقدرة استغلال إضاءةٍ عاليةٍ (1).

ويحوي المبنى موقفًا للسيارات بمساحة 310000 م2 بسعة 9000 موقف، والمبنى الرئيس المنفصل عن مواقف السيارات بساحاتٍ تعمل بوصفها محطات نقلٍ للحافلات وسيارات الأجرة والقطارات والمركبات الخاصة، ويخدم المبنى الرحلاتِ الدولية والرحلاتِ الداخلية بمساحة 500000 م2 موزعةٍ على 6 طوابق، وتحوي 174 مكتبًا لتسجيل الدخول و38 منصةً للطائرات، إضافةً إلى مبنى الأقمار الصناعية الذي يبعد 2 كم عن المبنى الرئيس (3).

من المباني الأخرى الشهيرة المبنية باستخدام الخيزران (مطعم فيدانا - Vedana Restaurant):

من تصميم "Vtn architects"، ويقع في موقعٍ إستراتيجيٍّ في فيتنام بجوار بحيرةٍ اصطناعيةٍ تعمل وكأنها مكيفٌ بهواءٍ طبيعيٍّ (4).

يمتد السقف الدائري ذي الثلاث جملونات على مساحة 1050 مترٍ مربعٍ مكوَّنٍ من سقفين على شكل حلقاتٍ وسقفٍ مُقبَّبٍ من الأعلى مفصولين بوساطة أشرطةٍ خفيفة، يبلغ أكبر نصف قطرٍ 18 مترًا بينما يبلغ ارتفاع الهيكل قرابة 16 مترًا (4).

لاشك أن هذا النوع من الأخشاب يعطي المشاريع شكلًا مميزًا، فهل تعتقد أنه يمكن أن يُعتمَد عليها بصورةٍ أكبر مع تطور أساليب استخدامها واستعمالها؟

المصادر:

1. Chele E, Ricardo M, Ana P, Teresa M. Bamboo, from Traditional Crafts to Contemporary Design and Architecture. Procedia - Social and Behavioral Sciences [Internet]. 2012 [cited 7 May 2021];51:777-781. Available from: هنا

2. Prakash S, Chand D. Bamboo Structural Technology. Encyclopedia of Renewable and Sustainable Materials [Internet]. 2020 [cited 7 May 2021];4:35-38. Available from: هنا

3. Madrid-Barajas Airport Terminal 4 / Estudio Lamela & Rogers Stirk Harbour + Partners [Internet]. ArchDaily. 2018 [cited 7 May 2021]. Available from: هنا

4. Vedana Restaurant / VTN Architects [Internet]. ArchDaily. 2020 [cited 7 May 2021]. Available from: هنا