نرجس القرن الواحد والعشرين

في الأساطير الإغريقية، ووفقًا للشاعر الروماني أوفيد Ovid، كان "نرجس أو ناركيسوس Narcissus" ابن إله النهر والحوريّة "ليروبي Liriope"  (1)(2).

وبعد ولادته، أخبرعرّافٌ أمّه "ليروبي" أنّ "نرجس" سيبلغ سن الشيخوخة فقط إذا فشل في التعرّف إلى نفسه.

وعندما  كبر نرجس وأصبح شابًّا وسيمًا أُعجب به الجميع؛ لكنه لم يبادل أحدًا المودة قط.

وفي يوم ما، شاهدتْ الحوريةُ "إيكو Echo" -وهي لم تكن قادرة على الكلام إلا بتكرار أصوات الآخرين وكلماتهم الأخيرة- نرجسَ في الغابة ووقعت في حبه، ولكنهما فشلا في التواصل، وعندما حاولت إيكو الإمساك بنرجس رفضها نرجس لتركض إثر ذلك للاختباء بين الأشجار ليتلاشى جسدها بعد ذلك من شدة شوقها له، أما صوتها فما يزال بالإمكان سماعه في الوديان والكهوف.

ولأنّ نرجس رفض مبادلة إيكو الحب هي وجميع من أحبوه، حكمت عليه الآلهة بألّا يحب أي شيء.

في أحد الأيام وعندما كان نرجس يصطاد شعرَ بالعطش وانحنى ليشرب الماء فرأى انعكاسه على الماء وفُتن بنفسه لدرجة أنّه لم يستطع الحركة، ثم حاول إمساك الانعكاس لكنه فشل، فبقي هناك دون نوم أو طعام محدّقًا بانعكاسه، مجنونًا بحب ذاته، استلقى نرجس بجوار الماء ليبدأ لاحقًا بالهزال ويموت في نهاية المطاف (2).

من هذه الأسطورة تبلور مصطلح "النرجسية Narcissism" الذي استخدمه للمرة الأولى الطبيب البريطاني (هافلوك إليس Havelock Ellis) عام 1898م لوصف الجنسانية الذاتية autoerotic sexuality (3).

أما اضطراب الشخصية النرجسية  Narcissistic personality disorder فهو اضطرابٌ عقلي يؤدي إلى ازدياد كبير في شعور المصاب بمدى أهمية نفسه وظهور حاجة عميقة لديه للحصول على إعجاب الآخرين واهتمامهم به، وعادة ما يدخلون في علاقات مضطربة ويندر تعاطفهم مع الآخرين، ولكن خلف قناع الثقة المفرطة هذا يكمن تقدير هشٌّ للذات (4).

المصادر: