كتاب > الكتب العلمية

مراجعة كتاب (حول الزمن: ثورة اينشتاين التي لم تكتمل بعد): تأمل للزمن والكون

كتب بول تشارلز وليام ديفيز (Paul Charles William Davies)، أستاذ الفيزياء الرياضية المولود عام 1946، كتابًا لجميع المشككين بأفكار أينشتاين (1879 – 1955). (حول الزمن: ثورة أينشتاين التي لم تكتمل بعد). إنه كتابٌ مكتوب بسلاسة ومليء بالتفسيرات والتوضيحات لغير المتخصصين.

يدرك ديفيز أن معظم الناس لا يستطيعون تصديق نظرية النسبية أو فهمها، فعند العقل لا شيء يبدو أكثر وضوحًا من مرور الوقت الثابت والمنتظم. فأنت عندما تقرأ هذه الكلمات، تدق الساعة، ويصبح المستقبل المجهول حاضرًا ويختفي على الفور الماضي الذي لا يمكن الوصول إليه. تخبرنا الفطرة السليمة أن هذه هي الطريقة التي كانت دائمًا وستظل دائمًا؛ نحن لا نصنعها ولا نستطيع تغييرها.

لكن في بداية هذا القرن، اكتشف ألبرت أينشتاين أحدَ أعظم الاكتشافات في تاريخ المعرفة: الوقت نسبي. كما أوضح ديفيز أن الزمان والمكان ليسا- وفق ما أعلن إسحاق نيوتن (Isaac Newton)‏ (1642 - 1727)-  ثوابت مطلقة  لجميع المراقبين، بل هما مَرِنان وقادران على التباطؤ والانكماش وفقا لحركة المراقب. في مكان آخر يقول: "لا يوجد وقت عالمي ، ولا ساعة تراقب نبضات قلب الكون".

أصاب هذا الاكتشاف الفيزياء في صميمها وأدى إلى تفسيرات عديدةٍ محيرةٍ للعقل مثل: وجود الثقوب السوداء التي تنبأت بها نظرية أينشتاين. وتتراكم الأدلة للتحقق من تلك التنبؤات. يشرح ديفيز كل هذا بوضوح كبير. كانت هناك أيضًا عملياتُ تحققٍّ تجريبية لتباطؤ الزمن. فعلى سبيل المثال، نُقلت ساعات ذرية حساسة جدًا حول العالم على متن طائرات نفاثة، وسرعتها ضئيلة مقارنة بسرعة الضوء، ثمرتبين لهم عند عودتهم أنّ وقتهم قد تباطأ بسبب حركتهم وفق ما تنبأت نظرية أينشتاين تماما.

ترتبط نسبية الوقت أيضا بالأسئلة النهائية عن أصل الكون والانفجار العظيم الذي نتجت عنه المادة، وأدى في النهاية إلى وجودنا؛ أنا وأنت. ماذا كان هناك قبل الانفجار العظيم؟ الجواب حسب دراسة آينشتاين: لم يكن هناك شيء قبل الانفجار العظيم، فقد بدأ الوقت نفسه عند الانفجار العظيم.

يذكر ديفيز أن القديس أغسطينوس (354 - 430) سئل عما كان يفعله الإله قبل أن يخلق الكون. فأجاب: "كان يخلق الجحيم لمن يسألون مثل هذه الأسئلة". فالوقت قابل للتغيير ويرى ديفيز أن من يعتقد أن ذلك ينتهك الفطرة السليمة، يجب أن يتذكر أن الكثير من العلوم الحديثة تتطلب دحض الفطرة السليمة. 

لم يثبت  غاليليو غاليلي (1564 - 1642) Galileo Galilei، حتى القرن السادس عشر أن الأجسام الثقيلة تسقط بالسرعة نفسها التي تسقط بها الأجسام الخفيفة. حتى ذلك الحين كان الجميع يعلم بالفطرة السليمة أن الأشياء الثقيلة تسقط أسرع. والفطرة السليمة نفسها كانت قد أخبرت الجميع أن الأرض ثابتة وأن الشمس تتحرك؛ لذا كان لثورة  نيكولاس كوبرنيكوس  (1473- Nicolaus Copernicus  (1543- التي أعلن فيها أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس- تأثيرٌ عميق في فهم الناس لكل شيء تقريبًا. لقد تحدى معتقداتهم الأساسية وأفكارهم عن كيفية معرفة الأشياء.

على الرغم من صعوبة فهم ثورة آينشتاين، سيكون لها تأثير مشابه في النهاية. لا تزال الآثار الكاملة لما فعله أينشتاين غير مفهومة تمامًا لأحدٍ بمن فيهم علماء الفيزياء النظرية. على سبيل المثال لا يزال من غير الواضح إن كان السفر عبر الزمن ممكنًا. لا يبدو الأمر محتملًا، لكن لم يُستبعد وبقي احتمالًا نظريًّا. فيما يتعلق بهذه المسألة، يبدو أن تقسيمنا الوقتَ إلى ماضٍ وحاضرٍ ومستقبلٍ غير دقيق. أشار ديفيز أنه نظرًا لعدم وجود (الآن) عالميًا- لأن الوقت يتأثر بالحركة ويتأثر بالجاذبية أيضًا- يجب أن توجد الأحداث واللحظات دفعة واحدة عبر مدة زمنية. كتب أينشتاين نفسه: "التمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس سوى وهم ، ولو كان عنيدا".

يوضح ديفيز أن ما فعله أينشتاين بتغيير نظرتنا للوقت هو تغييرعميق مثل ما فعله كوبرنيكوس بالنظام الشمسي، التفكير فقط بذلك يجعل رؤوسنا تدور، ولا يزال معظم الناس لا يصدقون ذلك.

معلومات الكتاب: