العمارة والتشييد > التصميم المعماري

من مالمو إلى شنغهاي؛ رحلة الأبراج الملتوية (Twisted towers)

تعَدُّ الأبراج الملتوية ظاهرةً حديثة في عالم العمارة، وبرزت هذه الظاهرة نتيجة تكامل الحاجة المعمارية إلى خلق أشكال معمارية جديدة وخارجة عن المألوف، والحاجة الإنشائية إلى إيجاد تصاميم أكثر فعالية في مقاومة التأثيرات الديناميكية لا سيما الرياح (1).

تعرَّف الأبراج الملتوية بأنها أبراج تبنى عن طريق تكرار مسقط الطابق الأرضي مع تدويره بزاوية معينة كلَّما ارتفع البرج إلى الأعلى، ويدور المبنى من المحور الرأسي الذي يقطع عادةً مركز مسقط الطابق الأرضي (1).

وذكر تقرير مجلس المباني الشاهقة والموطن الحضري (CTBUH) وجود 28 برجًا ملتويًا بين مكتملٍ وقيد الإنشاء حتى العام 2016 (2)، ويُعَدُّ برج (twisting torso) في مدينة مالمو السويدية أول برجٍ ملتوٍ في العالم، وشُيِّد في العام 2005 (3)، في حين يُعدُّ برج شنغهاي (Shanghai Tower) أحدث تلك الأبراج وأعلاها (2).

وفيما يأتي قائمةٌ بأبرز الأبراج الملتوية حول العالم، وسنشرح في مقال آخر الأنظمة الإنشائية المستخدمة فيها.

برج (twisting torso) - مالمو، السويد:

افتُتِح رسميًّا في 27 آب (أغسطس) عام 2005، ويتكون من 54 طابقًا بارتفاع 190 م، صمَّمه المعماري الإسباني سانتياغو كالاترافا (Santiago Calatrava) مستلهمًا فكرته من تمثالٍ رخاميٍّ يحمل الاسم نفسه.

يتَّخذ مسقط البرج شكلًا خماسيًّا، ويستمر في الالتواء كلَّما ازداد الارتفاع حتَّى يصبح الفرق بين قاعدة البرج وطابقه العلوي 90 درجة باتجاه عقارب الساعة، وتدور جميع الطوابق حول نواة (مركز) البرج المدعمة بإطارٍ خارجيٍّ مصنوعٍ من الصلب، ويتمتع الطابقان الأخيران من البرج بإطلالةٍ خلابةٍ بزاوية 360 درجة مع مرافق للمؤتمرات (4).

برج البدع (Al Bidda Tower) - الدوحة، قطر:

برج مكاتب يقع في منطقةٍ تشهد تطورًا معماريًّا مهمًّا في العاصمة القطرية وهي منطقة الكورنيش، ويتكون المبنى من 44 طابقًا وطابق تحت الأرض، مع وجود 8 طوابق منفصلة تضم مواقف للسيارات، ويلتوي بمقدار 60 درجة كلما زاد ارتفاعه.

 صُمِّم المبنى بواسطة (GHD global studio)، ويتَّخذ مسقط المبنى شكل مثلَّثٍ محدب، ويكتسي بزجاجٍ عاكسٍ لأشعة الشمس في اتجاهات مختلفة وللضوء الداخلي في الليل، ممَّا ينتج واجهةً لامعةً تشبه المرآة (1).

برج التطور (Evolution Tower) - موسكو، روسيا:

يقع في منطقة مركز موسكو للأعمال، من تصميم (Tony Kettle)، ويرتفع عن سطح الأرض 246 م بوجود 55 طابقًا فوق الأرض و3 طوابق تحتها (5)، ويتَّخذ البرج شكلًا مربعًا مع نواةٍ دائرية الشكل في المنتصف، ويشبه البرج شريطين ملفوفين حول بعضهما البعض، وجميع الطوابق ملتوية باستمرار بزاوية قدرها 3 درجات، وتقع حول النواة المركزية للمبنى وتلتوي باتجاه عقارب الساعة بمقدار 135 درجة من القاعدة إلى القمة، وقد كان التحدي الهندسي الأبرز هو إنشاء 52 مخططًا معماريًّا للطوابق المختلفة (1).

