الكيمياء والصيدلة > تأثير أدوية

هل يعد الميلاتونين دواء آمناً لعلاج الأرق؟

يعد نظام الاستيقاظ صباحاً في ضوء النهار والنوم ليلاً في الظلام جزءاً طبيعيَّاً من حياة الإنسان، وقد بدأ العلماء -مؤخراً- بفهم تناوب دورة النوم والاستيقاظ (cycle of sleep and waking) وارتباطها بضوء النهار والظلام (1).

 يصنع الجسم -طبيعيَّاً- كمية أكبر من الميلاتونين في أثناء الليل؛ إذ يبدأ مستوى الميلاتونين بالتزايد عند غياب الشمس وحلول المساء عادة، وتتناقص صباحاً عندما تشرق الشمس (2).

إذاً؛ ما هو الميلاتونين؟

هو أحد هرمونات الغدة النخامية (pineal gland) التي تقع فوق منتصف الدماغ تماماً، وتساعد في تعرّف الجسد على مواعيد النوم والاستيقاظ (2).

ويأخذ بعض الأشخاص الميلاتونين دواء فمويَّاً لضبط الساعة الداخلية للجسم؛ إذ يعد الأرق وتحسين النوم أكثر استخدامات الميلاتونين شيوعاً (3).

كيف يعمل الميلاتونين؟

يتمثّل عمل الميلاتونين الرئيسي في تنظيم دورة الليل والنهار أو دورة النوم - الاستيقاظ؛ إذ يُحَفِّز الظلام الجسم على صنع المزيد من الميلاتونين؛ الذي يوجِّه الجسم للاستعداد للنوم، ويقلل الضوء من إنتاج الميلاتونين مما يوجّه الجسم إلى الاستيقاظ، ولذلك؛ فقد يمتلك الأشخاص الذين يعانون صعوبة في النوم مستويات منخفضة من الميلاتونين (3).

متى يمكن استخدام الميلاتونين دوائيَّاً؟ 

يمكن لمُكمِّلات الميلاتونين (Melatonin supplements) أن تساعد في حالات معينة مثل:

1- تَلَكُّؤُ النَفَّاثَة (Jet lag)*:

يحدث نتيجة اختلاف التوقيت عند السفر جوَّاً مروراً  بمناطق زمنية محتلفة، ومن الأعراض التي تحدث عند اختلاف التوقيت: النوم المضطرب، الشعور بالتوعُّك، تعب في أثناء النهار، ضعف في الأداء، واضطرابات هضمية، وتظهر الدراسات أن مكملات الميلاتونين بإمكانها أن تساعد في هذه الحالة (4,5).

2- اضطراب طور النوم - الاستيقاظ المتأخر  Delayed sleep-wake :phase disorder

يواجه الأشخاص المصابون باضطراب طور النوم والاستيقاظ المتأخر (DSWPD)  صعوبة في النوم في الوقت المعتاد والاستيقاظ في الصباح، ويمكن لمكملات الميلاتونين أن تساعد المصابين باضطراب طور النوم والاستيقاظ المتأخر على النوم، ولكن؛ لم يؤكَّد إن كانت الفوائد المُحقَّقة تتغلب على المضار المُحتملة بعد (4,5).

3- القلق السابق للجراحة والتالي لها:

يحدث القلق السابق للجراحة والتالي لها (Anxiety before and after surgery) عند أكثر من 80 بالمئة من المرضى، ويمكن لمُكمِّلات الميلاتونين أن تساعد في تقليل القلق السابق للجراحة، ولكنَّ دورها في تقليل القلق التالي للجراحة غير واضح بعد (4).

4- بعض اضطرابات النوم لدى الأطفال:

قد تؤثر اضطرابات النوم عند الأطفال سلبيَّاً في  سلوكهم وأدائهم في النهار، ويكون بعض الأطفال المصابين باضطرابات معينة مثل الربو واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) أو اضطراب طيف التوحد (autism spectrum disorder) أكثر عرضة للإصابة بمشكلات النوم (4).

فعالية الميلاتونين:

عندما أجرى العلماء اختباراً  لمقارنة فعالية الميلاتونين المأخوذ على هيئة حبوب منوّمة مع دواء وهمي "غُفل" (placebo) مكوّن من أقراص سكرية؛ وجدت معظم الدراسات أنه ما من فائدة نتجت عن الميلاتونين. 

