الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

جبن الموزاريلا، الجبن العالمية

على مدى عدة آلاف من السنين، تطورت صناعة الجبن حتى أصبحت علمًا قائمًا بحد ذاته، وازدادت أصناف الجبن لتلائم الظروف والمتطلبات المتنوعة، إذ تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 2000 نوع ولا تزال القائمة في تزايد، ومن الممكن تصنيف الأجبان تصنيفًا أساسيًّا على أنها صلبة أو طرية (1).

جبن الموزاريلا (موتساريلا) Mozzarella من الأجبان البيضاء الطرية soft cheese ذات الخثرة الخيطية pasta filata أو المطاطية (1)، يشير اسم pasta filata إلى الأجبان المصنعة بطريقة معينة باستخدام الماء السّاخن للحصول على القوام الليفي وخاصية القابلية للذوبان (2). 

تتميز الموزاريلا بأنها ذات سطح أملس وناعم تتمدّد عند تعرضها للحرارة، وقليلة الملح وذات لون أبيض نقي (3).

 

نشأت الموزاريلا في إيطاليا، وعلى الرغم من ذلك تعد الولايات المتحدة المنتج الرئيسي لها منذ أن أحضرها إلى الولايات المتحدة المهاجرون الإيطاليون (1)، ويتزايد إنتاج الموزاريلا واستهلاكها في أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا وأجزاء من آسيا، وتُستهلك استهلاكًا كبيرًا على نطاق عالمي، ويرجع ذلك إلى الزيادة غير العادية في استهلاك البيتزا والأطعمة المماثلة.

أكثر من 75% من الموزاريلا المنتجة في الولايات المتحدة عام 1986 كانت تستخدم مكونًا للبيتزا، وتستمر النسبة في الزيادة مع توسع صناعة البيتزا (2)، ويمكن القول إن هذا النمو العالمي الملحوظ في الطلب على هذا الجبن بالذات غير مسبوق في تاريخ صناعة الجبن الذي يبلغ 10000 عام، فلم يسبق أن كان هناك طلبٌ على صنفٍ واحدٍ من الجبن بهذه السرعة مؤديًا بذلك إلى مثل هذا التوسع السريع والتحول التكنولوجي في الصناعة كما حدث مع جبنة الموزاريلا في أواخر القرن العشرين (4).

 

كيف تصنع الموزاريلا:

تُصنع الموزاريلا تقليديًّا من حليب الجاموس الخام عن طريق إضافة (بادئ مصل اللبن الطبيعي) للحليب ويمكن الحصول عليه من تصنيع اليوم السّابق، لتتشكل بعد فترة من الزمن وعند حرارة معينة ما يعرف بخثرة الجبن، بعد وصولها إلى قيم Ph  درجة حموضة (4.9 -5.1)  توضع الخثرة أولًا في ماء مغلي ويجري شدها وتمديدها وتشكيلها يدويًّا ثم توضع بعد التشكيل فورًا في الماء البارد لتتصلب وتأخذ شكلها الأولِي، وبعد ذلك تُغمَر بمحلول ملحي لتُملَّح (5).

تأتي أهمية وظيفة البادئ التقليدي في ضمان التحميض السريع للخثرة في أثناء التمدد في الماء الساخن مما يعطي الجبن النهائي خواصه المطاطية المميزة، ويكون هذا البادئ التقليدي معقدًا ومتغيرًا بحسب الظروف البيئة وظروف التصنيع، وتعد بكتيريا حمض اللاكتيك والخمائر المكونات الرئيسية في بادئ مصل اللّبن. زمن ناحية أخرى، يُنتَج جبن الموزاريلا من حليب البقر أيضًا، وتُعد الأرخص والأكثر انتشارًا، وتمر بمراحل التصنيع التقليدي نفسها، لكن هنا يُستخدَم البادئ التجاري (المنفح)، ومع تطور الصناعات الغذائية وتطور علم كيمياء الأغذية وُجدت طرائق متنوعة لتطوير صناعة الموزاريلا منها التحميض المباشر، وهي تقنية جديدة في التصنيع تجري إضافة حمض الستريك أو أحماض أخرى مشابهة بمعيار وزمن محددين خلال التصنيع، اختصرت هذه الطريقة الحديثة وقت التصنيع وأطالت فترة الحفظ وخفضت من تكاليف التصنيع، ويمكن التحكم بها  في درجة الحموضة (5).

 

في إيطاليا موزاريلا حليب البقر التقليدي يحتوي على نسبة عالية من الرطوبة (55 إلى 62٪) ونسبة عالية من الدهون (أكثر من 44٪  أساس المادة الجافة) قوامها ناعم وتستهلك فورًا بوصفها جبنًا طازجة، وغالبًا ما تُخزَّن في عبوات تحتوي على مصل اللبن المخفف للحفاظ على قوامها.

