الكيمياء والصيدلة > رحلة اكتشاف دواء

هل تساءلت يوماً كيف تُختار الأسماء التجارية للأدوية؟!

وصف تقرير صدر في عام 1999 عن معهد الطب the Institute of Medicine (IOM) أخطاء الأدوية بأنها مصدر قلق كبير للصحة العامة، فهي تتسبب بقرابة 7000 حالة وفاة في الولايات المتحدة سنويَّاً. وقد أوصى التقرير بأن تشجع هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) شركات الأدوية على اختبار الأسماء المقترحة لتحديد الخلط المحتمل بين أسماء الأدوية الموجودة ومعالجته، ويشمل هذا الأدوية التي قد تبدو متشابهة بالشكل أو اللفظ. لذلك؛ ينصبّ تركيز الـ FDA الأساسي على تطوير نهجٍ منظمٍ وموحدٍ وشفافٍ لتقييم الاسم الخاص بالدواء في أثناء عملية تطويره ومراجعته والموافقة عليه، وإيصال هذا الدليل للشركات الراعية (1).

إنّ ابتكار اسم خاص لمنتج دوائي جديد ليس بالمهمة السهلة؛ فهو ينبغي ألا يبدو مثل اسم أي دواء آخر وفقاً لتنظيمات الصحة،  ولكن؛ يمكن لذلك أن يحدث أحياناً مع وجود عشرات الآلاف من العلامات التجارية الصيدلانية. وبالنظر إلى قيود التسمية الأخرى التي تواجهها شركات الأدوية، وحقيقة أنه لا يزال هناك 26 حرفاً فقط في الأبجدية الإنكليزية؛ يصبح ابتكار اسم مميز وسهل التذكر تحديَّاً واضحاً (2).

غالباً ما تدفع شركات الأدوية للوكالات الخارجية مئات الآلاف -بل وقد تصل إلى نصف مليون دولار حتى- لتطوير اسم لمنتج ما، وتبدأ هذه العملية قبل سنوات عدة من تقديم الشركة لطلب الموافقة على بيع الدواء إلى جهة تنظيمية صحية. وعلى الرغم من كل هذا المال والجهد؛ فإن العديد من أسماء الأدوية المقترحة تُرفض من قبل الُمنظِِّمين مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA) (2).

ومن أهم القواعد العامة الضرورية في اختيار الاسم: 

  1. لا يمكن للاسم أن يبدو كاسم منتج دوائي آخر أو يشابهه؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى خطأ في وصف الدواء، وهذه مشكلة تتعلق بالسلامة.
  2. لا يمكن للاسم أن يقدم أي ادعاءات طبية أو أن يكون ترويجيَّاً على نحو مفرط.
  3. لا يمكن أن يعمل اسم الدواء على توسيع دواعي الاستعمال أو تقليل المخاطر أو الإشارة  إلى التفرد أو التفوق إشارة مضللة، على سبيل المثال؛ رفضت الـ (FDA) اسم NovoRapid (نوع من الأنسولين) لأنه يشير إلى أنه يعمل بسرعة أكبر من منافسيه؛ وقد غُيِّر الاسم إلى NovoLog.
  4. لا يمكن للاسم أن يضمن الفعالية، وهو ما يفسر عدم إمكانية بيع منتج إعادة نمو الشعر Rogaine تحت اسم Regain. 
  5. يمكن رفض الاسم لمجرد كونه خياليَّاً جدَّاً حتى (2).

ثم تأتي اعتبارات السوق؛ ففي النهاية من الضروري للاسم أن يجذب المستهلكين، ولذلك تميل شركات الأدوية إلى تفضيل الأسماء التي يسهل نطقها في العديد من اللغات، ولا تمتلك أيَّ معنى مسيء في ثقافة أخرى.

وعلى الرغم من كل هذه القيود؛ فيحاول مبتركو الأسماء استخدام أسماء ذات معنى -إلى حد ما- أيضاً (2).

