الكيمياء والصيدلة > صيدلة سريرية

الاعتلال العصبي المحيطي والأدوية المستخدمة في علاجه

الجهاز العصبي المحيطي

هو شبكة الأعصاب الَّتي تقع خارج الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والنخاع الشوكي). يتضمَّن الجهاز العصبي المحيطي أنواعًا مختلفة من الأعصاب لها وظائف معينة، بما في ذلك:

1- الأعصاب الحسيَّة: المسؤولة عن نقل الأحاسيس، مثل: الألم واللمس.

2- الأعصاب الحركيَّة: المسؤولة عن التحكم في العضلات.

3- الأعصاب اللاإراديَّة: مسؤولة عن تنظيم الوظائف التلقائية للجسم، مثل: ضغط الدم وعمل المثانة (1).

أعراض الاعتلال العصبي المحيطي

1- وخز وخدر في اليدين والقدمين.

2- ألم حارق في المناطق المصابة، وفقدان التوازن والتنسيق، وضعف العضلات خاصةً القدمين.

عادةً ما تكون هذه الأعراض ثابتة؛ ولكنَّها قد تظهر وتتراجع.

في المملكة المتحدة يقدَّر أنَّ شخصًا بين كل 10 أشخاص يبلغ من العمر 55 عامًا أو أكثر، مصابٌ بالاعتلال العصبي المحيطي (1).

وأهمُّ العلامات النموذجية لاعتلال الأعصاب المحيطي هو ألم حاد ولاذع أو ألم ينتشر من أحد أجزاء الجسم إلى الأجزاء الأخرى (2).

مسببات الاعتلال العصبي المحيطي

يعدُّ داء السكري (من النمط الأول والثاني) السبب الأكثر شيوعًا لاعتلال الأعصاب المحيطة  في المملكة المتحدة، وبمرور الوقت يمكن أن تؤدي مستويات السكر المرتفعة في الدم المصاحبة لداء السكري إلى تلف الأعصاب.

هنالك أيضًا أسبابٌ أخرى نذكر منها:

1-عدوى فيروسيَّة، مثل: القوباء المنطقية.

2- آثار جانبية لبعض الأدوية أو شرب الكثير من الكحول (1).

علاج الاعتلال العصبي المحيطي

يعتمد العلاج اعتمادًا رئيسيًّا على الأعراض والمسبب الرئيسي. على سبيل المثال: إذا كنت مصابًا بداء السكري، فمن المفيد جدًّا التحكّم بمستويات السكر في الدم وضبطها، والتوقف عن التدخين وتناول المشروبات الكحولية.

يمكن علاج آلام الأعصاب بأدوية موصوفة، أو قد يكون علاج فردي كالعلاج الفيزيائي والمساعدة على المشي من أجل علاج ضعف العضلات (1).

وقد تشمل العلاجات الفعالة الراحة والثلج والحرارة والأدوية المضادة للالتهاب. عادةً ما يهدأ الألم بهذه الطرق.

تقول الدكتورة بادما جولور Dr.Padma Gular أخصائية طب الألم في جامعة Massachusetts العامة التابعة لجامعة هارفرد: "يقول الناس أشياءً مثل: ركبتي تؤلمني، أشعر أنَّ الألم يصل إلى منتصف فخذي نزولًا إلى ساقي. في هذه الحالات قد يكون العصب هو المسبِّب (2).

في اعتلال الأعصاب يصبح العصب المسؤول عن نقل الألم هو المصدر الفعلي له. لا تفي مسكنات الألم الأفيونية بالغرض، حتى وإن كانت كذلك، فإنَّه لاينبغي أن تستخدم لفترات طويلة الأمد. لحسن الحظ، فإن عددًا من العلاجات التي طُوِّرت لعلاج الاكتئاب واضطرابات النوبات تخفِّف أيضًا من إشارات الألم هذه، سوف نتطرق للحديث عنها بالتفصيل في مقالنا الآتي:

_ مضادات الاختلاج: طُوِّرت هذه الأدوية للسيطرة على النوبات؛ ولكنَّها تساعد أيضًا في تخفيف حدِّة إشارات الألم في الأعصاب. يُستخدَم عديدٌ منها على نطاق واسع في علاج الألم المزمن. تستغرق هذه الأدوية حوالي 3 إلى 4 أسابيع لتُعطي التأثير المطلوب، وغالبًا ما يُبدأ بجرعات منخفضة وتُزاد تدريجيًّا؛ مما يساعد على التقليل من الآثار الجانبية.

_ مضادات الاكتئاب: تساعد أنواع معينة من مضادات الاكتئاب في تخفيف شدة الألم والسيطرة عليه، ويكون لها تأثير تآزري عند الأشخاص الَّذين يعانون من الاكتئاب المترافق مع الألم المزمن.

