منوعات علمية > سلسلة المنظمات العالمية

منظمة قرى الأطفال الدولية SOS

"في اليوم الذي نقتنعُ فيه بأنَّ جميع الأطفال في هذا العالم هم أطفالنا سيحلُّ السّلام على الأرض".

 هذا ما قاله هيرمان جماينر Hermann Gmeiner مؤسّس منظمة SOS قرى الأطفال الدولية.

ما منظمة قرى الأطفال SOS CHILDREN'S VILLAGES؟

هي منظمة غير حكومية غير ربحية، تعمل على توفير الرعاية الأسرية البديلة للأطفال واليافعين، وتساعدُهم على بناء مستقبلهم، ليصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم وتؤهلهم للحياة المستقلّة، وليكونوا أفرادًا فاعلين ضمن مجتمعاتهم، وتعمل على حماية الأسر من الانهيار وتدافع عن حقوق الأطفال أيضًا، وكل ذلك يُنجَزُ بالتعاون مع الداعمين والشركاء والمجتمعات والحكومات (1).

تُقدِّر المنظمة عدد الأطفال الأيتام بـ 140 مليون في جميع أنحاء العالم، لذا تّتخذ قرى الأطفال SOS على عاتقها حماية هؤلاء الأطفال ومنحهم أُسرًا ومستقبلًا، عن طريق الدعوة إلى كفالة طفل من أطفال القرية، وبالإسهام المباشر في تكاليف تربية الطفل الذي يُكفَل، متضمّنةً تقديم الطعام والملابس والرعاية الأبوية والصّحيّة والسّكن والتعليم ضمن بيئة أُسرية آمنة (2).

التاريخ:

أسّس الطبيب هيرمان جماينر Hermann Gmeiner أوَّل قرية للأطفال SOS في إمست Imst التابعة لولاية تيرول Tyrol الأسترالية عام 1949 بصفته عاملًا في رعاية الأطفال، وكان ذلك إبّان الحرب العالمية الثانية وبسبب ما نتج عنها من تشريدٍ وتيتُّم لآلاف الأطفال، فكان جماينر ملتزمًا بمساعدتهم ببناء أُسر محبّة ومجتمعاتٍ داعمة، وبعد ذلك؛ بفضل الدَّعم الذي تلقته هذه المبادرة من المانحين ورعاة الأطفال والشركاء والأصدقاء تنامَت تطلعات جماينر في توفير رعاية عائلية للمحرومين منها، إضافة إلى مساعدة العائلات حتى تتمكّن من رعاية أطفالها (1).

تنشط قرى الأطفال SOS في 136 دولة ومنطقة في أنحاء العالم، وتساعد مئات الآلاف من الأطفال كلَّ عام عن طريق الرعاية البديلة للأسرة، والمدارس، والمراكز الصحية، وغيرها من الأعمال المجتمعية (1).

آلية عمل SOS في حالة الأطفال غير الحاصلين على رعاية أبوية كافية:

تُعَدُّ منازلُ الرعاية البديلة للأطفال منشآتٍ لتربية اليافعين، حيث يُنشَّؤون ويُعلَّمون وتُوفَّرُ لهم ظروف الحياة الأساسية من مأوى وتعليم وحماية وطعام ولباس...إلخ، وتكون بعض المنازل مؤسساتٍ مصممة للمعيشة وتسهيل عملية التعليم، وقد تكون مدارسَ داخلية مرفقة بسكن.

وتُصنَّفُ هذه المنازل وفق معايير تناسب كلًّا من عمر الأطفال وجنسهم وقدراتهم ومدة الإقامة ومستوى الانفتاح المطلوب.

قبل نقل الطفل إلى منزل من منازل الرعاية البديلة يجب أن يحصل المركز العام للرعاية الإجتماعية على إذن من الوالدين أو تعليماتٍ من محكمة البلد لنقل الطفل إلى منزل الرعاية التّابع للـ SOS وتكليف شخص آخر به غير والديه الحقيقيَّين.

بالمقابل؛ في ظروف خاصّة عندما يكون الوالدان غير واعين عقليًّا وغير قادرين على الاعتناء بطفلهم، فإنَّ المركز العام للرعاية الاجتماعية ملزم بفصل الطفل عن أسرته دون موافقتهم، وذلك استجابةً لمصلحته الفُضلى (3).

عن الأمهات والعائلة في SOS:

تُختارُ الأم البديلة بعناية فائقة؛ كونها الشخص الرئيسي والمباشر الذي سيعتني بالطفل والبديلَ عن والديه الحقيقيَّين، إذ يحصل كل طفل على أم بديلة لرعايته، التي يجب أن تكون مدرَّبة جيدًا على رعاية الأطفال والاهتمام بتطورهم وإدارة أمورهم المنزلية.

تعيش كلُّ أم في منزل مع الأطفال الموكلين إليها، وتعمل على توفير الأمان والحب والاستقرار الذي يحتاج إليه كلّ طفل، إضافة إلى أنّها تحترم جذوره الثقافية والدينيّة.

ويعيش الفتيات والفتيان من مختلف الفئات العمرية معًا حيث يبنون وأمهم البديلة روابطَ عاطفية تجمعهم معًا بوصفهم عائلة (3).

