الكيمياء والصيدلة > صيدلة سريرية

مرض الصّدفيّة وعلاجه، ما هي آخر التطورات؟

يُعدّ مرض الصّدفيّة (psoriasis) اضطراباً جلدياّ تتضاعف به خلايا الجلد على نحوٍ أسرع من المعدل الطّبيعي بعشر مراتٍ، ممّا يُشكّل على سطح الجلد بقعاً حمراءَ اللّون غير ملساءٍ محاطةً بقشورٍ بيضاء. وقد تنمو هذه البقع على أيّ مكان من الجسم؛ ولكنّها أكثر ما تظهر على فروة الرّأس والمرافق والرُّكب وأسفل الظهر، ولا تُعدّ الصّدفيّة مرضاً مُعدِياً، إلّا أنّها قد تظهر لدى بعض الأفراد من نفس العائلة.(1)

الأنواع المختلفة للصّدفيّة:

قد تختلف العلامات والأعراض المصاحبة للصّدفيّة من شخصٍ إلى آخر اعتماداً على نوع الصّدفيّة، فهنالك عدّة أنواعٍ، معظمها يدور ضمن دوراتٍ فتكون ظاهرةً وفعّالةً لبضعة أسابيع أو أشهر، ومن ثمّ الاختفاء فترة من الزّمن أو التحوّل إلى حالة هدأة. ومن أهمّ هذه الأنواع:

أسباب حدوث الصّدفيّة:

تحدث الصّدفيّة عندما يجري استبدال خلايا الجلد على نحوٍ أسرع من المعتاد.

في الحالة الطّبيعيّة، ينتج الجسم خلايا جلدٍ جديدةٍ في أعمق طبقةٍ من الجلد، وتصعد هذه الخلايا تدريجيّاً نحو الأعلى من خلال طبقات الجلد حتى تصل إلى المستوى الخارجي؛ إذ تموت في النّهاية. وتستغرق هذه العمليّة في الحالة الطّبيعيّة من ثلاثة إلى أربعة أسابيعٍ حتى تكتمل.

في حين أنها تستغرق من ثلاثة إلى سبعة أيامٍ حتى تكتمل لدى مرضى الصّدفيّة. ممّا يؤدّي إلى إنتاج خلايا غير ناضجةٍ على نحوٍ تامٍّ وبسرعةٍ على سطح الجلد، ممٍا يؤدّي إلى تشكّل لويحاتٍ حمراءَ ومحاطةٍ بقشورٍ فضيّةٍ.

ولا يُوجد سببٌ معروفٌ لهذه الحادثة حتّى الآن؛ ولكن يقترح الباحثون أنّ هذه الحالة متعلقةٌ بمشكلةٍ في الجهاز المناعيّ.

ومن أهمّ الخلايا المناعيّة في الجسم الخلايا التّائيّة التي تستمرّ بالتجوال في جميع أنحاء الجسم لكشف  الأجسام الغريبة ومهاجمتها مثل البكتيريا؛ ولكنّها لدى مرضى الصدفية تهاجم خلايا الجلد الصّحيّة بالخطأ، ممّا يؤدّي إلى إنتاج خلايا جلدٍ جديدةٍ على نحوٍ أسرع من المعدل الطٍبيعيٍ، ممّا يثير الجهاز المناعيّ لإنتاج خلايا تائيّةٍ أُخرى.

للأسف، من غير المعروف بالضبط ما الذي يُسبّب هذه المشكلة في الجهاز المناعي، ولكن قد تؤدّي بعض الجينات والمحفّزات البيئيّة دوراً في إحداث هذه الحالة؛ فقد اكتشف الباحثون ارتباط عدّة جيناتٍ مختلفةٍ بتطوّر الصّدفيّة، وتتضمّن المحفّزات التي تزيد من خطر ظهور أعراض الصّدفيّة أو زيادتها سوءاً:

- أذيات الجلد، مثل: الجروح أو الخدوش أو عضة نحلةٍ أو حروق الشّمس.

- شرب كمياتٍ زائدةٍ من الكحول.

- التّدخين.

- التّوتر.

- التّغيّرات الهرمونيّة، وخاصةً لدى النّساء (على سبيل المثال، في أثناء البلوغ وبعد سنّ اليأس).

- بعض الأدوية، نحو: الليثيوم وبعض الأدوية المضادّة للملاريا، والأدوية المضادّة للاِلتهاب، والأدوية المثبّطة للإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين (لمعالجة ارتفاع ضغط الدم).

- الإنتانات البلعوميّة.

