الكيمياء والصيدلة > صيدلة سريرية

الصداع والشقيقة!

الصداع:

يُعدُّ الصداع أو ألم الرأس headache من الأعراض الشائعة جدًّا، وتُعدُّ اضطرابات الصداع مجتمعةً من أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعًا؛ وذلك بنسبة انتشار 48.9% بين عامة البشر. يؤثر الصداع في جميع الأشخاص من مختلف الأعمار والأعراق والحالة الاجتماعية والاقتصادية وهو أشيع عند النساء. تكون بعض أنواع الصداع متعِبة ومنهِكة جدًّا ولها تأثير كبير في جودة حياة الفرد؛ ولكن لحسن الحظ، تتطلب نسبة صغيرة منها فقط تدخلات اختصاصية، ويمكن معالجة الغالبية العظمى منها بمساعدة طبيب الرعاية الأولية أو إخصائي عام مع التشخيص السريري الصحيح الذي لا يتطلب أي تحرٍّ خاص (1).

يتظاهر الصداع على شكل آلام مزعجة في الرأس قد تسبب إحساسًا بالضغط، ومن الممكن أن تتراوح هذه الآلام من خفيفة إلى شديدة وعادة ما تكون في جانبي الرأس، وتوجد مناطق أخرى شائعة لهذه الآلام وتشمل الجبهة ومؤخرة العنق والصدغين في الرأس، ويمكن أن يستمر الصداع من 30 دقيقة إلى أسبوع كامل (2).

أنواع الصداع:

وفقًا للمركز الطبي الأكاديمي الأمريكي Mayo Clinic، يُعدُّ صداع التوتر tension headache أشيع أنواع الصداع، ويتسبب به الإجهاد النفسي والعضلي والقلق على نحو رئيس، وبالطبع لا يعد صداع التوتر النمط الوحيد من الصداع (2)؛ فالصداع يُصنَّف تبعًا لمسببه إلى نوعين رئيسين: صداع أولي primary headache وصداع ثانوي secondary headache.

ينجم الصداع الأولي عن شروط مستقلة مسببة للألم في الرأس أو الوجه أو العنق كفرط النشاط أو عن مشكلات في البنى الحساسة للألم الموجودة في الرأس، وفي هذه الحالة لا يكون الصداع عرضًا لمرض ما. ومن أهم الأمثلة عن الصداع الأولي صداع التوتر والصداع العنقودي cluster headache والشقيقة migraine. أما الصداع الثانوي، فهو عرض لمرض ما أو حالة ما تُنبِّه الأعصابَ الحساسة للألم الموجودةَ في الرأس؛ ولهذا يوجد عديد من الحالات المتفاوتة في شدتها التي قد تسبب صداعًا ثانويًّا، فقد ينجم الصداع الثانوي عن عدوى ما أو بسبب حالة إجهاد أو نتيجة زيادة استخدام الأدوية أو حتى المثلجات (3,4).

الشقيقة وأعراضها:

تُعدُّ الشقيقة أو ما يدعى بالصداع النصفي نمطًا معاودًا أو متكررًا من الصداع، وتسبب آلامًا معتدلة إلى شديدة على شكل نبضات، وغالبًا ما يكون الألم في جانبٍ واحد من الرأس ويكون هذا الألم أشدَّ من ألم أنماط الصداع المعتادة وقد يترافق هذا الألم مع أعراض أخرى كالغثيان والإقياء والوهن (5,6).

يصبح بعض المرضى حساسين للضوء والضجيج في خلال نوبات الشقيقة التي قد تستمر من 4 ساعات إلى 3 أيام إن لم تُعالج (6). وقد يرى بعض الأشخاص أضواءً لامعة أو أشكالًا غريبة قبل حدوث الشقيقة الفعلية، وبعضهم الآخر قد يرى كل شيء ضبابيًّا أو عبر خطوط متموجة، ومن الممكن أن يعاني بعض الأشخاص صعوبةً في التكلم أو شللًا في بعض أجزاء جسمهم ومن الممكن أن يشعر المرضى بأحاسيس غريبة كالنخز في أجسامهم، ويدعو الأطباء هذه الأنواع بالأورات auras التي تزول في خلال ساعة واحدة، ومن ثم تليها أعراضُ شقيقة أخرى (6).

