الموسيقا > موسيقا

(Symphonie Espagnole)

هذا هو العنوان الذي منحَه إدوارد لالو (Edouard Lalo) لأفضل أعمالِه وأكثرها شهرة.

حقيقة أنَّ هذا المؤلِّف المعاصر لتشايكوفسكي وبرامز الذي استخدم مصطلح "سيمفونية" لعملٍ يبدو وكأنَّه كونشيرتو؛ يشيرُ إلى الدور الفريد الذي كان يفكر به لالو لعازف الكمان المنفرد (1).

كتب لالو (Symphonie espagnole) في عام 1874 لعازف الكمان بابلو دو ساراسات (Pablo de Sarasate) الذي قدَّم العمل في باريس في 7 شباط (فبراير) 1875.

لم يكن ساراسات محبًّا للمقاطع الطويلة التي تعزفها الأوركسترا كونِها نوعًا من المرافقة والحوار بين عازف الصولو والأوركسترا، لذلك بدلًا من الكونشرتو المعتاد الذي يتكون من ثلاث حركات وغالبًا ما يكون دور الأوركسترا طويلاً فيها؛ كتب لالو هذه القطعة بخمس حركاتٍ مع دور الأوركسترا باقتضاب؛ لإرضاء غرور ساراسات (3,2).

مع العلم أنَّ هذا العمل هو الوحيد من نوعه الذي لا يزال يُعَد من الأعمال الأساسية لآلة الكمان (repertoir) (3).

لم يجذب لالو -مدةً زمنيةً لا بأس بها- انتباهَ النُقاد والجمهور لنفسه كونه مؤلِّفًا؛ والسبب في ذلك يعود إلى أنه فضَّلَ الأنواع العتيقة الطراز بالنسبة لوقته من موسيقا الحجرة. حتى أنه كان قد تخلَّى عن التأليف تمامًا فترةً من الزمن.

لكنْ في عام 1866؛ دخل مسابقة برعاية (Théâtre-Lyrique)، وكتب أوبرا "Fiesque".

لكنَّ عمله لم يفُز بالمسابقة، وكان لالو غاضبًا لدرجة أنه نشرَ العمل على نفقته الخاصة، وعلى الرغم من ذلك لم يُؤَدّ على المسارح كما كان متوقعًا. وفي سبعينيات القرن التاسع عشر؛ تغيَّر حظ لالو بعد أن التقى بساراسات وبدأ بالعمل مباشرةً على سلسلة من المقطوعات الشبيهة بالكونشيرتو، له ولغيره من كبار الفنانين في ذلك العصر. وفي عام 1874؛ عزف ساراسات الكونشرتو الأول لالو للكمان عرضًا أولًا، وفي العام نفسه؛ ألَّف لالو (Symphonie Espagnole) (2).

يعتقد البعضُ أنَّ إشارة لالو إلى إسبانيا في العنوان ذات أهمية على المستوى الشخصي؛ لأنها تعكس نيته في جَعل العمل تعبيرًا عن جذوره الوطنية؛ فقدْ هاجرت عائلة والده من إسبانيا في خلال القرن السادس عشر ليستَّقروا في شمال فرنسا (2,1).

على الرغم من أن بنية الحركات لا تتوافق تمامًا مع نماذج السيمفونية ولا الكونشيرتو الكلاسيكية -فهي أشبه ب"suite" من خمس حركات-؛ إلاَّ أن هذه الحركات لم تُسمّ بأسماء رقصاتٍ كما هو معتاد بقالب الـ "suite"، وكذلك فهي تتوافق جميعها مع الرقصات الإسبانية والإيقاعات الشعبية، ولكن أسلوبَ التأليف كان بالأسلوب الكلاسيكي للسمفونية والكونشرتو (4).

(40) Lalo: Symphonie espagnole for Violin and Orchestra, Op. 21 - YouTube

الرجاء الاستماع للعمل في أثناء قراءة المقال

الحركة الأولى (Allegro non troppo): بلحن إسبانيّ (Habanera)

يبدأ اللحن الرئيسي الأول من الحركة بصعودٍ أوركستراليٍّ رائع، يلتقطه العازف المنفرد بسرعة (00:25). وستُشكِّل هذه الافتتاحية الفكرةَ الرئيسية القوية. واللحن الرئيسي الثاني في هذه الحركة هو لحنٌ يتصاعد وينخفض؛ لذلك يجب أن يُؤَدّى بعذُوبية وبأسلوب مُعبِّر (dolce espressivo). يعمل أول لحنَين معًا، وعلى الرغم من أن الأول ليس أكثر من مجرد فكرة لحنية (motif)؛ إلا أنه يعمل كالغراء الذي يربط الحركة ببعضها مثل لازمة، وتعد أكثرَ الأفكار الموسيقية تطورًا في الحركة. وكُتبت هذه الحركة الأكثر كلاسيكية في (Symphonie espagnole) بقالب سوناتا (4,5).

