البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

مورثات مزارعي الهلال الخصيب الأوائل تميط اللثام عن انتشار الزراعة إلى أوروبا

دائماً كان هالسؤال مطروح: بيعرفوا العلماء انو المجتمعات المستقرة والمعتمدة على الزراعة ظهرت بالبداية بالشرق الأوسط، وبمرحلة لاحقة انتشرت فكرة الزراعة لأوروبا، بس ما كانوا عرفانين يا ترى الأوروبيين أخدوا فكرة الزراعة وبس؟ ولا هي انتقلت فعلياً مع المهاجرين إلى أوروبا؟ هي الدراسة قدرت أخيراً إنها تجاوب على هالسؤال وأخيرا تمت عملية تحديد التسلسل النكليوتيدي للمادة الوراثية المعزولة من المقتدرات الحيوية او الميتوكوندرية لاوئل المزارعين الذي سبق وعاشوا في منطقة الشرق الأدنى. في هذه الدراسة التي تم نشرها من قبل مجلة (PLOS Genetics) قام الخبراء بتحليل مجموعة من العينات من ثلاثة مواقع مختلفة تقع في مهد الزراعة في العصر الحجري الحديث وهي حوض الفرات الأوسط وغوطة دمشق التي تقع حالياً في سورية وتعود في قدمها الى القرن الثامن قبل الميلاد. لقد كان العصر الحجري الحديث بحق ثورة كبرى في حياة المجتمعات البشرية حيث نشأت فيه الممارسات الزراعية وتربية الحيوانات منذ حوالي 12،000 سنة في منطقة الشرق الأدنى المعروفة باسم الهلال الخصيب. وقد عنى العصر الحجري الحديث التحول الاجتماعي والثقافي والاقتصادي العميق للمجتمعات البشرية حيث بدأت فيه بالإنتاج الزراعي، ونمط الحياة المستقر بسبب الزراعة، وشهدنا فيه بداية تشكل لنوى المدن والمجتمعات الحديثة، وغيرها. ومن الشرق الادنى توسعت تلك الثورة لتصل بسرعة الى أوروبا، حيث كان الاقتصاد السائد هناك يعتمد بشكل اساسي على عمليات الصيد وجمع الثمار ليحل محلها نظام يعتمد على الزراعة وتربية المواشي. ولكن كانت عملية تحديد الطريقة التي انتشرت ممارسات ذلك العصر محل جدلٍ لأكثر من خمسين عاماً شارك فيه علماء ينتمون إلى العديد من التخصصات العلمية كعلم الآثار وعلم الانسان الفيزيائي واللغويات وعلوم الوراثة القديمة (paleogenetic) وذلك لتحديد فيما إذا كان وصول الزراعة إلى أوروبا قد تم عن طريق الهجرات البشرية أم أنه تم فقط عبر عمليات التبادل الثقافي بين المجتمعات البشرية التي عاشت في ذلك الوقت. على الرغم من إحراز بعض التقدم في الدراسات الوراثية لسكان العصر الحجري الحديث الأوروبيين خلال العقد الماضي. إلا أن التركيب الجيني لسكان العصر الحجري الحديث الأول بقي سراً حتى اليوم. ويشير البروفيسور (Daniel Turbón) إلى أن النتائج التي كشفت عنها هذه الدراسة "هي الاولى من نوعها والمتعلقة بالمزارعين الذي سبق ولهم وأن عاشوا في الشرق الأدنى، وبعبارة أخرى، فإن نتائج هذه الدراسة تمثل المخزون الوراثي الأصلي للعصر الحجري الحديث" ومع ذلك، فمن المهم أن نذكر هنا أن بيانات أخرى تم نشرها حول أوائل المزارعين الأوروبيين، على وجه الدقة في كاتالونيا، وإقليم الباسك، وألمانيا. وكانت نتائج تلك الدراسات في الماضي تعتمد بصورة اساسية على مقارنة المعلومات الوراثية لمزارعي العصر الحجري الحديث في أوروبا مع المعلومات الوراثية لسكان الشرق الاوسط الحاليين كون المعلومات الوراثية للمجتمعات الزراعية الأولى لم تكن معروفة في السابق. تقدم هذه الدراسة إطاراً جديداً لتفسير نتائج دراسات أخرى حول سكان العصر الحجري الحديث في أوروبا. حيث لوحظت الروابط الجينية بين الحمض النووي المأخوذ من المتقدرات الحيوية لأحد سكان العصر الحجري الحديث في الشرق الأوسط والحمض النووي لأوائل المزراعين الذين سبق أن استقروا في كاتالونيا في اسبانيا والمانيا. وهذا يشير إلى أن العصر الحجري الحديث وصل الى أوروبا عن طريق الهجرات التي قام بها أوائل المزارعين الرواد على شكل مجموعات صغيرة من السكان من الشرق الادنى الى اوروبا. كما يمكن أن نقول إن طريقي الهجرة الرئيسية (المتوسط وأوروبا) قد تكون بصورة ما مرتبطة وراثياً. النتيجة الأهم من هذه الدراسة - تخبرنا بها إيفا فرنانديز - وهي أن درجة التشابه الوراثي بين سكان الهلال الخصيب وسكان قبرص وكريت تدعم الفرضية القائلة بأن انتشار العصر الحجري الحديث في أوروبا وقع خلال عمليات الاستعمار التي تمت عبر البحر المتوسط، وليس من خلال التوسع البري عبر الأناضول، كما كان يعتقد في السابق ". المصدر هنا الصورة هنا