الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

تغذية مرضى الانسداد الرئوي المزمن (COPD)

يؤثر مرض الانسداد الرئوي المزمن Chronic obstructive pulmonary disease (COPD) بالمقام الأول في الرئتين بسبب الالتهاب المزمن والأعراض المصاحبة للمرض، وهناك عديد من التأثيرات خارج الرئة التي تشمل التكيفات الجسدية والتمثيل الغذائي المعقدة (1).

ويتطور مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) عندما تتلف الرئتين من التدخين وأحيانًا من التعرض الشديد للتلوث أو المواد الكيميائية أو الغبار وتؤدي الجينات دورًا في التطور المرضي (2) أيضًا، إذ يتسبب هذا المرض في انسداد المسالك الهوائية جزئيًّا، مما يجعل التنفس صعبًا للغاية، ولا يمكن عكس الضرر الذي يسببه، ولا يوجد علاج له حتى لكن يمكنك أداء عديد من الخطوات لإبطاء تقدمه والعيش حياة أطول بجودة أعلى (3).

إلى جانب ضيق التنفس -غالبًا مع ممارسة النشاط- فإن أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن الأخرى التي قد تتطلب زيارة الطبيب هي السعال أو الأزيز أو المخاط الزائد أو ضيق الصدر الذي لا يختفي، لأن الأعراض تتطور تدريجيًّا، وإدارة مرض الانسداد الرئوي المزمن تبدأ بخطوات بسيطة، كممارسة الرياضة والالتزام بنظام غذائي  للسيطرة على المرض، ولكن أفضل وأهم خطوة يجب اتخاذها بدايةً هي الإقلاع عن التدخين (1-3).

لماذا النظام الغذائي بالغ الأهمية لمصابي هذا المرض؟

تحرق العضلات المسؤولة عن الوظيفة التنفسية للشخص المصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن 10 أضعاف السعرات الحرارية مقارنةً بالأشخاص الآخرين، لذلك لأولئك الذين يعيشون مع المرض فإن الحصول على سعرات حرارية كافية أمر مهم لتأمين احتياجات الطاقة اليومية ومنع تفاقم الحالة المرضية والحفاظ على قوة عضلات التنفس ويمكن أن تساعد التمارين، بما في ذلك تمارين التنفس، في ذلك. 

وعلى الرغم من أنه قد يكون من غير المنطقي فعل شيء قد يسبب بعض ضيق التنفس لكن من فوائد التمرين السليم والملائم لشخص مصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن أنه: يحسن مدى جودة استخدام الجسم للأكسجين، ويحسن التنفس ويقلل من الأعراض المرافقة للمرض، ويقوي القلب، ويخفض ضغط الدم ، ويحسن الدورة الدموية، مما يمكنك أن تكون أكثر نشاطًا (2).

وكما ذكرنا سابقًا يؤثر مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)  بالمقام الأول في الرئتين ولكن بسبب الالتهاب المزمن المصاحب والأعراض المصاحبة للمرض، هناك عديد من التأثيرات خارج الرئة التي تشمل التكيفات الجسدية والتمثيل الغذائي المعقد، وقد ارتبطت هذه التغييرات بانخفاض القدرة على ممارسة الرياضة، وزيادة المتطلبات الغذائية، وتناقص المدخول الغذائي (1).

ونتيجة لذلك، فإن النضوب الغذائي في مرض الانسداد الرئوي المزمن المتعدد الأوجه ويمكن أن يشمل اختلالات في الطاقة (فقدان الوزن)، وضمور اللحم Sarcopenia، وفترات من الالتهاب المتزايد تزايدًا ملحوظًا والدنف الرئوي Pulmonary Cachexia مما قد يزيد الخسائر الغذائية. 

نتيجة لذلك، يمكن أن يحدث استنفاد كل من كتلة الدهون والكتلة العضلية الخالية من الدهون (1).

هذه التغيرات الجسدية والفيزيولوجية المرضية تؤثر سلبًا على الحالة التغذوية، إضافة إلى ذلك فإن سوء التغذية يؤدي إلى تسريع تدهور وظائف الجهاز التنفسي، مما يتسبب في فقدان أنسجة الرئة وكذلك تقليل حجم وانقباض العضلات المرتبطة بالتنفس، مثل الحجاب الحاجز.

في حالة وجود سوء التغذية، تصبح عضلات الجهاز التنفسي أضعف وتتعب في وقت مبكر (1).