برج كيان (Cayan Tower) - دبي، الإمارات العربية المتحدة:

يقع البرج في منطقة مرسى دبي، ويتكون من 73 طابقًا بارتفاع 306 م، مع خمسة طوابق تحت الأرض وبناءٍ آخر مرافق من 5 طوابق يتكون من مسابح وتراسات، صُمِّم المبنى من قبل (SOM Architectural group)، ويصل التواء البرج إلى 90 درجة من القاعدة إلى القمة بواقع 1.2 درجة لكل طابق ويشبه شكل الـ (DNA) البشري (1)، وتُقسَم الوحدات السكنية فيه إلى ستةِ أنواع مختلفة، من الأستديوهات إلى الشقق بثلاث غرف نوم.

يولِّد الالتواء تظليلًا ذاتيًّا للبرج، وتوفر المدرجات الخارجية للمبنى وألواح الكسوة المعدنية للواجهة والزجاج عالي الأداء مزيدًا من الحماية للمبنى من التعرض المباشر للشمس، ويؤدي الشكل الحلزوني للمبنى دورًا  واقيًا من الرياح الشمالية النهارية، والتي غالبًا ما تحمل الرمال والغبار، ممَّا يقلِّل من الجسيمات الدقيقة التي قد تتدفق عبر الواجهة وتؤثر في جودة الهواء الداخلي (6).

برج شنغهاي (Shanghai Tower) - الصين:

برجٌ متعدِّد الاستعمالات دُرِس ليكون جزءًا من قطاع (Lu Jia Zui) المالي المركزي في شنغهاي، ويتكون من 127 طابق بارتفاع 632 م، وصمِّم مخطط المبنى على شكل مثلث متساوي الأضلاع مع نواة مركزية، ويدور دورانًا لولبيًّا سلسًا بزاوية 120 درجة (7).

من أهم سمات تصميم البرج؛ البشرة الزجاجية المضاعفة التي تغلِّف المبنى بأكمله، إذ استُخدم منحنيان مماسان بإزاحة 60 درجة لتكوينه، ويتَّصل السطح الخارجي للجدار بالسطح الداخلي كل 13 طابق، وتتميَّز واجهة المبنى بتقسيماتها الأفقية (1).

ويوفر البرج لساكنيه فرصة العيش في مدينةٍ عمودية؛ إذ تتوزع المهمات المتعددة للبرج على طوابقه المختلفة وتُنظَّم في تسع مناطق رأسية مع فناءٍ زجاجيٍّ مضاء لكلٍّ منها يخلق اتصالًا اجتماعيًّا بين الناس في حياتهم اليومية، وتؤدي وظيفة ساحات المدن التقليدية.

تحافظ تهوية الفناء الزجاجي على الطاقة عن طريق تعديل درجة الحرارة داخل الفراغ، الذي يؤدي دور المنطقة العازلة بين الداخل والخارج؛ إذ يستفيد من خاصية الحمل الحراري للهواء في تقليل احتياجات الطاقة اللازمة للتدفئة والتبريد (7).

شكلت هذه الظاهرة المعمارية الحديثة نقلةً نوعيةً لها مبرراتها وفوائدها، ولكن كيف تتكامل الحاجة المعمارية مع الإنشائية؟ هذا ما سنعرفه في مقالٍ لاحق.

المصادر:

1. Golasz-Szolomicka H, Szolomicki J. Architectural and Structural Analysis of Selected Twisted Tall Buildings. IOP Conference Series: Materials Science and Engineering. 2019;471:052050. هنا

2. Twisting buildings [Internet]. Designingbuildings.co.uk. 2020 [cited 13 September 2020]. Available from: هنا

3. What's behind the trend for twisting skyscrapers? | Architecture | Agenda | Phaidon [Internet]. Phaidon. 2020 [cited 14 September 2020]. Available from: هنا

4. Nyawara B. The Turning Torso, Calatrava's Twisting Skyscraper in Sweden | Archute [Internet]. Archute. 2020 [cited 14 September 2020]. Available from: هنا

5. McFadden C, McFadden C, Ozdemir D, McFadden C, Ozdemir D. Evolution Tower : Moscow City's Spiral Architectural Landmark [Internet]. Interestingengineering.com. 2020 [cited 14 September 2020]. Available from: هنا

6. Cayan Tower - The Skyscraper Center [Internet]. Skyscrapercenter.com. 2020 [cited 14 September 2020]. Available from: هنا

7. ZELJIC A. Shanghai Tower Façade Design Process. International Conference on Building Envelope Systems and Technologies [Internet]. Vancouver; 2010 [cited 15 December 2020]. Available from: هنا