في المقابل، فإن جبن الموزاريلا الذي يُصنَّع في الولايات المتحدة مكونًا للبيتزا يحتوي عمومًا على نسبة رطوبة ودهون أقل وقوامها جاف نسبيًّا وأكثر صلابة (2). 

بناء على ذلك جرى التفريق بين جبن الموزاريلا العادي وجبن الموزاريلا المخصص للبيتزا من حيث رطوبة الجبن، فيجب أن تبلغ الرطوبة في الموزاريلا العادية قرابة 60%، بينما في موزاريلا البيتزا يجب ألا تتجاوز الـ54%، وقد صُنِّفت جبن الموزاريلا بناء على محتوى الرطوبة ومحتوى الدهن إلى أربعة انواع مبينة في الجدول الآتي(3):

تتأثر الخصائص النهائية لجبن الموزاريلا بعديد من العوامل مثل نوع الحليب، نوع البادئ، زمن التخثر، عملية التسخين وفقد الماء من الخثرة خلال التسخين، وعملية التمديد والتشكيل، كذلك عملية التمليح والحفظ التي لها دور كبير في تحديد خصائص المنتج النهائي من حيث التمدُّد والطراوة والنكهة (2).

 

هل تُعدُّ الموزاريلا مفيدة؟

تحتوي الموزاريلا عمومًا على نسبة منخفضة من الصوديوم والسعرات الحرارية مقارنة بمعظم أنواع الجبن الأخرى، وتحتوي أونصة واحدة (28 غ) من جبن الموزاريلا كامل الدسم على 72 سعرة حرارية ، 6.88غ بروتين، 4.5غ دهون، 1غ من الكربوهيدرات، 138ملغ من الصوديوم، و 143ملغ من الكالسيوم (6)، وتحتوي الموزاريلا على بعض سلالات البروبيوتيك أيضًا، وتظهر الدراسات على الحيوانات وعلى البشر أن هذه البكتريا النافعة قد تحسن صحة الأمعاء وتعزز المناعة وتحارب الالتهابات في الجسم (7).

تُعدُّ الموزاريلا من الأجبان المفيدة ما دامت تُؤكل باعتدال فهي تحوي نسبًا جيدة من الكالسيوم والبروتينات والفيتامينات وأحماض الأوميغا الدّهنيّة لكن يحتوي الجبن على نسبة عالية من الدهون ولا يزال بعض الخبراء ينصحون بالحد من تناول الدهون المشبعة. 

كذلك لا يحتوي الجبن عمومًا على الألياف وقد يؤدي الإفراط في تناوله إلى الإمساك، في النهاية من غير المحتمل أن يسبب تناول وجبة خفيفة من الجبن أو تناول قليل من الفتات مع السلطة أو رشها فوق الخضار أو في البيتزا أي مشكلات إلا مع الأشخاص الذين يعانون حساسية تجاه الجبن أو حساسية الكازين أو اللاكتوز، في بعض مناطق العالم حيث يعيش الناس لأعمار طويلة والمعروفة باسم "المناطق الزرقاء"  يأكلون كميات صغيرة من منتجات الألبان كاملة الدسم بما في ذلك الجبن وكميات كبيرة من الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون والمأكولات البحرية (6). 

ففي الختام، الاعتدال والتنوع الغذائي هو الأساس في الصحة الجيدة.

تعديل الصورة: مهند خالد

المصادر:

1- Mijan M, Haque M, Habib M, Wadud M. Evaluation of quality of mozzarella cheese. Bangladesh Veterinarian. 1970;27(1):36-42. هنا

2- Kindstedt P.S, Fox P.F. Effect of manufacturing factors, composition, and proteolysis on the functional characteristics of mozzarella cheese. Critical Reviews in Food Science and Nutrition. 1993;33(2):167-187. Available from: هنا

3-Jana A.H, Mandal P.K. Manufacturing and Quality of Mozzarella Cheese: A Review. International Journal of Dairy Science. 2011;6(4):199-226. هنا

4- Kindstedt P.S. Symposium review: The Mozzarella/pasta filata years: A tribute to David M. Barbano. Journal of Dairy Science. 2019;102(11):10670-10676. هنا

5- Pisano M.B, Scano P, Murgia A, Cosentino S, Caboni P. Metabolomics and microbiological profile of Italian mozzarella cheese produced with buffalo and cow milk. Food Chemistry. 2016;192:618-624. هنا

6-  Cheese, mozzarella, part skim milk [Internet]. U.S. DEPARTMENT OF AGRICULTURE. [cited 1 February 2021]. Available from: هنا

7- Lordan R, Tsoupras A, Mitra B, Zabetakis I. Dairy Fats and Cardiovascular Disease: Do We Really Need to Be Concerned?. Foods. 2018;7(3):29. هنا