فوائد التدخل الغذائي:

لوحظ أن التدخل الغذائي لدى مرضى الانسداد الرؤي أظهر تحسينات في قوة العضلات التنفسية (الشهيق والزفير) وقوة العضلات غير التنفسية (قبضة اليد وعضلات الفخذ) بزيادة في وزن الجسم بأكثر من 2 كغ (2.1 - 3.1 كغ). 

ومن المثير للاهتمام، أن هذه الزيادة في الوزن (أكثر من 2 كغ على مدى 8 أسابيع) عند مرضى الانسداد الرئوي المزمن ارتبط بتحسين احتمالية البقاء على قيد الحياة في 4 سنوات (1). 

لذلك ففي حالة المرضى الذين يعانون مرض الانسداد الرئوي المزمن الذين يُشخصون على أنهم يعانون من سوء التغذية، يجب أن يكون الهدف العلاجي للدعم الغذائي هو زيادة الوزن بما لا يقل عن 2 كغ التي يمكن تأمينها بأهداف غذائية لا تقل عن 45 كيلو كالوري / كغ من وزن الجسم / يوم و 1.2 غرام بروتين / كغ من وزن الجسم / يوم (1).

ونظرًا لتعقيد الخلل التغذوي والوظيفي الذي يعانيه المرضى المصابون بمرض الانسداد الرئوي المزمن، هناك حاجة إلى تدخلات مستقبلية للنظر إلى ما هو أبعد من اختلال توازن الطاقة وحده لأنه من غير المحتمل أن يستجيب مرض متعدد الأنظمة للتدخلات أحادية الوسائط (أي التغذية أو التمارين أو علم العقاقير) دون البقية.

أهم المركبات والعناصر الغذائية: 

أهم المركبات والعناصر الغذائية التي ينصح بها لهذا المرض (3):

- الفيتامينات: إذ أثبتت الأدلة على أن الإجهاد التأكسدي يؤدي دورًا مهمًّا في مرض الانسداد الرئوي المزمن داخل الرئتين وأنسجة الجسم الأخرى (مثل العضلات الهيكلية والكبد). 

عديد من الفيتامينات قادرة على ممارسة تأثيرات قوية مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة، مثل الفيتامينات A و C و E ، التي من المحتمل أن تكون وقائية في تطور المرض وتُؤخذ هذه الفيتامينات بناءً على نصائح الطبيب.

- المغنيزيوم: ودوره الوقائي من الالتهاب وتضييق الشعب الهوائية.

- الحبوب الكاملة ذات المحتوى العالي من الألياف: على أنها غنية بالأحماض الفينولية والفلافونويد وحمض الفيتيك وفيتامين E والسلينيوم والأحماض الدهنية الأساسية التي تمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، إذ وجد أن زيادة استهلاك الألياف بقرابة 40% قلل من خطر تفاقم مرض الانسداد الرئوي.

- القهوة: تشير النتائج المستخلصة إلى وجود علاقة بين تناول القهوة بانتظام (غير منزوعة الكافيين) وتحسين وظائف الرئة وانخفاض معدل الوفيات من أمراض الجهاز التنفسي عمومًا، فيُعدُّ الكافيين (موسع قصبي، مضاد للالتهابات) والبوليفينول (مضاد للأكسدة، مضاد للالتهابات). 

- الأوميغا 3 حمض اللينولينيك، والأوميغا 6 حمض اللينوليك: أظهرت عديد من التجارب السريرية الأثر الفعال للأوميغا 3 في مقاومة الالتهاب وتعزيز الشفاء وذلك في أمراض القلب والسكري والسرطان والتهاب المفاصل، على العكس تمامًا امتلك الأوميغا 6 أثر مشجع للالتهابات وذلك لأن استقلابه الطويل في الجسم ينتج مواد مثل الثرموبوكسان والبروستاغلاندين والليوكوترين، التي تعد وسطاء أكثر فاعلية للالتهاب والتخثر وتضيق الأوعية الدموية، وتُعدُّ الأسماك البحرية مصدرًا ممتازًا للأوميغا 3.

- تجنب اللحوم الحمراء: إضافة لمحتواها العالي من الكوليسترول والأحماض الدهنية المشبعة والنتريت الذي يضاف كمادة حافظة، أثبتت الدراسات أن الاستهلاك المرتفع للحوم الحمراء يزيد من مضاعفات مرض الانسداد الرئوي المزمن خاصة عند زيادة استهلاكها  (> 75-785.5 غ / أسبوع).