هنالك ثلاثة خيارات للعلاج:

1- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة Tricyclic Antidepressants، مثل: الأميتريبتيلين، دوكسيبين، نورتريبتيلين. توصف هذه الأدوية بجرعات أقل من تلك الموصوفة لعلاج الاكتئاب.

2- مثبطات عود التقاط السيروتونين والنوربينفرين SNRIs، مثل: دولوكسيتين، فينلافاكسين. من ميزات أدوية هذه الزمرة أنَّ تأثيراتها الجانبية أقل من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة، رغم أنَّ بعض الدراسات تشير إلى أنَّها أقل فعالية.

3- مثبطات عود التقاط السيروتونين الانتقائية SSRIs، مثل: فلوكسيتين، وهو من أكثر الأدوية الموصوفة لعلاج الاكتئاب. 

عادةً ما يصف الأطباء نوعًا واحدًا أو أكثر من (مضادات الاكتئاب أو مضادات الاختلاج)، وقد يشتركان معًا أيضًا، بالإضافة إلى مسكنات الألم التقليدية (2).

نلاحظ أنَّ آلية العلاج تركِّز على علاج الأعراض، وفي بعض الحالات تُعالج الأسباب المسببة لهذا الألم.

اُقترِح من مجموعة مهتمة بعلاج الألم العصبي المحيطي NeuPSIG: 

_الغابابنتين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (TCAs) ومثبطات عود التقاط السيروتونين والنوربينفرين بصفتها خط العلاج الأوَّل.

_الليدوكائين والكابسيسين والترامادول بصفتها خط العلاج الثاني.

_ ووضعت المواد الأفيونية القوية (المورفين والأوكسي كودون) وتوكسين البوتولينوم (BTX-A) بصفتها علاجات من الدرجة الثالثة لألم الأعصاب المحيطة.

وقد وافقت منظمة الغذاء والدواء (FDA) على الغابابنتين والبريغابالين لعلاج آلام الأعصاب. نظرًا لبنيتهما المشابهة للناقل العصبي Gamma -Aminobutyric Acid فهي ترتبط بالوحدة a2 من قنوات الكالسيوم Ca مما يقلِّل من تدفقه للخلايا. حصل كل من الغابابنتين والبريغابالين على استجابات ممتازة في علاج السكري والألم العصبي الهربسي وإصابات النخاع الشوكي، بجرعات تتراوح بين 150-600 ملغ/يوميًّا للغابابنتين و300-3600 ملغ/يوميًّا للبريغابالين.

ووُجِد أنَّ مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة فعَّالة في علاج الاعتلال العصبي، وآلام ما بعد الولادة المركزية، وعلاج الألم الناجم عن إصابات النخاع الشوكي. يحقِّق الأميتربتيلين تأثيره عن طريق تثبيط عود التقاط السيروتونين والنورأدرينالين من النهايات قبل المشبكية، وكذلك تثبيط المستقبلات الكولينية والأدرينالية والهيستامينية والقنوات الأيونية، وذلك بجرعة تتراوح بين 10-150 ملغ/يوميًّا.

يُمنع استخدام مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة عند المرضى الّذين يعانون من اضطرابات في التوصيل القلبي، والغلوكوما، وتضخم البروستات.

أمّا بالنسبة لمثبطات عودة التقاط السيروتونين والنوربنفرين SNRIs، يُعدُّ الدولوكسيتين هو الأكثر فعالية ويستخدم بحذر عند مرضى القلب. يحقق التأثير المطلوب بجرعة تتراوح بين 20-120 ملغ/يوميًّا.

كما ذكرنا سابقًا يُوصى باستخدام الليدوكائين والكابسيسين بصفتها أدوية الخط الثاني في العلاج عند المرضى الّذين يعانون من آلام الأعصاب الطرفية؛ إذ تعمل لصاقات الليدوكائين على حجب قنوات الصوديوم مما يقلِّل من آلام الأعصاب.

المورفين والأوكسي كودون من أدوية الخط الثالث الموصى بها وذلك لتعقيد المتابعة والمراقبة والآثار الجانبية الضارة المحتملة للأدوية في حال أُسيء استخدامها (3).

وأخيرًا؛ يعدُّ ألم الاعتلال العصبي المحيطي اضطرابًا يصعب علاجه، وبذلك يؤثِّر في نوعية حياة عديدٍ من المرضى، ولهذا السبب من المهم جدًّا تحديد أهداف دوائية وطرق فعالة بأقل الآثار الجانبية الممكنة.

المصادر:

1- Peripheral neuropathy - Treatment [Internet]. nhs.uk. 2019 [cited 18 November 2020]. Available from: هنا

2- Publishing H. Drugs that relieve nerve pain - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2014 [cited 18 November 2020]. Available from: هنا

3- Cavalli E, Mammana S, Nicoletti F, Bramanti P, Mazzon E. The neuropathic pain: An overview of the current treatment and future therapeutic approaches. International Journal of Immunopathology and Pharmacology. 2019;33:205873841983838.