الرياضيات > الرياضيات

الموسيقا والرياضيات؛ تجارب فيثاغورث

سيساعدك هذا المقال على فهم العلاقة بين الرياضيات والموسيقا، ولا داع للقلق إن لم تكن من محبي الرياضيات لأننا سنشرح المفاهيم بأبسط طريقة ممكنة ضمن سلسلة الموسيقا والرياضيات، لتفهم أن حساسيتنا للأصوات مرتبطة بالمنطق في عقولنا، فدع أحكامك المسبقة جانباً واكتشف جمال العلوم معنا.

سنبدأ بتعريف الصوت والتردد رياضياً

الصوت: هو الموجة، أما تردد الصوت فهو ما يحدد النوتة الموسيقية (1). 

تردد الصوت: هو التكرار ضمن الوحدة الزمنية، تخيل دوران دراجة هوائية تكمل بها العجلة دورة واحدة في الثانية فنقول إن لها تردد دورة واحدة في الثانية وهو ما نطلق عليه بالهرتز الواحد، أما إذا أكملت 10 دورات في الثانية الواحدة فإن ترددها سيكون 10 هرتز.

ربما تتساءلون الآن ما علاقة كل هذا بالصوت؟ ببساطة الصوت هو موجة، وكل موجة تتذبذب بطريقة معينة، وهو ما نسميه التردد، وإذا أكملت الموجة الصوتية ذبذبة واحدة في الثانية فسيكون لها تردد 1 هرتز في حين سيكون لها تردد 10 هرتز إن أكملت 10 ذبذبات في الثانية، ولكل تردد مختلف نوتة صوتية مختلفة، فمثلاً تردد النوتة الصوتية لا (A4) يبلغ 440  هرتز. 

لكن ما دور الرياضيات هنا؟

عندما تضرب تردد النوتة لا (A4) باثنين، ستلاحظ أن النوتة بقيت نفسها! فسيصبح التردد 440×2 =880 هرتز أي لا بأوكتاف أعلى (جواب النوتة).

توضيح آخر: عندما يكون القرار هو النوتة لا (A4) والتي ترددها 440 هرتز فإن الجواب هو النوتة لا (A5) التي ترددها 880 هرتز.

أما إن رغبت بالحصول على لا (A3) أي أخفض بأوكتاف فعليك بتقسيم التردد على اثنين فيصبح 220 هرتز، وهكذا...

تجارب فيثاغورث:

لنعد في التاريخ إلى اليونان القديمة التي سكنها رجل يدعى فيثاغورث مكتشف أحد أعظم الاكتشافات في تاريخ الرياضيات، والتي أعادت بنفعها على الموسيقا أيضاً، وكل ذلك في أثناء لعبه بخيط مشدود.

تخيل حبلاً مشدوداً متصلاً بأطرافه، عندما تعزف على الوتر فسيهتز كالرسم أدناه (2). 

قرر فيثاغورث تقسيم السلسلة الى جزئين ولمس كل نهايتين مع بعضهما مرة ثانية، ليسمع بذلك صوت مماثل للصوت الناتج عن الرسم أعلاه

لم يتوقف فيثاغورث هنا، بل أراد أن يعرف كيف سيسمع الصوت إن قسم السلسلة على ثلاثة أجزاء

سمع بعدها صوتا جديدا كلياً، ويختلف عن الصوتين السابقين، ونوتة مختلفة تماماً، كان عليه تسميتها.

وعلى الرغم من اختلاف هذا الصوت كلياً لكنه ناتج من الصوتين السابقين، خالقاً تناغماً جميلاً على الأذن، والسبب هو تشكل النغمة من تقسيمات رياضية واحد على اثنين أو اثنين على ثلاثة – ومن المثير للاهتمام بأن عقولنا تحب العلاقات المنطقية.

أكمل فيثاغورث التقسيمات والأصوات المجموعة رياضياً صانعاً بذلك موازين تحاكي الآلات الموسيقية، والتي يمكن باستخدامها إعادة إنتاج هذه المقاييس.

مثلاً، الفاصل اللحنيّ تريتون الذي نحصل عليه من نسبة 45/32 هو علاقة معقدة، ويسبب هذا الكسر شعوراً بالتوتر والانزعاج في عقولنا (3).

وبمرور الوقت سميت النوتات بالأسماء التي نعرفها اليوم.

من المثير للاهتمام أن الدماغ يفسر الأصوات على أنها "ممتعة" من القيم الصغيرة في البسط والمقام لكسر ما، فمثلاً من غير الممتع سماع الكسور 2/3، 4/5، 5/8.

لا يوجد دليل علمي قاطع يفسر حبنا لنوتات معينة وكرهنا لأخرى، فقد يكون السبب هو مزيج الفترات غير المتوازنة صعبة التفسير، ولتفهم ذلك أكثر تخيل صوتاً يُشغَّل كل ثانيتين، مع صوت آخر يُشغَّل كل ثلاث ثواني (أي ينتج عن الكسر بنسبة 2/3) يمكن تحديد نمطه من تواترين سريعين، وبهذا فإن الصوتين اللذين يجري تشغيلهما بنسب 32 * 45 سيشكلان نمطاً إتواتريًّا ذا شفرة صعبة الفك، وإن لم تكن الفكرة واضحة تماماً ففكر بما يلي:

بوصفك موسيقياً فأنت تعرف أنه لكل نوتة موسيقية تواترات تُعزف بسرعة متتالية (على سبيل المثال 220 نبضة في الثانية = 220 هرتز)

عندما نعزف نغمتين في الوقت نفسه، فإننا نقارن صوتًا يضرب X مرة في الثانية مع صوت آخر يضرب Y مرة في الثانية، مما ينتج عنه كسر X / Y.

وإذا كان ناتج أصغر اختصار لهذا الكسر أعداد صغيرة، فيعني سهولة تفسير النمط التواتري.

بعبارة مبسطة، لكل نغمة تواتر مرتبط بها ويفسر الدماغ البشري هذه التواترات في نطاق النغمات (عالية أو منخفضة)، وتداخل النغمتين في جوهرهما المادي الأساسي هو تداخل تواتري، وإن كان التواتر ذا نمط بسيط سهل التعرف إليه، فسيكون تفسير الأصوات أكثر متعة.

المصادر:

 
1-  Titze, I.R. (1994). Principles of Voice Production, Prentice Hall [Book] (pp. 188), ISBN 978-0-13-717893-3
2- Pythagoras of samos, The story of mathematics [nternet]; Available from: هنا   
3- Edel Sanders, Music and Mathematics: A Pythagorean Perspective, unyp [Internet] Publishes: November 25, 2020; Available from: هنا