- الأحماض الأمينية الأساسية:  تؤدي الأحماض الأمينية دورًا رئيسيًّا في تغذية هؤلاء المرضى فهي اللبنات الأساسية للبروتين وقد وجدت عديدًا من الدراسات أن الأحماض الأمينية في البلازما تنخفض في مرضى الانسداد الرئوي المزمن الذين يعانون من انخفاض وزن الجسم أو كتلة العضلات المستنفدة، مثل حمض الليوسين Leucine.

أهم النصائح التغذوية للمرضى المصابين بالانسداد الرئوي المزمن:

إذا أردنا تلخيص بعض النصائح الغذائية فستكون كالآتي (4):

- كثرة الأكل الصحي: إن الوجبات الصحية الصغيرة المتكررة قد تساعدك في الحصول على سعرات حرارية أكثر من تناولك لوجبة أو وجبتين كبيرتين في اليوم، وذلك لأن الوجبات الكبيرة قد تجعلك تشعر بالشبع، مما يمكن أن يجعل التنفس أكثر صعوبة.

- امزج مصادر البروتين الطبيعية: إن الأطعمة الغنية بالبروتين مثل المكسرات والبيض تساعد في بناء كتلة العضلات التي تفقدها عند خسارة الوزن. ضع حفنة من اللوز أو الجوز في اللبن (الزبادي) لتناول الإفطار أو كوجبة خفيفة.

- أضف المزيد من الدهون الصحية إلى وجبتك: قد تساعدك الدهون على التنفس بسهولة لأنها تنتج كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون التي تخرجها كفضلات عندما تهضم الطعام.

- اشرب العصير: اشترِ لبن الزبادي وعصائر الفاكهة أو اصنعها بنفسك للحصول على علاج حلو غني بالبروتينات والفيتامينات والكالسيوم والسعرات الحرارية. 

يُعد كوب من الحليب والثلج والتوت المجمد أواللبن الزبادي العادي أو اليوناني خيارًا ممتازًا.

- تناول الفاكهة: غنية بالسعرات الحرارية والألياف والفيتامينات، اختر أي شيء في الموسم للحصول على أفضل نكهة، تحتوي الفاكهة المجففة على كمية أقل من الماء، لذا يمكنك الحصول على كمية عناصر مغذية أكبر في كل قضمة.

- تناول زبدة الفول السوداني: طريقة صحية لإضافة السعرات الحرارية والبروتين إلى نظامك الغذائي. أدهن زبدة الفول السوداني على شرائح التفاح الطازجة أو البسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة، واستمتع بكوب من الحليب.

- إن المشروبات السريعة والسهلة غنية بالبروتين والكالسيوم، وقد تساعدك في الحفاظ على وزنك مرتفعًا، وتحدث إلى طبيبك أو اختصاصي التغذية قبل شراء أي مكمل أو مشروب، إذ إن بعضها يشبه الحلوى حقًّا، يحتوي على سكر أكثر من العناصر الغذائية.

وتذكر، لا يوجد نظام غذائي واحد محدد على أنه حبة سحرية لصحة الجهاز التنفسي، بل يجب عليك أن تتناول حمية صحية تحتوي كل المجموعات الغذائية، بما في ذلك الفواكه والخضروات والأسماك ومنتجات الحبوب الكاملة التي تساهم في المكونات الغذائية الأساسية، مثل مضادات الأكسدة والفيتامينات والألياف والأحماض الدهنية غير المشبعة، هذه الأنماط الغذائية الموثقة بكونها مفيدة لوظيفة الرئة .

المصادر:

1. Collins P, Yang I, Chang Y, Vaughan A. Nutritional support in chronic obstructive pulmonary disease (COPD): an evidence update. Journal of Thoracic Disease. 2019;11(S17):S2230-S2237. هنا

2. Living With COPD: About Treatments, Exercise, and Diet [Internet]. WebMD. [cited 5 January 2021]. Available from: هنا

3. Scoditti E, Massaro M, Garbarino S, Toraldo D. Role of Diet in Chronic Obstructive Pulmonary Disease  Prevention and Treatment. Nutrients. 2019;11(6):1357. هنا

4. COPD: Ways to Avoid Weight Loss [Internet]. WebMD. [cited 5 January 2021]. Available from: هنا