كانتور بين الرياضيات وفلسفة اللانهاية

على الرغم من أننا نعيش في عالم منته، اهتم الانسان منذ القدم باللا متناهي لأسباب عديدة وقد يكون أبرزها وأهمها شعوره بالضعف الإنساني، لعدم قدرته على فهم سلوك الأعداد غير المنتهية وإخفاقه في بلوغها مهما حاول العد، الأمر الذي دفع الإنسان القديم في وضعها في مصاف الغيبيات. نقدم صاحب الفكر الذي خرج عن ركب الرياضيين والفلاسفة في البحث واكتشاف اللا نهاية، إنه جورج كانتور.

في الثالث من آذار (مارس) من عام 1845 ولد جورج كانتور في مدينة سانت بطرسبورغ – روسيا، وكان والده بروتوستانتياً وتاجراً عالمياً ووالدته من عائلة موسيقية(1).

كان لدى جورج كانتور ميل للموسيقى والموسيقيين، إذ وصف نفسه بأنه "يميل إلى الموسيقى إلى حد ما" معرباً عن أسفه لأنّ والده لم يسمح له بأن يصبح عازف كمان(1).

بدأ كانتور دراسته الجامعية عام 1862 في زيورخ وأكملها في جامعة برلين  عام 1863 م بعد موت والده المفاجئ، إذ أصبح صديقاً لهيرمان شوارتز وحضر محاضرات واير شتراس ووكومر وكرونيكر(1).

في عام 1873م اكتشف كانتور أنه يوجد تقابل واحد إلى واحد بين مجموعة الأعداد الطبيعية ومجموعة الأعداد العادية (النسبية )الموجبة، على الرغم من أنه بين أي عددين طبيعيين متتاليين يوجد عدد لا نهائي من الكسور (2).

واجه كانتور معارضة شديدة من بعض معاصريه من الرياضيين والفلاسفة ودارسي علم اللاهوت، إذ عدّوا أعماله تحمل شكلاً من أشكال التجديف (التعرض للذات الإلهية ) (1).

في عام 1877 كتب كانتور لصديقه العالم الرياضي ريتشارد ديدكند (Dedekind Richard) رسالة يثبت فيها أن عدد نقاط قطعة مستقيمة طولها واحدة الأطوال هو نفس عدد نقاط مربع مساحته واحدة المساحات، بمعنى آخر أن البعد ليس له علاقة بقدرة المجموعة(3).

لم تكن أفكار كانتور مقبولة عند كرونيكر والرياضيين من عصره، لكنّ بعضهم أيّد ما فعله كانتور وعلى نحو كبير فقد قال العالم الرياضي هيلبرت مشيداً بأعماله :

"لن يخرجنا أحد من الجنة التي خلقها لنا كانتور" (3).

تعرض كانتور عام 1885 لانهيار عصبي نتيجة تفاعل الظروف الموضوعية التي أحاطت به مع ظروفه الذاتية التي تميزت بشخصية حساسة ومرهفة (1).

في عام 1885 نشر كانتور مقالًا ميّز فيه ثلاثة أنواع من اللانهايات:

1. اللا نهاية المطلقة.
2. اللا نهاية الفيزيائية (للعالم الفيزيائي).
3. اللا نهاية المعنية بدراسة الرياضيات (2).

على الرغم من الدعم الذي تلقاه من بعض معارفه أمثال الرياضي "هرميت"، استمرت أزمته النفسية حتى فارق الحياة عام 1918 في مدينة هيل الألمانية (1).

المصادر: