الكيمياء والصيدلة > رحلة اكتشاف دواء

مأمونية لقاحات الـCOVID-19 الحاصلة على EUA

في 11 كانون الأول (ديسمبر) 2020 أصدرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أوَّل تصريحِ استخدام طارئ (Emergency Use Authorization - EUA) للقاح Pfizer-BioNTech للوقاية من الــCOVID-19، وتَبِعها بأيامٍ حصولُ لقاح Moderna على الـ EUA بهدف تعزيز الإجراءات لمكافحة هذه الجائحة، وفي 27 شباط (فبراير) 2021 حصلَ اللقاحُ الثالث للـ COVID-19 لشركة Johnson & Johnson على الموافقة ذاتها (1,2,3). ولكن؛ ماذا تعني الموافقة على الاستخدام الطارئ للقاحٍ أو دواءٍ ما؟

موافقة الاستخدام الطارئ (EUA):

هي آليةٌ تُسهّل توافر التدابير الطبية (من ضمنها اللقاحات) واستعمالها في الحالات الطارئة المُتعلقة بالصحة العامة كجائحةِ COVID-19 الحاليّة؛ بمعنىً آخر؛ فإنَّ الحصولَ على EUA يعني موافقة الـFDA على استعمالِ دواءٍ غير مُصادَقٍ عليه من قِبَلها أو استعمالِ دواء مُصادَقٍ عليه لتدبير حالاتٍ مغايرة؛ وذلك لتشخيص مرضٍ خطير أو مهدِّدٍ للحياة أو معالجته أو الوقاية منه عند عدم وجود بدائل كافية ومُتاحة ومُوافَقٍ عليها (4).

هل تُختَبر لقاحات COVID-19 اختبارًا صارمًا؟

نعم، فإنّ التجارب السريرية التي تتحرَّى لقاحات COVID-19 تتضمن عشرات الآلاف من المشاركين في الدراسة بهدف الحصول على البيانات العلمية المطلوبة من قبل الـ FDA لضمان أمان اللقاح وفعاليّته (4).

في البداية؛ يُعطَى اللقاحُ في الطور الأول من الدراسة لِمجموعةٍ صغيرة من المتطوعين الأصحاء، لتقييم أمانه عند الجرعات المتزايدة، وللحصول على معلومات أولية عن قدرة اللقاح على تحريض استجابة مناعية. وعند التأكد من عدم وجود أيّ مخاطر صحية متعلقة باللقاح في الطور الأول ننتقل إلى الطور الثاني من الدراسة، وهنا تشمل الدراسة عددًا أكبر من المتطوعين، إذ تُجرَّب جرعات مختلفة من اللقاح على مئات الأفراد الذين تختلف حالاتهم الصحية وخلفياتهم الديموغرافية. وتعطي هذه الدراسات معلوماتٍ إضافية عن أمان اللقاح ومخاطره على المدى القصير، وتتحرَّى العلاقة بين الجرعة المعطاة وردِّ الفعل المناعي الناتج عنها، وقد تعطي معلوماتٍ أولية عن فعالية اللقاح أيضًا.

أمّا في الطور الثالث من التجارب السريرية؛ فيُعطى اللقاح لآلاف المتطوعين بخلفيات ديموغرافية متنوعة، وتكون المعلومات المأخوذة مهمة جدًّا فيما يتعلق بالفعالية والأمان، إضافة إلى مقارنة ردّ الفعل المناعي الناتج عن اللقاح بالدواء الغُفل (Placebo).

ما المعلومات المطلوب تقديمها إلى FDA للحصول على EUA؟

لِتمنحَ الـ FDA موافقةَ الاستخدام الطارئ للقاحٍ ما يجبُ أن تتوافر معلومات تصنيعية كافية عنه لضمان جودته وثباته، وأن تكون الفوائد المعروفة والمحتملة له أكثرَ من المخاطر، إذ يُقَّدم الطلب بناءً على تحليل نهائي لفعالية اللقاح في الطور الثالث من التجارب السريرية (4).

