الفيزياء والفلك > النظريات الأساسية في الفيزياء

الحلقة الرابعة - النسبية العامة 1

قرأنا في مقالنا السابق عن مبدأ النسبية الخاصة وكيف أن الفكرة الأساسية هي اننا لا نستطيع التمييز إذا كنا في حالة سكون أو في حالة حركة مستقيمة منتظمة ( مسار مستقيم وبسرعة ثابتة). فلا يوجد سكون مطلق بل حركة نسبية كما أن الزمن ليس مطلقا بل يختلف بالنسبة لشخصين متحركين بالنسبة لبعضهما، مثل اختلاف مكانهما وبالتالي المكان والزمان متغيرات تصف أي حادث فيزيائي ولا يمكن فصلهما عن بعضهما لذلك نأخذهما ككيان واحد ندعوه (الزمكان) ولا نشعر باختلاف قياس الزمن إلا عندما تصبح السرعات قريبة من سرعة الضوء التي افترض مبدأ النسبية الخاصة انها اعلى سرعة لتحرك او انتشار اي ظاهرة فيزيائية. ولكن عند أخذ قانون الجاذبية بعين الاعتبار نجد أن القانون يتعلق فقط بحالة الجسمين المتجاذبين والمسافة بينهما و يوحي بأن التأثير المتبادل بينهما ينتقل من جسم لأخر بشكل فوري وبسرعة لا نهائية لذلك بدأ اينشتاين في اعادة النظر في قانون ومعنى الجاذبية بحيث تنسجم مع مبدأ النسبية الخاصة ولعل أول ما تم التفكير فيه هو حالة شخص يسقط سقوطا حراً بتأثير الجاذبية فقط، فهذا الشخص عند وضعه خلال التجربة في غرفة مغلقة تسقط بشكل حر فإن أي جسم معه في الغرفة سيطفو معه بنفس السرعة والتسارع وبالتالي سيشعر بانعدام الوزن كما سيشعر شخص أخر موضوع في غرفة مغلقة في الفضاء الخارجي بعيدا عن أي جاذبية. فإذا عكسنا الأمور و كان الشخص على كوكب الأرض مستقراً على سطحها ويشعر بالجاذبية، وجعلنا الشخص الموجود في غرفته او مركبته في الفضاء الخارجي بنطلق بحركة متسارعة ( سرعتها متزايدة) تسارعها يساوي تسارع الجاذبية، فسيشعر هذا الشخص بوجود قوة جذب تشده نحو الأسفل، تماما كما تشعر في سيارتك عند تزايد السرعة أن قوة ما تجذبك للخلف نحو مقعدك. وبالتالي فإن معظم تأثيرات الجاذبية التي يخضع لها الجسم تكافئ إلى حد كبير تأثير الحركة المتسارعة. يعرف هذا المبدأ في الفيزياء بمبدأ التكافؤ. 

فهذا التشابه يدفعنا لأن نقول أننا يمكن أن نصف الجاذبية بشكل أفضل من خلال بحثنا في وصف الحركة المتسارعة. كما يمكننا أن نشعر بنفس التأثيرات عند ركوبنا في العاب مدينة الملاهي فعند دوراننا في لعبة القطار السريع مثلا على أحد المنعطفات نشعر بقوة تدفعنا نحو الخارج وكان شيئا يجذبنا، اعتدنا على تسميتها بالقوة النابذة، إن هذه القوى عادة ترتبط بدراسة خواص المكان والزمان الهندسية وبالتالي لابد من القول أن افضل طريقة لوصف الجاذبية هي بنظرية هندسية لوصف المكان والزمان ( الزمكان ).

يمكن بهذه الطريقة من التفكير ان نتنبأ بعدة ظواهر على غرار ما فعل آينشتاين دون ان نستعمل معادلات معقدة . ففي تجربة الشخص الموجود في غرفة تتحرك في الفضاء بسرعة ثابتة، إذا سلط هذا الشخص ضوءا بشكل افقي سيسير الضوء بشكل مستقيم ويصل لنقطة على الحائط المقابل. وأي شخص يرى الغرفة تتحرك بسرعة ثابتة سيشاهد نفس الظاهرة استنادا لمبدأ النسبية الخاصة. ولكن لو كانت الغرفة تتحرك بسرعة متزايدة نحو الأعلى فالضوء لن يصل لنفس النقطة بل اسفلها بقليل وكأن الضوء سار بمسار منحني. اي أن الحركة المتسارعة سببت انحناء مسار الضوء الذي يسير عادة بخطوط مستقيمة في الزمكان. فكأننا قلنا ان الزمكان نفسه هو الذي انحنى.

وبما ان تأثير الجاذبية يكافئ تأثير الحركة المتسارعة كما قلنا فالجاذبية اذا تسبب انحناء الزمكان. وبالتالي فالضوء المار بالقرب من جسم هائل الكتلة كالشمس سينحني بحسب انحناء الزمكان حول النجم كما نرى في الصورة. وللتذكير فان المكان وحده لا ينحني فنحن لا نرى شيئا منحنيا حول النجوم والكواكب، ولكن الزمكان هو الذي ينحني بتأثير الكتلة وكل ما نراه من اثر للتجاذب هو انعكاس لهذا الوصف الهندسي، أو لهندسة الزمكان.ويسبب هذا الانحناء أثرا ندعوه بالعدسات التثاقلية.حيث تتسبب بعض الأجسام الفلكية والمجرات بانحراف الضوء القادم من أجسام خلفها تماما كما تفعل العدسات.

رح نشوف بالجزء التاني شوفي ظواهر تانية بتسببها الجاذبية و اللي اكدتها التجارب.. كمان رح نتعرف على نتائج معادلات اينشتاين وشو هي الثقوب السوداء وكتير من الأمور الغريبة بعلم الكونيات.. تابعونا 

مراجع للاستزادة:

- النسبية وجذورها- بانيش هوفمان

- موجز تاريخ الزمن- ستيفن هوكينغ

مراجع متقدمة:

- Spacetime and geometry: and Introduction to General Relativity- Sean Carol

حقوق الصورة: Dave Jarvis

/p>