المكتب الإعلامي > حملة تنمية الطفولة المبكِّرة

ركائز رعاية التنشئة؛ الصحة وتطوُّر الأطفال

وفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية؛ فالصحة -ومنها صحة الطفل- ليست الخلو من المرض فقط، بل هي اكتمال السلامة الجسدية والنفسية والعاطفية والاجتماعية، ولذلك من أجل ضمان صحة الطفل المثلى؛ يجب التركيز على توفير كل ما يلزم لضمان نموّه وتطوره الأمثل (1).

يبدأ دور الصحة في تقوية الأنظمة البيولوجية الآخذة بالتطور لدى الأطفال من صحة أمهاتهم قبل الحمل، وهذا هو حجر الأساس ليصبح الأطفال بالغين أصحاء؛ إذ توفر التجارِب الإيجابية المبكرة للأطفال أساسًا لبناء جهاز عصبي قوي يزودهم بالقدرة على التعلُّم وعلى اكتساب المهارات في حياتهم (2).

يجب أن نعلم أن الأطفال بحاجة تضافرِ عدة عوامل من أجل تحقيق أفضل تطوُّر ممكن، وتُلخَّص هذه العوامل بما يسمى رعاية التنشئة (Nurturing Care)؛ فرعاية التنشئة تعني مجموعة الظروف الواجب تحقيقها (من قبَل السياسات العامة، والبرامج، والخدمات) وهي التي تتيح للمجتمعات ولمقدمي الرعاية المحافظةَ على صحة الأطفال، وتأمين تغذيتهم، وأمنهم وأمانهم، إضافة إلى توفير فرص التعلُّم المبكر عن طريق التفاعل المستجيب والداعم عاطفيًّا، وباختصار؛ فإن "رعاية التنشئة هي ما يتوقعه دماغ الطفل ويعتمد عليه ليتطور على نحوٍ صحي" (3). وإن رعاية التنشئة هي مخطط عمل أطلقته منظمةُ الصحة العالمية واليونيسيف والبنك الدولي في أيار (مايو) عام 2018.

يحتاج جميع الأطفال إلى رعاية التنشئة من أجل تطوير جميع إمكاناتهم، وهذا أمر حيوي للنمو والتطور الصحي، ويشكل الوقت بين الحمل وعمر الثلاث سنوات -حين يكون الدماغ أكثر عرضة للتأثيرات البيئية- مرحلةً حاسمة، وإن رعاية التنشئة لا تعزز النمو البدني والعاطفي والاجتماعي والمعرفي فقط؛ بل تحمي الأطفال من آثار الشدائد أيضًا.

وتشمل رعاية التنشئة خمسة مكونات تقنية رئيسة، وهي:

 وبذلك؛ يجب تصميم البرامج والسياسات والخدمات التي تمكِّن مقدمي الرعاية من تلبية جميع احتياجات الأطفال الصغار (1,4).

ما دور الصحة في تطوُّر الأطفال؟ 

بدايةً؛ نذكر أن طبيعة الأخطار الصحية التي تهدد الأطفال ونوعها تختلف عن تلك التي تؤثر في البالغين، ولكن ما يميز غالبية الأطفال فعليًّا هو امتلاكهم مقاومة أكبر في وجه الظروف الصحية السّيئة، وقدرة أكبر على التطور والنمو على الرغم من تلك الظروف، وبذلك؛ تكون -في كثير من الأحيان- التداخلات العلاجية أكثر فعالية عند الأطفال منها عند الكبار. 

فضلًا عن ذلك؛ فقد ورد أنَّ الظروف والأحداث في المراحل المبكرة من الحياة تُشكِّل حجرَ أساسٍ تُبنَى عليه المراحل القادمة، فإما أن يكون هذا الأساس ضعيفًا وإما قويًّا، ويشمل ذلك الأذيات التي تحدث في مرحلة ما قبل الولادة وحولها، إضافة إلى التعرُّضات في الطفولة وهي التي قد تؤدي إلى نتائج صحية سلبية عند النضج، فعلى سبيل المثال؛ قد يكون للتعرض المبكر للأشعة فوق البنفسجية دورٌ في تطوُّر الميلانوما عند الكبر. 

نُضيف إلى ذلك وجود دور مهمّ للسلوكيات التي ينشأ عليها الطفل؛ فقد تبيَّن أن وجود أثرٍ تراكمي للنظام الغذائي ولعادات الرياضة المُكتَسَبة في الصغر يغيّرُ من الحالة الصحية في مرحلة الرشد (5). 

تبدأ صحة الطفل الصغير عند مقدمي الرعاية (والداه على نحوٍ أساس، أو أقرب فرد مسؤول عن رعايته اليومية) عن طريق مراقبتهم وضعَ الطفل الجسدي والنفسي، واستجابتِهم المناسبة والمُحبّة لحاجاته اليومية، وحمايته من الأخطار الموجودة سواءً داخل المنزل أم خارجه، وممارسة سلوكيات النظافة لخفض خطر الإنتانات، والاستفادة من الخدمات الصحية الوقائية، وطلب العلاج المناسب عند مرض الطفل.

 يعتمد توفير ذلك على كلٍّ من الحالة الصحية والنفسية لمقدمي الرعاية؛ لذا يعدُّ الاهتمام بصحة مقدمي الرعاية جزءًا مهمًّا من تحقيق رعاية التنشئة. 

ما دور القطاع الصحي؟

 لم يُعَدّ القطاع الصحي سابقًا مُشارِكًا أساسيًّا في التطور المبكر للأطفال؛ لكنَّ الخدمات التي قدمها -سواءً تلك المُقدَّمة إلى الأم في أثناء الحمل أم إلى الأطفال وصولًا إلى عمر الثالثة- ذات توقيت مثالي لتقييم تطور الأطفال المبكر وتحفيزه. 

يمكن للقطاع الصحي أن يُعزِّز من دوره عن طريق ضمان وصول النساء والأطفال الصغار إلى الخدمات الصحية والتغذوية العالية الجودة، والاستفادة من هذه الخدمات وجعلها أكثر توجُّهًا لتحقيق رعاية التنشئة، وزيادة التواصل مع العائلات والأطفال المعرَّضين أكثر للتطوُّر دون المثالي، وإنشاء خدمات مخصصة للعائلات والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بأمراض صحية مزمنة والمعرضين لخطر سوء المعاملة. إضافة إلى دوره في دعم مقدمي الرعاية؛ كحالات الإدمان على المخدرات أو الأمراض النفسية، والتعاون مع القطاعات الأخرى لضمان وجود الدعم المناسب للأطفال والعائلات من الجوانب جميعها (3).

المصادر:

1_رعاية التنشئة من أجل تنمية الطفولة المبكرة: إطار عمل للتحرُّك [إنترنيت]. منظمة الصحة العالمية. 2018 (تم الاستشهاد في 8 أكتوبر 2020). متوفر على الرابط التالي: هنا

2_Lifelong Health [Internet]. Center on the Developing Child, Harvard University. (cited 8 October 2020). Available from: هنا

3_Nurturing Care for Early Childhood Development: A Framework for Helping Children Survive and Thrive to Transform Health and Human Potential [Internet]. World Health Organization. 2018 (cited 8 October 2020). Available from: هنا

4_Health and child development [Internet]. Unicef.org. 2020 [cited 13 October 2020]. Available from: هنا

5_National Research Council (US); Institute of Medicine (US). 2004. Children’s Health, The Nation’s Wealth: Assessing and Improving Child Health. Washington (DC): National Academies Press (US). Available from: هنا