الهندسة والآليات > الطاقة

تأثير لون السَّيارة في أدائها

يسهم قطاع النقل بصورةٍ كبيرةٍ بانبعاثات الغازات الضارة في الغلاف الجوي، ويعدُّ القطاع الأكثر استهلاكًا للطاقة، ولذلك تسعى معظم شركات السَّيارات إلى تطوير تقنيات صديقة للبيئة، وموفرة للطاقة؛ لكن هل يمكن أن يؤثر لون السيارة في استهلاكها للطاقة؟ 

يُعدّ نظام تكييف الهواء من أكثر الأنظمة الفرعيَّة استهلاكًا للطاقة في السيارات، بزيادةٍ في استهلاك الوقود تصل إلى 20% إذ يعتمد استهلاك الطَّاقة في هذا النظام على عدة عوامل، منها: الحجم الدَّاخلي للسيارة، ودرجة حرارة الوسط المحيط، وغيرها… 

كما أنَّ استخدام المكيفات في السَّيارات يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2 بنسبةٍ كبيرةٍ، فعلى سبيل المثال؛ إذا كان لديك مكيف يستهلك 2 لتر من الوقود لكل 100 كيلومتر من القيادة، وسارت السَّيارة 14 ألف كيلومتر سنويًّا مع استخدام المكيف خلال هذه المسافة، فإنَّ استهلاك الوقود سيزيد بما يقارب 280 لتر سنويًّا، وإن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 المنبعثة على مدار عشر سنوات ستصل إلى  6440 كغ (على فرض أن عامل انبعاث CO2 هو 2.3 كغ لكل 1 لتر من الوقود المستهلك)، ومنه كان لا بدَّ من ترشيد استهلاك الطَّاقة في هذا المجال(1). 

يتأثر الحمل الحراري للسيارة والمكيف بصورةٍ أساسيةٍ بشدة امتصاص الإشعاع الشَّمسي، واستهلاك الطَّاقة يرتبط طرديًّا مع الحمل الحراري. 

ومنه قبل الشروع بأحد التقنيات المستخدمة لتقليل الإشعاع الشَّمسي لا بدَّ من التَّعرف إلى مفهوم الحمل الحراري(2).

ما الحمل الحراري؟

يُمكن تبسيط مفهوم الحمل الحراري بأنَّه كمية المياه السّاخنة أو الباردة أوالبخار المستخدمة في أنظمة التدفئة والتبريد في حيزٍ ما، أمّا بالنسبة لأنظمة التكييف فيُمكن تعريف الحمل الحراري بأنَّه كمية الطَّاقة الحراريَّة (المحسوسة والكامنة) التي يجب إزالتها من حجرةٍ ما، لكي تصل الحجرة إلى درجة الحرارة المناسبة(3,4).

يتعلق حجم نظام التكييف تعلقًا رئيسًا بالحمل الحراري للسيارة الذي يرتبط بدرجة الحرارة القصوى الّتي تصل إليها السيارة في أثناء وقوفها لوقتٍ طويلٍ تحت أشعة الشّمس، ومنه يُمكن تخفيف الحمل الحراري للسيارة بعدة تقنيات، منها: توزيع أكثر كفاءة للهواء المعالج أو استخدام معدات ذات كفاءة عالية أو استخدام الزجاج المتطوّر أو إعادة تدوير الهواء وغيرها...؛ لكن في مقالنا هذا سنتناول أثر لون السَّيارة في امتصاص الإشعاع الشَّمسي، وما يترتب عليه من تأثير في الحمل الحراري للمكيف المستخدم والطَّاقة المستهلكة(5).  

تُظهر الدِّراسات أنَّ زيادة 0.1 في عامل انعكاس الشَّمس ρ الخاص بغطاء السَّيارة (السقف والأبواب)  يقلل درجة حرارة النقع داخل السَّيارة بمقدار 1Cο، بما معناه إذا كان لدينا سيارة بغطاء أبيض (0.5=ρ ) فإنَّ درجة حرارة حجرة السيارة ستكون أقل بـ 4.6Cο من درجة حرارة حجرة السَّيارة في حال كان غطاءها أسود (0.05=ρ)

(2).

الانعكاس الشَّمسي ρ:

هو المقياس الذي يعبر عن قدرة السطح على عكس الطَّاقة الشَّمسيَّة الواصلة إليه، فيكون الانعكاس الشَّمسي للون الأسود القياسي (0.05=ρ)، أمّا للون الأبيض القياسي فيكون (0.8=ρ)، ويرتبط الانعكاس الشَّمسي بالانعكاس المرئي؛ لكنه لا يساويه بالقيمة. 

