الكيمياء والصيدلة > كيمياء

الأزرق المصري: أكثر من مجرد لون

سيطر اللون الأزرق على الموكب البشري في احتفالية نقل المومياوات الملكية؛ وقد بدا واضحًا في ملابس المشاركين والمشاركات ومجوهراتهم ومساحيق تجميلهم، وفي الشعار المستخدم أيضًا، فضلًا عن الإضاءة الزرقاء التي تصدَّرت مشهد تحرك الموكب.

ولكن؛ أهو مجرد لون اختير اعتباطيًّا أم أن له دلالات أخرى؟

ارتبط اللون الأزرق لدى المصريين القدماء بالسماء ونهر النيل، ورمز إلى الكون والإبداع والخصوبة؛ فكان له أهميته الخاصة، ولكنه لم يكن سهل المنال آنذاك؛ فقد كان المصدر الطبيعي الوحيد له هو اللازورد المعدني الباهظ والنادر (1).

ظهر اللون الأزرق المصري أول مرة في مصر في الألفية الثالثة قبل الميلاد، واستمرّ استخدامه أكثر من 3000 عام؛ إذ انتشر في الإمبراطورية الرومانية بأكملها (2).

استعمل اللون الأزرق المصري لتلوين تاج الملكة "نفرتيتي" الشهير وبعض أحجار معبد زوجها "أخناتون"، وكذلك البركة الشهيرة في الحديقة الجصية لقبر نيبامون المصري (3).

ويُعدّ من أوائل الأصباغ الصُّنعية، ولكن لم يُعثر على وصفة مصرية له. وفي القرن الأول قبل الميلاد؛ أشار كاتب روماني أنه يتكون من الرمل والنحاس والنترون؛ وهذا الأخير هو خليط طبيعي من مركبات الصوديوم (1,2).

يُحصَل على الصبغة الزرقاء حديثًا عن طريق تسخين خليط من أحد مركبات الكالسيوم مع مركب نحاسيّ وكوارتز أو هلامة سيليكا إلى 800-900 درجة مئوية؛ بوجود كربونات الصوديوم أو البوتاسيوم أو البوراكس (1,2).

تنصهر السيليكا لتكوين قاعدة زجاجية تُعلَّق فيها أملاح النحاس والكالسيوم، وهي مستقرَّة كيميائيًّا في كلٍّ من الظروف الحمضية والقلوية، وهذا ما يجعلها شديدة المقاومة للبهتان (3).

وجد أن اللون الأزرق المصري يظهر تألقًا استثنائيًّا في منطقة الأشعة تحت الحمراء القريبة؛ وهذا يعني أنه يمكن كشف الصباغ بسهولة عن طريق تعريض الأعمال الفنية القديمة لهذه الأشعة ودون تخريبها (1,3).

هذا التألق قويٌّ للغاية؛ إذ يمكن كشف وجود كميات صغيرة من اللون الأزرق المصري حتى وإن كان غير مرئي بالعين المجردة (1).

وللون الأزرق المصري تطبيقات مهمة أخرى، فمثلًا؛ يزيد عمر اللمعان الطويل واختراق الأشعة تحت الحمراء العميق للأنسجة البشرية إمكانيةَ الحصول على صور طبية حيوية عالية الدقة باستخدام الصباغ عاملاً للتصوير (1).

قد لا يكون المصريون القدماء قد حقَّقوا معتقداتهم بالحصول على حياة أبدية؛ لكنَّ أحد أصبغتهم الأكثر استخدامًا مازال خالدًا حتى الآن؛ ومُستخدَمًا في مجموعة متنوعة من التطبيقات العالية التقنية (4).

المصادر:

1- Brack P. Egyptian blue: more than just a colour [Internet]. Chemistry World. 2015 [cited 5 April 2021]. Available from: هنا

2- Mazzocchin GA, Rudello D, Bragato C, Agnoli F. A short note on Egyptian blue. J Cult Herit. 2004 Jan 1;5(1):129–33. هنا

3- Egyptian blue [Internet]. RSC Education. [cited 5 April 2021]. Available from: هنا.

4- Pigments through the Ages - Overview - Egyptian blue [Internet]. Webexhibits.org. [cited 5 April 2021]. Available from: هنا