منوعات علمية > منوعات

الزيّ المدرسي الموحّد: بين القانون وحرية التعبير

يعدُّ الزي المدرسي الموحَّد مثالًا جيدًا وواضحًا عن دور اللباس في تقديم صورةٍ عن المنتمينَ لكيانٍ أو مؤسسةٍ ما، إذ يمثل بما يحمله من تصميم أو رموز القيمَ والأفكارَ والعادات والرسائلَ التي تتبناها المدرسة وتحاول ترسيخها لدى الطلاب. هذا ما دفع العديد من الباحثين لمحاولة البحث والتعمق في مدى أهمية الزي المدرسي الموحَّد وإيجاد الكثير من النقاط التي تدعم هذه الاستراتيجية لجعلها من ضمن الخطط الأساسية لدى أي مؤسسة تعليمية، وبالمقابل هناك مَن وجد لها نتائجَ سلبية قد تؤثر في المتعلِّمين وسلوكياتهم.

من الصعب تحديد الفترة التاريخية التي ظهرت فيها توجهات اعتماد الزي المدرسي الموحَّد. إذ يعود أول استخدام مُسجَّل للزي المدرسي الموحَّد في إنجلترا إلى عام 1222، عندما أمر رئيس أساقفة مدينة كانتربري  Canterbury بارتداء الطلاب للباسٍ موحدٍ يدعى "Cappa Clausa"، كما يعود أصل وتاريخ أقدم زي مدرسي إنجليزي لا يزال يستخدم في الوقت الحالي إلى القرن السادس عشر، عندما ارتدى الأطفال الفقراء الملتحقون بالمدرسة الداخلية لمستشفى Christ رداءً أزرق موحَّدًا (1,2).

وقد شغل الزي المدرسي الموحد حيزًا كبيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية من اهتمام القائمين على استراتيجيات التعلم، لكنه اقتصر في البداية على مجموعة قليلة من المدارس العامة، لا سيما في المناطق الريفية، وقد شجع الرئيس الأمريكي السابق Bill Clinton في عدة مواقف على أهمية الزي المدرسي في الحد من العنف وترسيخ النظام، كما شغل ذلك  قضية رأي عام في محاكم العديد من الولايات الأمريكية ما بين مؤيدٍ لها ومعارض (2).

لعل الغاية المشتركة من الأخذ بالحسبان اعتماد الزي المدرسي الموحد لدى مختلف الثقافات هي تحقيق المساواة بين الطلبة من مختلف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، يضاف إلى ذلك أهمية الزي الموحد في خلق روح الجماعة والمشاركة في المدرسة، كما أشار المختصون بالسياسات التعليمية إلى دور ذلك في زيادة الالتزام لدى الطلبة ودافع الإنجاز والمنافسة الإيجابية ليغدو ذلك الهدف الأساسي لدى الطلبة، وكذلك الحد من العنف المدرسي. وقد لفتت تجربة Long Beach School district في كاليفورنيا عام 1995 الانتباه نحو الدور الفعال للزي المدرسي الموحد، إذ استطاعت خلال عام واحد فقط التماس قدرته على الحد من العنف المدرسي وزيادة مستوى الطلبة الدراسي ( 1,3,4). 

من جانب آخر، ظهرت وجهات نظر أخرى تعارض إلزام الطلبة بالزي المدرسي الموحد، زاعمين بأنها تحد من قدرتهم على التعبير عن أنفسهم وهويتهم، لا سيما في المجتمعات ذات التعددية الدينية أو الثقافية، والتي بنظر العديد، يعدونه جزءًا مهمًّا من حق الطلبة وحريتهم في التعبير عن أنفسهم. جعل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي عام 1996 من الأمر قضية رأي عام وصلت إلى محاكم العديد من الولايات الأمريكية، لكنها لم تستطع إقناعهم في وضع تشريع واضح بهذا الخصوص. كما أن تجربة جنوب أفريقيا في التخلي عن استراتيجية الزي المدرسي الموحد لا سيما في فترة التحول نحو المؤسسات الديمقراطية والأصوات المنادية بحرية التعبير، والتي أثرت بشكل عميق في المدارس وسياسات التعليم، تعزز هذه الآراء وتدفعنا نحو التفكير مليًّا بمدى جدوى اعتماد الزي المدرسي الموحد (1,3).

المصادر:

1- Wilken I, Aardt A.V(2012). School Uniforms: Tradition, benefit or predicament?, Education as Change, 16:1, 159-184, Available from: هنا

2- ProCon.org (2019). History of School UniformsAvailable from:  هنا 

3- Yeung, R. (2009). Are School Uniforms a Good Fit? Educational Policy, 23(6), 847–874, Available from: هنا

4- Stanley, M. S. (1996). School Uniforms and Safety. Education and Urban Society, 28(4), 424–435. Available from: هنا

/p>