- المشكلات المناعّية الأخرى -مثل فيروس الـ (HIV)- التي تزيد من شدّة أعراض الصّدفيّة أو تُسبّب ظهورها للمرّة الأولى.(3)

علاج الصّدفيّة:

تُعدّ الستيروئيدات القشريّة السّكريّة الموضعيّة عالية الفعاليّة، ومشتقات الفيتامين د العلاج الرّئيسيّ للصّدفيّة. إنّ السّتيروئيدات القشريّة فعّالةٌ في علاج الصّدفيّة؛ ولكن استعمالها محدودٌ، ولا يجب استعمالها فترةً أكثر من 2 إلى 8 أسابيع، وقد يتصاحب استعمالها بظهور بعض الأعراض الجانبيّة التي تزول ببطءٍ مع الوقت نحو: ضمور الجلد، أو بعض الأعراض غير العكوسة مثل: ظهور الخطوط (striae) على الجلد. أمّا مشتقات فيتامين د فهي أقلّ فعّاليّة من السّتيروئيدات القشريّة وقد تُسبّب تهيّجاً موضعيّاً.

واستُعملَت أيضاً مثبّطات الكالسينورين الموضعيّة لعلاج الصّدفيّة الوجهيّة والمذحية على الرغم من عدم الموافقة عليها، إلا أنّ تواتر استعمالها قد تراجع بعد إضافة تحذيرات خطر الإصابة بالسّرطان لدى استعمالها. واستُعملت كذلك طليعة الدواء الريتينوئيدي الموضعي التازاروتين (tazarotene) ولكنّها قد تتسبّب بتهيّجٍ موضعيٍّ أيضاً.

يمكن استعمال مثبّط إنزيم الفوسفودايستيراز-4 ((Phosphodiesterase type 4 (PDE-4) الفمويّ أبريميلاست (apremilast) لمعالجة الصّدفيّة اللّويحيّة المتوسّطة إلى الشّديدة؛ إذ إنّ دور هذا الإنزيم يكمن في المحافظة على المستويات داخل الخلوية من الأدينوزين الحلقي أحادي الفوسفات، ويتواسط الاستجابات الحيويّة للمنّبهات خارج الخلوية عند عدّة أنواعٍ من الخلايا، بما فيها الخلايا المناعيّة. وتكون فعاليّة هذا الإنزيم أكبر في خلايا الجلد الصّدفيّ منها في خلايا الجلد الطّبيعيّ، وبتثبيطِ هذا الإنزيم ستنقص فعالية المعدّلات المناعية، بما فيها عامل التّنخّر الورمي ألفا، والإنترفيرون غاما، والإنترلوكين 17، والإنترلوكين 23.

وقد جرّب بعض الباحثين مؤخّراً الروفلوميلسات (roflumilsat) موضعيّاً -الذي ينتمي إلى زمرة مثبّطات إنزيم الفوسفودايستيراز-4- في محاولة اكتشاف علاجٍ جديدٍ لهذا المرض؛ وتجدر الإشارة إلى أنه لم يُوافَق بعد على مثبّطات إنزيم الفوسفودايستيراز-4 الموضعيّة.

ويُعدّ الروفلوميلسات مرهماً (Cream) للإعطاء مرّةً واحدةً يوميّاً، وهو مرهمٌ مرطّبٌ عالي المحتوى من الماء، ويحتوي على الإيثوكسي دايغليكول (ترانسكوتول Transcutol) أحد السواغات؛ إذ أُجريت التّجربة على 331 مريضاً بالغاً يعانون صدفيّةً خفيفةً أو متوسطةً أو شديدةً بعد توزيعهم بشكلٍ عشوائيٍّ على ثلاث مجموعات، على أن يستعمل المرضى في المجموعة الأولى الروفلوميلسات بتركيز 0.3%، وفي المجموعة الثّانية الروفلوميلسات بتركيز 0.15%، أما المرضى في المجموعة الثّالثة فيُقدَّم لهم كريم يحوي السّواغ.­­­

وخلصت الدراسة التي دامت مدة 12 أسبوعاً إلى وجود فعاليّة لكريم الروفلوميلسات في تخفيض خطورة الصّدفيّة، وعلى نحوٍ أكبر لدى المجموعة الأولى التي استعملت الكريم ذو التّركيز الأعلى من الروفلوميلسات، وذكروا في النهاية أنّه على الرّغم من إظهار هذه التّجربة إمكانيّة هذا الكريم في تخفيض أعراض وعلامات الصّدفيّة على نحوٍ أكبر لدى استعمال الدواء الخفي (placebo)، إلّا أنّه لا بدّ من إجراء تجاربٍ أكبر، وأن تكون طويلة الأمد لتحديد فعاليّة الروفلوميلسات ومدى أمان استعماله.(4)

المصادر:

1. The Basics of Psoriasis [Internet]. WebMD. 2020 [cited 26 July 2020]. Available from: هنا

2. Psoriasis - Symptoms and causes [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 26 July 2020]. Available from: هنا

3. Psoriasis - Causes [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 26 July 2020]. Available from: هنا

4. Lebwohl M, Papp K, Stein Gold L, Gooderham M, Kircik L, Draelos Z et al. Trial of Roflumilast Cream for Chronic Plaque Psoriasis. New England Journal of Medicine. 2020;383(3):229-239.