وبعد دراسة ما سبق؛ فإنّ العملية تسير على النحو الآتي:

غالباً ما يعمل فريق من الشركة الدوائية ( على سبيل المثال Pfizer) مع وكالة خارجية للتوصل إلى قائمة محتملة تضم قرابة الـ 200 اسم، وتُقلَّص هذه القائمة تقليصاً كبيراً لاحقاً. وتراجع - في النهاية- إدارة الغذاء والدواء (FDA) اسماً مقترحاً واحداً فقط في المرة الواحدة، في حين تُراجِع وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) اسمَين اثنين (3).

ومن المفترض أن تمثِّل الأسماء الدواء بطريقة ما؛ فيمكن أن تتراوح بين الأفكار المجردة أو نغمة الصوت أو الصوت القوي أو اللطيف، أو يمكن أن تأخذ شكلاً أيقونيَّاً، أو يمكن أن تسمع كلمة تذكِّرك بشيء إيجابي أو بارتباط لطيف؛ مثل دواء Lyrica المستخدم لعلاج آلام الأعصاب والعضلات؛ وهو يذكِّر العقل بكلمات الأغاني lyrics أو الموسيقى، ودواء Viagra الذي يستخدم لعلاج ضعف الانتصاب؛ وهو يُشعِر بالقوة vigor والنشاط (3). إضافة إلى ذلك؛ فيمكن أن يرتبط الاسم بكلمة إيجابية مثل النصر (victory) كاسم دواء السكري Victoza، ويمكن ربطه بكلمة تدل على فعله أيضاً؛ مثل الارتفاع (levitate) كدواء Levitra الذي يعالج ضعف الانتصاب، أو أن يدل على موعد استخدامه مثل (lune) التي تعني القمر بالفرنسية؛ كدواء Lunesta المستخدم في علاج الأرق (2).

وغالباً ما توضع أحرف "X" و "Y" و "Z" في أسماء العلامات التجارية لأنها تمنح الدواء اسماً علميَّاً عالي التقنية مثل (Xanax, Xyrem, Zosyn)، وعلى العكس من ذلك؛ يُتجنَّب استخدام "H" و "J" و "W" -أحياناً- نظراً لصعوبة نطقها في بعض اللغات، أما المنتجات الصيدلانية المخصصة للنساء فيمكن أن تتضمن أحرفاً مثل  "S" أو "M" أو "L" لإضفاء صوت أكثر نعومة؛ مثل حبوب منع الحمل (Alesse, Yasmin, Seasonal). 

وقد يعكس اسم الدواء أيضاً ما إذا كان تسويقه موجه أساساً للأطباء أو لعامة الناس؛ فبالنسبة إلى عموم المستهلكين؛ يُفضَّل الاسم السهل اللفظ والتَّذكر، فيما قد يفضل الأطباء اسماً يشير إلى التركيب الكيميائي للدواء (2).

ومن المهم الإشارة إلى أن الاسم الجيد للعلامة التجارية يمكن أن يقدِّم أكثر بكثير من مجرد نقل للمنتج؛ إذ يمكن أن يعزز النقاش ويساعد في تقليل وصمة العار فيما يخص بعض الحالات الطبية؛ لأن الأسماء التي لا تبدو كأنها مواد كيميائية مخيفة لديها فرصة أكبر لدخول اللغة العامية وتحدُّث الناس عنها وعن الحالات التي تعالجها؛ سواء كان ذلك مرضاً عقليَّاً أو ضعف انتصاب أو أيَّاً من تلك الأمراض التي يُخشى الحديث عنها (2).

المصادر:

1_Best Practices in Developing Proprietary Names for Human Prescription Drug Products; Guidance for Industry [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2020 [cited 27 May 2021]. Available from: هنا

2_Collier R. The art and science of naming drugs. Canadian Medical Association Journal. 2014;186(14):1053-1053. هنا

3_Part 2: What's in a Brand Name? How Drugs Get Their Names | Pfizer [Internet]. Pfizer.com [cited 30 November 2020]. Available from: هنا