الأسباب وعوامل الخطر:

لا يعلم الأطباء تمامًا السبب الرئيس المسبب للشقيقة، ولكن يعتقد العلماء والباحثون بأن سببها جيني، ويوجد عديد من عوامل الخطر التي قد تُحفِّز الشقيقة وتزيد من خطر الإصابة بها، وتختلف هذه العوامل من شخص إلى آخر وتشمل الآتي:

علاج الشقيقة وتدبيرها:

للأسف لا يوجد حتى الآن علاج للشقيقة، لكن لحسن الحظ توجد بعض الأدوية التي تساعد على منع حدوثها أو إيقافها أو السيطرة على أعراضها كيلا تصبح أشد وأسوأ، بالإضافة إلى أن التغييرات في نمط الحياة كاعتماد عادات النوم الصحية قد تساعد أيضًا على منع حدوث نوبات الشقيقة (7).

وعمومًا فإن الاستلقاء في غرفة هادئة ومظلمة مع وضع منشفة باردة ورطبة على الرأس في مكان الألم يساعد على السيطرة على أعراض الشقيقة، لكن معظم المرضى يُضطرون إلى أخذ بعض الأدوية للتغلب على نوبات الألم الشديدة، وتشمل الأدوية المستخدمة في نوبات الشقيقة على وجه الخصوص الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) والأدوية غير الستيروئيدية المضادة للالتهاب مثل حمض أسيتيل ساليسيليك الموجود في الأسبرين، والديكلوفيناك، والإيبوبروفين، بالإضافة إلى أدوية الشقيقة كالتريبتانات (6).

ويمكن للطبيب أن يصف الأدوية المناسبة عند شعور المريض بالغثيان نتيجة الشقيقة، وفي حال لم تنجح هذا العلاجات أو كان الصداع شديدًا جدًّا، فقد يقترح الطبيب تناول أدوية النوبات وأدوية ضغط الدم (كحاصرات بيتا وحاصرات قنوات الكالسيوم) وبعض مضادات الاكتئاب وحقنات البوتولينوم من النوع A (أو ما يُعرف بالبوتوكس) لتقليل حدّة الصداع أو تكراره. ويمكن لمناهضات الببتيد المرتبط بجينة الكالسيتونين CGRP كالإيبتينيزوماب وإيرينوماب وفيرمانيزوماب والغالكانيزوماب أن تمنع حدوث الشقيقة (7).

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن استخدام مسكنات الألم وأدوية الشقيقة قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم الصداع، ولهذا السبب يُنصح مرضى الشقيقة بعدم تناول المسكنات وأدوية الشقيقة أكثر من عشرة أيام في الشهر (6).

وفي النهاية، يجب التنويه إلى أهمية التشخيص الدقيق في هذه الحالات؛ فليست كل أنواع الصداع متشابهة، وهي تتنوع في شدتها وتكرارها وسببها، ومن الممكن أن يؤدي التفريق الصحيح بين هذه الأنواع إلى علاج أسرع وأنجع، ممَّا يؤثر بدوره في قدرة الشخص على العمل وتحسين حياته عمومًا.

المصادر:

1. Ahmed F. Headache disorders: differentiating and managing the common subtypes - Fayyaz Ahmed, 2012 [Internet]. SAGE Journals. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

2. Migraine vs. Headache: Telling the Difference Between Them [Internet]. Healthline. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

3. Headache Causes [Internet]. Mayo Clinic. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

4. Migraine vs. headache: How to tell the difference [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

5. Migraine | MedlinePlus [Internet]. Medlineplus.gov. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

6. Migraine: Overview [Internet]. Ncbi.nlm.nih.gov. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا

7. Migraine [Internet]. WebMD. 2021 [cited 17 January 2021]. Available from: هنا