الحركة الثانية

Scherzando: Allegro molto:

رقصة إسبانية (seguidilla)

كُتِبَت بقالب ثلاثي (ABA). تبدأ بحوار مرح بين الوتريات والنحاسيات وآلات الإيقاع، والمثلث هنا هو الآلة الإيقاعية التي تُعطي إحساسًا ساحرًا أخَّاذًا (8:38). في حين يسرد القسمَ المتوسطَ عازفُ الكمان المنفرد، مع تحول درامي بالوزن (أي السرعة) (10:06)، ثم يعود ليتكرر القسم الأول من الحركة باللحن نفسه تقريبًا (11:30)

(4,6).

الحركة الثالثة Intermezzo: Allegretto non troppo:

مُنذُ عدَّة أجيال؛ كانت هذه الحركة تُحذَف من العروض لأسبابٍ غير واضحة!

هي رقصة بطيئة من المُفترض أنها مرتبطة بمشية الطاووس (pavane). يُشير إيقاع الحركة البطيء وسلم المينور إلى موكب جنائزي.

تبدأ بافتتاحية قوية (12:53)، ثم يدخل الكمانُ بقوة، وتصبح الموسيقا أكثر حيوية في القسم المركزي من الحركة، ثم تعود إلى الافتتاحية قبل أن تنتهي بكورد نهائي مُفاجئ وقوي (4,5).

الحركة الرابعة هي (Andante):

بسلَّمِ ري مينور تبدأ الأوركسترا اللحنَ الرئيسي الأول في الحركة (19:11)، ثم يجيب الكمان بلحن حزين يأسرُ السامع خاص به (20:13). ثم تُوَاصل الأوركسترا لحنها الحزين بعد انقطاعٍ قصير (21:23).

في هذه الحركة قصةٌ يرويها الكمان، تُضفي عمقًا عاطفيًّا ورومانسية في كثيرٍ من الأحيان، إذ يبدو أن هناك إطارًا صغيرًا من قصة تُظهر حربًا -بين عازف منفرد وأوركسترا- ثقيلةً وقاسيةً ويائسةً في كثير من الأحيان (5,6).

الحركة الخامسة (Rondo: Allegro):

شعور المُزاح والخفة للحركة الخامسة والأخيرة يكسر التعويذة الحزينة؛ إذ تبدأ الحركة باقتراب إلى النمط العسكري مع إعطاء الفلوت إيقاعًا أساسيًّا، لتتبعه باقي الأوركسترا (25:18)، وبمجرد دخول الكمان يتضح لنا أن هذه الحركة عبارة عن رقصة، ينسج بها الكمان لحنًا بطباق بزخارف متقنة (25:52)، فتحتوي هذه الحركة في قسمها المتوسط والبطيء على "Malagueña"؛ وهو لحن لرقصة إسبانية (28:30)

(4,6). 

المصادر

1. [Internet]. Old.philorch.org. 2013 [cited 21 November 2020]. Available from: هنا

2.Huscher P. Symphonie espagnole for Violin and Orchestra, Op. 21 [Internet]. Chicago city: Chicago symphony orchestra; [cited 7 November 2020]. Available from: : هنا

3. Joshua Bell Smooths Symphonie Espagnole’s Rough Edges [Internet]. San Francisco Classical Voice. 2017 [cited 21 November 2020]. Available from: هنا

4. [Internet]. Hhso.org. 2016 [cited 21 November 2020]. Available from: هنا

5.Bromberger R. [Internet]. Sandiegosymphony.org. 2015 [cited 21 November 2020]. Available from: هنا

6. Hit the Reset Button On Your Day With Lalo’s “Symphonie espagnole” | Classical Music Hour | WQXR [Internet]. WQXR. 2018 [cited 21 November 2020]. Available from: هنا