فإذا كان لدينا طلاء أبيض جيد ذو انعكاس شمسي  0.8=ρ فإنَّ الانعكاس المرئي له يساوي 0.9(6).

من أجل تحديد الأثر الحقيقي للون غطاء السيارة في كلٍّ من درجة حرارة حجرة السَّيارة، واستهلاك الطَّاقة والوقود، وانبعاثات الكربون الضارة أُجريت تجربة للمقارنة بين سيارتين من طراز 2009 Honda Civic 4DR GX لهما لوني غطاء مختلفين، السَّيارة الأوّلى فضية (0.35=ρ ) أمَّا الثانية سوداء(0.05=ρ)

(2).

النتائج:

تأثير اللون في سعة المكيّف:

أظهرت التجربة أنَّ سعة المكيف المطلوبة لتبريد حجرة السَّيارة الفضية إلى الدرجة 25Co في غضون 30 دقيقة هي أقل بـ 13% من سعة المكيف المطلوبة لتبريد حجرة السَّيارة السوداء إلى ذات درجة الحرارة في الوقت نفسه(2).

تأثير اللون في استهلاك الوقود:

تبيّن النتائج أنَّ السَّيارة الفضية توفر 0.12 لتر من الوقود لكل 100 كيلومتر مقارنةً بالسيارة السوداء (1.1% توفير وقود)، أي تزيد اقتصادية الوقود بما يقارب 0.1 كيلومتر لكل لتر من الوقود(2).

تأثير اللون في انبعاثات الغازات الضارة: 

إنَّ استخدام السَّيارة الفضية يؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2 بنسبة أقل بـ1.1 % مقارنةً بالسيارة السوداء؛ إذ يلاحظ انخفاض في انبعاث CO2 بما يقارب 2.7 غرام لكل كيلومتر، في حين ينخفض انبعاث أكسيد النيتروجين NOx  بما يقارب 5.4 ميلي غرام لكل كيلومتر بنسبة 0.44%، وتنخفض انبعاثات غاز أكسيد الكربون والهيدروكربون  بـ 17  و 4.1 ميلي غرام لكل كيلومتر على التتالي(2).

كما أنَّ التجربة تظهر أن استخدام السيارة ذات اللون الأبيض سيكون له أثر أفضل في سعة المكيف، واستهلاك الوقود، ونسب انبعاثات الغازات الضارة، وذلك في حال كان عامل الانعكاس الشَّمسي الخاص بغطائها 0.6=ρ 

(2).

أخيرًا، عزيزي القارئ هل يمكن أن يؤثر لون السَّيارة في قرار شرائها؟ وهل تعتقد أن الحكومات يجب أن تفرض ضرائب إضافيَّة على أصحاب السَّيارات ذات الألوان الداكنة التي تتميز بعاملِ انعكاس شمسي ρ منخفض؟

المصادر: 

 

1. Vehicle air conditioning [Internet]. Nrcan.gc.ca. 2018 [cited 24 December 2020]. Available from: هنا 

2. Levinson R, Pan H, Ban-Weiss G, Rosado P, Paolini R, Akbari H. Potential benefits of solar reflective car shells: Cooler cabins, fuel savings and emission reductions. Applied Energy [Internet]. 2011 [cited 24 December 2020];88(12):4343-4357. Available from:  هنا 

3. Sakawa M. Prediction and operational planning in district heating and cooling systems. Advanced District Heating and Cooling (DHC) Systems [Internet]. 2016 [cited 24 December 2020];:259-289. Available from: هنا  
4. Gaspar P, Da Silva P. Computational Modelling and Simulation to Assist the Improvement of Thermal Performance and Energy Efficiency in Industrial Engineering Systems: Application to Cold Stores. Handbook of Research on Computational Simulation and Modeling in Engineering [Internet]. 2016 [cited 24 December 2020]. Available from: هنا  
5. Farrington R, Rugh J. Impact of Vehicle Air-Conditioning on Fuel Economy, Tailpipe Emissions, and Electric Vehicle Range. [Internet]. National Renewable Energy Laboratory; 2020 [cited 24 December 2020]. Available from: هنا  
6. Definitions and Terms | HEATISLAND [Internet]. Heatisland.lbl.gov. [cited 24 December 2020]. Available from: هنا