الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة

الغابة بعد الحريق

إن قابلية الغابات ومعظم المجتمعات النباتية للاحتراق عاليةٌ في منطقة حوض المتوسط (1)، ويمكن لهذه الحرائق أن تُدمِّر الطبيعة والمباني بسرعة كبيرة يمكن أن تصل إلى قرابة 22 كم/ساعة (2)، فيؤدي فقدان الغطاء النباتي إلى تعريض التربة للتعرية؛ ما يزيد قوة الجريان السطحي للمياه وحدوث فيضانات، وقد تتحرك الرواسب إلى مجاري الأنهار وتملأ البرك والبحيرات وغيرها من خزانات المياه الطبيعية، ما يُعرِّض الأنواعَ البرية المهددة بالانقراض ومصادر مياه السكان للخطر (2-5). ويمكن أن تستمر هذه الآثار السلبية عدة سنوات بعد الحريق (5).

تُعدُّ مشاريعُ إعادة التشجير من أول الإجراءات التي يُخطَّط لها بعد الحريق؛ ويوجد طريقتان لإعادة تشجير الغابات (6):

التجدد الطبيعي: في هذه الحالة تترك للطبيعة مَهمَّة إعادة تشجير المنطقة؛ وتعتمد هذه الطريقة على قدرة البذور على البقاء والإنبات، وعلى وفرتها في المنطقة بعد الحريق (6)، فبعضُ أنواع الصنوبر والسرو تكون بذورها محمية ضمن مخاريط مغلقة بإحكام، فتساعدها النارُ على التفتح والانتشار في الموقع، وبذلك إنباتها على التربة الغنية بالعناصر المعدنية (7). إلا أن هذه الطريقة لا تسمح بتحديد أنواع الأشجار النامية والكثافة النباتية والمسافات بينها، ثم إنها تحتاج إلى فترات زمنية طويلة (6).

يبدأ التجدُّد الطبيعي بعودة الطيور والزواحف والثدييات الصغيرة تدريجياً لتستكشف الموائلَ الجديدة بين الأخشاب الميتة والواقعة؛ فتتغذى الطيورُ على يرقات الحشرات، ويزداد تراكم الحشرات في الطبقة السفلى من الغابة، وتتنشط النباتات الصغيرة والفطريات. وبعد عدة سنوات؛ يتطور الغطاء النباتي تدريجياً مستفيداً من الأشعة الشمسية والعناصر الغذائية في التربة، ويستمرُّ في التطور إلى أن تتحول الغابة إلى غابة معقدة (8).

التشجير الصناعي: يركز على الأراضي التي يصعب تجدُّدها وتخلصها من أضرار الحرائق  طبيعياً (3)؛ إذ يتدخل الإنسان لتشجير الموقع (6). وهناك عديد من الأمور الواجب مراعاتها عند التخطيط للتشجير:

1- التحضير: تحضير الموقع للزراعة بالتخلص من البقايا النباتية المحروقة والأعشاب والأنواع النباتية الغازية لتسريع استعادة الغطاء النباتي الغابوي (4،6) وتقليل مخاطر الحريق والتعرية (4).

2- الموعد: يجب زراعة المنطقة في أقرب وقت ممكن بعد الحريق؛ بهدف منع انتشار الأنواع الغازية وتقليل مخاطر التعرية (4). وتكون الزراعة في خلال الفترة من كانون الأول (ديسمبر) وحتى نيسان (أبريل)، باكراً قدر الإمكان بعد انتهاء فترة حدوث الصقيع، لاستفادة النباتات قدر الإمكان من أمطار الربيع والتأقلم مع الوسط قبل فصل الجفاف.

 3- اختيار الأنواع: بعد العودة إلى تاريخ المنطقة لمعرفة أكثر الأنواع نجاحاً فيها؛ يجب اختيار الأنواع حسب الهدف الإداري من التشجير (إنتاج الخشب، إيجاد موائل للحيوانات البرية، تشجير مناطق ضفيّة). بحيث تكون الأنواع المختارة ملائمة لنوع التربة وكمية الهطول المطري وانحدار الموقع وموجات الصقيع. فمثلاً يمكن اعتماد مزيج من الصنوبريات وبعض الشجيرات والأنواع العشبية الثانوية. آخذين بالحسبان الناحية الجمالية والترفيهية للمنطقة (6). 

4- طريقة الزراعة: يُفضَّل التشجير باستعمال غراس في عمر عام على الأقل (4،6). توفّر عادة المشاتل معلومات عن موقع جمع البذور الأصل لهذه الغراس، لذلك يفضل اختيار غراس مأخوذة بذورها من مواقع ظروفها مشابهة لظروف موقع الغابة، وبالأخص الارتفاع عن سطح البحر (6)، تزرع الغراس بحيث تكون تيجان الأشجار مستقبلاً بعيدة عن بعضها بالقدر الكافي (4). ولا ينصح باستعمال البذور في عملية التشجير مباشرة لأنها معرضة لخطر الاستهلاك من الحيوانات البرية (مثل القوارض والطيور والحشرات) وتغيرات الطقس (4،6)، لذلك نسبة نجاحها أقل وتكبِّدُ المشجِّرين تكاليف إضافية للترقيع (زراعة الأماكن الفارغة) (6).

يجب إنشاء حاجز ناري حول المناطق والأبنية السكنية بعرض قرابة 10م مزروع بأنواع عشبية أو شجيرات قليلة الارتفاع. ويجب تشذيب هذه النباتات وإبقاؤها خضراء، بحيث تكون عالية المحتوى الرطوبي (لا تحترق بشدة وتحمي المباني من الحريق). وفي حال زراعة الأشجار ضمن هذا الفاصل الناري؛ يفضل استخدام الأنواع ذات المحتوى الرطوبي العالي أكثر من الصنوبر العالي المحتوى من الراتنج السريع الاشتعال. ويجب تقليمها دورياً والتخلص من المواد الميتة لتقليل احتمال حدوث حريق أو انتشاره مجدداً (2).

والجدير بالذكر أن حرائق الغابات الأرضية المنخفضة والمتوسطة الشدة يمكن أن تساعد على تجدد الغابات من خلال تجديد نمو الطبقة السفلى، إلا أن الحرائق الشديدة يمكن أن تقتل الغطاء النباتي بأكمله وتترك التربة عارية؛ ما يستدعي التدخل السريع لاستعادته (2).

المصادر:

1- Fao.org. 2020. FOREST BIOLOGICAL DIVERSITY - Unasylva 209. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

2- Usda.gov. 2020. Decrease Wildfire Risks By Choosing The Right Plants. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

3- Fs.usda.gov. 2020. After The Fire | US Forest Service. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

4- University of California, D., 2020. Reforestation. [online] Ucanr.edu. Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

5- Nationalforests.org. 2020. Eight Important Facts You Should Know About Post-Fire Restoration - National Forest Foundation. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

6- Ucanr.edu. 2020. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

7- Fire.ca.gov. 2020. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].

8- Fs.usda.gov. 2020. [online] Available at: هنا [Accessed 17 October 2020].