الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

الدببة القطبية على حافة الموت جوعاً

تعتمد الدببة القطبية على وجود الجليد في البحث عن وجبتها المفضلة: الفقمات، إلا أنها حالياً تعاني كثيراً في سبيل الوصول إلى فريستها بسبب آثار التغير المناخي التي تسبَّبت بذوبان مزيد من جليد القطب الشمالي حيث تعيش. ولمعرفة مقدار الغذاء اللازم لهذه الحيوانات القطبية؛ عمل بعضُ العلماء بدراسة نشاط تسعة أفراد من إناث الدببة القطبية في ساحل بحر بيفورت (Beaufort Sea) كل ربيع ومدة ثلاث سنوات؛ إذ أُخذت عيناتٌ للدم إضافة إلى بعض القياسات الأخرى بهدف قياس معدل الاستقلاب. كذلك ثُبِّتت أطواق تتبع (GPS) مع كاميرات لمراقبة نشاط الدببة في أثناء بحثها عن الغذاء. ووجد الفريق البحثي أنّ هذه الدببة بحاجة أكثر من 12000 سعرة حرارية يومياً، ما يعادل أكل فقمة حلقية بالغة مرة كل 10 إلى 12 يوماً؛ الأمر الذي يُشير إلى معدل الاستقلاب العالي لديها، إضافة إلى كونها تبذل مزيداً من الطاقة في أثناء المشي مقارنة بالحيوانات ذات الحجم المماثل، فقد أفضى تتبعها مدة عشرة أيام إلى أنها تقضي أكثر من ربع هذه المدة في المشي بحثاً عن الغذاء. وبالفعل؛ فقد أثبتت هذه الدراسةُ أن نصف الدببة المدروسة تقريباً قد خسرت قرابة 10% من وزنها نتيجة لصرف الطاقة في المشي، بعد أن فقدت سبيلها في الحصول على غذائها على شواطئ البحار الجليدية التي يزداد ذوبانها يوماً بعد يوم (1).

في هذا السياق؛ وُثِّق عديدٌ من الصور والمقاطع المصورة لدببة قطبية تبحث عبثاً عن الطعام؛ ومن أكثرها مأساوية ما صوَّره المصور الفوتوغرافي (Paul Nicklen)  في كانون الأوّل (ديسمبر) من عام 2017 في جزر بافين الكندية (Baffin Islands)، ونرى في الفيديو دبّاً قطبياً هزيلاً جدّاً على حافة الموت، يكافح عبثاً ليصل إلى القمامة عسى يجد فيها ما يسدُّ رمقَه، وينتهي به الأمر مرمياً على الأرض في حالة تعب شديد (2). يمكنكم مشاهدة الفيديو في الرابط أدناه.

هنا
credit: National Geographic/ Paul Nicklen

وفي قصة أخرى جرت أحداثُها في منطقة مأهولة تدعى (Guba) تقع في أرخبيلٍ قطبي معزول شمال روسيا؛ هاجم 52 دباً قطبياً جائعاً المنطقةَ؛ ما حدا بالسلطات لإعلان حالة الطوارئ. أمَّا سبب الهجوم فهو ذاته، البحث عن الطعام الذي فُقد على شواطئ البحار الجليدية بتأثير الاحترار العالمي الذي تزداد حدَّتُه أسرع مرتين في القطب الشمالي مقارنة ببقية أنحاء العالم؛ الأمر الذي يهدد قرابة 22000 إلى 33000 دبٍّ قطبيٍّ يعيش في القطب (3). وتُبيِّن الصور أدناه الدببةَ في البلدة الروسية باحثة عن غذائها في القمامة، وفي صورة أخرى مهاجمة المباني العامة والمنازل:

 

ولا يتوقف الخطر الذي يهدد الدببة القطبية على موتها جوعاً بتأثير ذوبان الجليد في شواطئ البحار الجليدية حيث تعيش فرائسها الفقمات الحلقية، وهو الذي سيُهدِّد الفقمات نفسها بفقدان مسكنها بطبيعة الحال؛ بل إن ذوبان الثلوج في مواطنها سيُهدِّد نسلَها عموماً بالتناقص وربما الانقراض ليس بسبب الجوع فحسب، بل بسبب فقدان الموطن، لا سيما أن بناء الأوكار التي تعتمد عليها في تنشئة مواليدها يحتاج إلى 2 متر على الأقل من الثلج المتماسك حيث لا يمكن للعواصف الثلجية أن تجرفه (4). 

 

حان لهذه الكائنات صديقة القطب والثلج والبرد القارص أن تتخلص من معاناتها في البحث المضني عن طعامها الذي بالكاد يسدُّ رمقها، فهل يَعتَبِر الإنسان ويشفق عليها وعلى غيرها من الكائنات التي تَسَبَّب في تناقص عددها كثيراً وربما قد يُسبِّب انقراضَها قريباً؟

المصادر:

1.  Polar bears are starving, and this video reveals why | Science | AAAS [Internet]. [cited 2020 Aug 22]. Available from: هنا

2. Pappas S. Starving Polar Bear’s Last Hours Captured in Heartbreaking Video [Internet]. livescience.com. [cited 2020 Aug 22]. Available from: هنا

3.  Brandon S. 52 Polar Bears ‘Invade’ a Russian Town to Eat Garbage Instead of Starve to Death [Internet]. livescience.com. [cited 2020 Aug 22]. Available from: هنا

4.  Rogers N, Writer S. Global Warming May Deprive Polar Bears of Safe Places to Give Birth | Inside Science [Internet]. [cited 2020 Aug 22]. Available from: هنا