خلايا مناعية دماغية تثبط عمل العصبونات!

تعتمد الدوائر العصبية على الاستثارة الكهربائية للخلايا العصبية مترافقةً مع تأخر عملية التثبيط لهذه الاستثارة. تعد عملية التثبيط ضروريةً للحفاظ على مستوياتٍ طبيعيةٍ من النشاط العصبي (1). 

تمثّل الخلايا الدبقية الصغيرة (Microglia) جمهرةً متخصصةً من الخلايا الشّبيهة بالبالعات التي تستوطن الجهاز العصبي المركزي وتعد مسؤولةً عن حمايته (2).

للدبقيات عديد من الوظائف تتمثل في قدرتها على بلعمة الخلايا الميتة في الدماغ والعمل على حمايته بدورها خليةً مناعية إضافةً إلى دورها في التنظيم المشبكي ودعم العصبونات في أثناء النمو (2). 

أظهرت الدراسات مؤخراً دوراً جديداً للدبقيات؛ وهو قدرتها على تثبيط الاستثارية العصبية عن طريق انجذاب نواتئ الدبقيات إلى الجسم الخلوي للعصبونات النشطة وإنقاص النشاط العصبي (3).

رُكّز في دراسةٍ حديثةٍ على الأوصال المشبكية (synaptic junctions) للعصبونات التي يؤدي تفعيلها أيضاً إلى إنتاج ثُلاثيِّ فسفات الأدينُوزين (ATP) وجذب نواتئ الدبقيات إليها، لتساهم الأخيرة في تثبيط الاستثارية العصبية (1).  

تبدأ عملية التثبيط بتحويل الإنزيم الدبقي (CD39) للـ (ATP) المُنتَج إلى (ADP) الذي يفعّل المستقبل (P2Y12) الموجود فقط على الدبقيات وهو الذي يساعد على انجذاب الدبقيات إلى الخلايا العصبية (2).

يتفكك الـ (ADP) بعدها إلى (AMP) ليتحول تحت تأثير الإنزيم الدبقي (CD73) إلى جزيئات أَدِينُوزِين (ADO) التي تثبط الاستثارية عن طريق تأثيرها في المستقبل (A1) على سطح العصبونات فينخفض إفراز الناقل العصبي الاستثاري الغلوتامات (1). 

تختلف فعالية عملية التثبيط هذه باختلاف المنطقة الدماغية. فقد أدى تثبيط الدبقيات في المادة الرمادية إلى فرطٍ في تفعيل العصبونات، في حين لم يؤدِّ تثبيطها في المادة البيضاء إلى أية زيادةٍ في النشاط العصبي (1).   

مع اكتشاف هذه الآلية، تظهر عديد من الأسئلة المرتبطة بآليات استقبال الدبقيات للمعلومات وكيفية معالجتها، والعوامل التي تؤثر في آلية التثبيط هذه، لتفتح المجال لعديد من الأبحاث القادمة.