كيف تُختارُ الأمهات البديلات؟

تبحث SOS عن النساء العازبات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 25 و40 عامًا مع حصولهنَّ على ما لا يقلّ عن ثماني إلى عشر سنوات من التَّعليم المدرسي، وتُخضعُهنَّ إلى برنامج تدريبي مكثّف (4).

وتشمل متطلبات ال SOS  أيضًا من الأمهات القدرة على تحمُّل الإجهاد، والالتزام، والاستقرار العقلي والعاطفي، والقدرة على بناء العلاقات والحفاظ عليها، إضافة الى مهارات التدريس والتدبير المنزلي (4).

أبرز إنجازات المنظمة:

في عام 2010 عقبَ الزلزال المدمّر الذي ضرب مدينة هايتي Haiti؛ حصل أكثر من 500 طفل ممن فقدوا ذويهم على منازل مؤقتة في قرى الأطفال SOS، إضافة إلى توفير الطعام للآلاف من أطفال المدينة عن طريق برنامج التغذية الطارئ لقرى الأطفال (1).

في عام  2015 في استجابةٍَ لأزمة اللاجئين قدَّمت قرى الأطفال SOS إلى أكثر من 12 دولة مساعداتٍ ميدانية للَّاجئين والأسر النازحة داخليًّا والأطفال غير المصحوبين بذويهم (1). 

جائزة هيرمان جماينر Hermann Gmeiner Award:

منذ عام 1991 تُمنَح هذه الجائزة كُلّ سنتين للأفراد المتميزين الذين اعتُنيَ بهم ضمن برنامج قرى الأطفال SOS، والذين نشأوا وتميَّزوا بإنجازاتهم وإسهاماتهم في مجتمعاتهم ليصبحوا قدوة للبالغين، وهي جائزة مفتوحة للتصويت من قبل الجمهور.

ففي عام 2018 مُنحت جائزة هيرمان جماينر لكلٍ من الطبيب الهندي مروجا سيريجير Dr Muruga Sirigere والناشطة في مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية ماريا أنجلينا Maria Anggelina؛ تقديرًا لتفانيهما في دعم مجتمعاتهم (1).

محليًّا:

تعمل جمعية SOS  قرى الأطفال في سورية منذ أكثر من 40 عامًا.

تأسّست الجمعية في سورية عام 1975، إذ افتُتحت أولُ قرية عام 1981 في دمشق، وتعمل على توفير الرعاية الأسرية الطَّويلة الأمد للأطفال الأيتام والمحرومين والمحتاجين للرعاية.

وقد تبنّت الجمعية شعار "لنمنح بيتًا دافئًا لكل طفل"؛ لتكون بذلك جمعية رائدة في تأمين الرعاية للأطفال في سورية والعالم وحمايتهم والأخذ بيدهم نحو المستقبل، وهي تُعدّ فرع من الاتحاد الدولي لقرى الأطفال في النمسا (5).

ختامًا؛ يقول أحد داعمي SOS مايك هولمز Mike Holmes: "توفّر قرى الأطفال SOS للأطفال مكانًا للّعب والضّحك والتعلّم وتكوين صداقات وإنجاز كل الأمور التي يجب على الطفل إنجازها، والأهم من ذلك أنَّ SOS تمنحهم مكانًا يوقنون فيه بأنهم ليسوا وحدَهم بعد الآن " (2).

 وتؤكد المنظمة عن طريق الرؤية الخاصّة بها أنَّه يجبُ على كلّ طفل الانتماءُ إلى عائلة يحصل من خلالها على الحب والاحترام والأمان (1).

وانطلاقًا من رؤية SOS نأمل دائمًا أن تجد مثل هذه المبادرات وغيرها دعمًا عالميًّا كبيرًا ومستمرًّا، لأنَّ خدماتها موجهةٌ إلى أكثر فئات مجتمعاتنا خصوصيةً وحساسيّة.

ولمّا كان من حق كلّ طفل النمو في بيئةٍ آمنةٍ سليمة فإنّه لا بّد من تكاتفِ جهود الجميع للعمل على جعل كل أطفال العالم يحصلون على حقوقهم كافّة وبالقدر نفسه.

المصادر:

1. Who we are [Internet]. SOS CHILDREN'S VILLAGES. [cited 15 March 2021]. Available from: هنا

2. Sponsor a Child [Internet]. Soschildrensvillages.ca. [cited 15 March 2021]. Available from: هنا

3. Lukaš M, Lenard I. SOS Children’s Friendly Community Historical Overview. In: Berbić Kolar E, Bognar B, Sablić M, Sedlić B, ed. by. Challenges in builiding child friendly communities: Proceedings of International conference Zadar 2014. Croatia: Slavonski Brod: Europe House Slavonski Brod; 2014. p. 44-55.

4. Goparaj H, Sharma R. From Social Development to Human Development: A Case of SOS Village. Vision: The Journal of Business Perspective [Internet]. 2008 [cited 15 March 2021];12(1):67-75. Available from: هنا

5. من نحن [Internet]. SOS قرى الأطفال- سوريا. [cited 15 March 2021]. Available from: هنا