البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

حمية الدبب القطبية: كثير من الشحوم، بلا أمراض قلب !

لو كُنتَ دبّا قطبياً، وأردت أن تذهب في رحلة إلى المناطق المتجمّدة الشماليّة، فماذا ستحتاج في رحلتك هذه؟

سوف يُساعدك الفرو الأبيض لمفاجأة فرائسك، كما ستحتاج للكثير من الشحوم لتبقيك دافئاً. وقد تفيدك أيضاً بعض القوّة واللياقة في السباحة بين قطع الثلج المختلفة.

ولكنّ هناك صفة مهمّة أيضاً قد لم تفكّر بها، وهي قدرتك على تناول الكثير من الشحوم دون الإصابة بالأمراض المعتادة الناتجة عن حمية ملئية بهذه الشحوم!

لذلك قرّر الباحثون النظر بعمق إلى جينوم هذه الدببة لمعرفة كيفيّة اختلافهم وفروقاتهم عن الدبب البنيّة.

فنجد طبعاً بأنّ الجين المسؤول عن لون الفرو بالنسبة لهذه الدببة قد تغيّر، ولكن ليس للأبيض كما تعتقدون، إنّما أصبح فروهم بدون صباغ، أي عديم اللون، واللون الأبيض الذي نراه ليس إلّا بسبب انعكاس الضوء المرئيّ عنها.

وقد استطاع الباحثون تحديد جين قد يساعد الدببة القطبيّة من ناحية التعامل مع الشحوم، فهو يسمح لهم بتخزين كمّ هائل من الشحوم العازلة للحرارة، حيث نجد أنّ نصف وزنهم مكوّن من الشحوم.

وإذا أكل البشر نفس الأطعمة الدهنيّة التي تتغذّى عليها الدببة القطبيّة فهناك احتمال كبير بإصابتهم بالنوبات القلبيّة.

إلا أنّ ذلك لا يحصل في الدبب القطبيّة، فقد اتّضح من خلال الدراسات أنّ هذه الحيوانات تطوّرت لديها جينات يمكن أن تكون سمحت لها بالبقاء على قيد الحياة في ظلّ نظام غذائيّ يمتاز بمستويات عالية من الكوليسترول دون الإصابة بأمراض القلب.

من أجل هذه الدراسة، قام العلماء بسَلسلة الجينوم الكامل لـ79 دبّاً قطبيّاً من غرينلاند و 10 من الدبب البنيّة من مناطق متفرقة حول العالم.

كما وجد الباحثون بناء على هذا البحث أيضاً أنّ الدببة القطبيّة والدببة البنيّة تفرّعت من سلف مشترك في وقت ما في السنوات الـ400000 الماضية، مقارنة مع دراسة أخرى كانت قد اقترحت تباين هذين النوعين قبل حوالي 5 ملايين سنة.

ففي فترة محدودة من الزمن، تكيّفت الدببة القطبيّة بشكل فريد مع ظروف الحياة الصعبة في القطب الشماليّ، حيث تمكّنت من أن تسكن في بعض من أقسى المناخات و الظروف في العالم.

وحسب الدراسة، فمنذ ذلك الحين تطوّرت الدببة القطبيّة بسرعة بسبب من خلال الطفرات الجينيّة، والانتقاء الطبيعي في تلك البيئة الصعبة، خاصّة في الجينات التي تلعب دوراً في وظيفة القلب وتفكيك الأحماض الدهنيّة. حيث كانت بعض هذه الجينات مرتبطة بأمراض القلب عند الإنسان.

مايزال تأثير هذه الدراسة على مسير الدراسات على صحّة البشر مجهولاً، ولكن يقول الباحثون أنّ التغييرات الجينيّة التي حدثت استجابة للنظام الغذائي المليء بالشحوم لم تُسجّل من قبل، ممّا يعني أنّه ينبغي على العلماء النظر بطريقة مختلفة عن النموذج القياسيّ للكائنات الحيّة "القوارض عادة" المستخدمة لدراسة الأسباب الوراثيّة لأمراض القلب عند الإنسان.

المصادر

هنا

هنا

هنا