أمّا ضمان السلامة فإنّ الـ FDA تطلب أن تحتوي استمارة EUA المُقدَّمة جميع المعلومات المتعلقة بأمان اللقاح التي تراكمت من طورَي الدراسة الأول والثاني، إضافة إلى تضمُّن بيانات الطور الثالث متوسطَ متابعة لمدة لا تقل عن شهرين (أي سيُتابَع نصف متلقِي اللقاح مدة شهرين على الأقل) بعد إكمال خطة التلقيح كاملةً. ومن المُطلوب أيضًا أن تُقدَّم قاعدةُ بياناتٍ توضح سلامةَ أكثر من 3000 متطوع من متلقِي اللقاح في الطور الثالث، الذين توبِعوا للتأكد من عدم حدوث أي أعراض جانبية خطيرة أو أي أعراض من نوع خاص بعد إكمال خطة التلقيح مدةَ شهر على الأقل (4).

ما خطط المراقبة المُستمرَّة للقاحات COVID-19 الحاصلة على EUA؟

يجبُ أن يُدرِج مصنّعو اللقاح في استمارة EUA الخاصة بهم خطةً للمتابعة النشطة لسلامة اللقاح؛ متضمّنةً الوفيَات بين الأفراد الذين تلقَّوا اللقاح الحاصل على EUA أو دخولهم المشفى وغيرها من التأثيرات الجانبية أو الخطيرة المهمة سريرًّيا، وذلك لإكمال المعلومات عن منافع اللقاح ومخاطره ودعم استمرار هذه الموافقة. ويجب على المُصنّعين الحاصلين على EUA أيضًا أن يكملوا التجارب السريرية للحصول على معلومات إضافية عن فعالية اللقاح وأمانه، بهدف مصادقة الـ FDA على اللقاح (ترخيصه والموافقة عليه).

تتابع الـ FDA اللقاحَ الذي أخذ الموافقة وحالةَ مُتلقّيه من خلال برامج مراقبة أمان اللقاح، التي تهدف إلى الكشف السريع عن أي مشكلات متعلقة بالسلامة (إن وُجِدت)، وتُستعمَلُ عدة أنظمة لمراقبة أمان اللقاحات المتوافرة؛ منها نظام الإبلاغ عن الأعراض الجانبية للقاحات Vaccine Adverse Event Reporting System (VAERS) (4)، الذي يُعدُّ برنامجًا وطنيًّا مشتركًا بين الـ FDA ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، يهدف إلى متابعة أي أعراض جانبية قد تترافق مع اللقاحات، ويمكن لأي فرد سواء أكانَ مريضًا أم عاملًا بالرعاية الصحية أم صيدلانيًّا أم مُصنِّعًا من مُصنِّعي اللقاح أن يرسل تقارير عن اللقاح (5).

كيف تُطوَّرُ لقاحات COVID-19 بهذه السرعة؟

قد تكون عملية تطوير لقاح أو دواء في الحالات الطارئة المُتعلقة بالصحة العامة (مثل وجود جائحة) غيرَ عادية، فمثلًا؛ في الاستجابة لوباء COVID-19؛ طُوِّرت إستراتيجية مُنسَّقة بين عدة وكالات وحكومات ومنظمات وشركات لإعطاء الأولوية للَّقاحات الواعدة وتسريع تطويرها، إضافةً إلى استثمار بعض الحكومات في التصنيع على مسؤوليتها الخاصة، للسماح بتوزيع اللقاح النهائي على نحوٍ أسرع. ومع ذلك؛ فإنَّ الجهود المبذولة لتسريع تطوير اللقاح للتصدّي لوباء COVID-19 لم تُضحِّ بالمعايير العلمية أو بنزاهة عمليةِ مراجعة اللقاح أو أمانه (4).

المصادر:

1- Pfizer-BioNTech COVID-19 Vaccine [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2021 [cited 17 March 2021]. Available from: هنا

2- FDA Takes Additional Action in Fight Against COVID-19 By Issuing Emergency Use Authorization for Second COVID-19 Vaccine [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2020 [cited 17 March 2021]. Available from: هنا

3- FDA Issues Emergency Use Authorization for Third COVID-19 Vaccine [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2021 [cited 18 March 2021]. Available from: هنا

4- Emergency Use Authorization for Vaccines Explained [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2020 [cited 17 March 2021]. Available from: هنا

5- Vaccine Adverse Events [Internet]. U.S. Food and Drug Administration. 2021 [cited 17 March 2021]. Available from: هنا