ومن ناحية أخرى؛ أظهرت بعض الدراسات احتمال فائدة الميلاتونين في التقليل من الوقت اللازم للدخول في النوم؛ إضافة إلى تقليل عدد مرات الاستيقاظ، 

 وليس تحسين وقت النوم الكلي بالضرورة.

ومازلنا بحاجة إلى دراسات ضخمة وأكثر شمولاً لإثبات فعالية الميلاتونين وأمانه في بعض حالات الأرق (insomnia)؛ وخاصة فيما يتعلق بالاستخدام الطويل الأمد (1).

هل يُصرف الميلاتونين بموجب وصفة طبية فقط؟

لا توجد أية أدوية هرمونية -غير الميلاتونين- في الولايات المتحدة تُعطى دون وصفة طبية، ولكن؛ نظراً إلى وجود الميلاتونين طبيعيَّاً في بعض الأطعمة؛ فقد سمح قانون المكملات الغذائية للصحة والتعليم في الولايات المتحدة عام 1994 ببيع الميلاتونين بمثابة مكمل غذائي (مثل الفيتامينات والمعادن)، والمكملات لا تحتاج موافقة هيئة الغذاء والدواء (FDA) أو أن تضبط بطريقة ضبط الأدوية  نفسها(1).

الجرعة:

لكي يكون الميلاتونين مفيداً؛ يجب أن تكون جرعته صحيحة، وأن تكون طريقة تناول الدواء ووقته تتلائم مع مشكلة النوم المُعالَجة؛ فقد يوجِّه تناوله في الوقت الخاطئ ساعتك البيولوجية إلى توقيت غير مرغوب (1).

الجرعات الفموية للبالغين:

هل يعد أخذ الميلاتونين آمناً تماماً؟

لا يوجد -حتى الآن- معلومات كافية عن الآثار الجانبية المحتملة لتشكيل صورة واضحة عن أمان الميلاتونين؛ وخاصة عند تناول الجرعات التي تفوق إنتاج الجسم الطبيعي.

يعد الاستخدام القصير الأمد لمكملات الميلاتونين آمناً لدى معظم الناس؛ ولكن المعلومات فيما يتعلق بأمان الاستخدام الطويل الأمد لها لا تزال غير كافية.

وننصح بأخذ النقاط الآتية بالحسبان قبل تناول الميلاتونين:

التأثيرات الجانبية:

في دراسة مرجعية تعود إلى عام 2015 لتقصي أمان مكملات الميلاتونين؛ أشارت النتائج إلى نشوء آثار جانبية خفيفة في العديد من الدراسات القصيرة الأمد التي شملت فئات عدة؛ بالغين ومرضى خاضعين للجراحة ومرضى مصابين بأمراض حرجة.

وشملت الآثار الجانبية التي سُجِّلت في الدراسات صداعاً ودواراً ونعاساً وغثياناً.

وكما ذكرنا سابقاً؛ فإن الآثار الجانبية المحتملة للاستخدام الطويل الأمد للميلاتونين لا تزال غير واضحة (4).

وعلى الرغم من وجود بعض المخاوف فيما يتعلق باستخدام  الميلاتونين الشائع المُباع كمنتج استهلاكي؛ فليس هناك أي حالات مسجلة عن السمية أو فرط الجرعة، وإن كنت قلقاً فيما يخص معرفة الجرعة الصحيحة من الميلاتونين المناسبة لك؛ فننصحك باستشارة مزوَّد الرعاية الصحية الخاص بك (1).

* تَلَكُّؤُ النَفَّاثَة: حالة من اختلال الوقت مع اضطراب النظم اليومي الطَّبيعي، يولده السفر السريع بين مناطق زمنية مختلفة، ويتصف بالتعب والأرق وباضطرابات في وظيفة الجسم.

المصادر:

1. Melatonin and Sleep - Sleep Foundation [Internet]. Sleep Foundation. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا

2. Melatonin: What Is It and Can It Help You Sleep? [Internet]. WebMD. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا

3. Melatonin: Uses, Side Effects, Interactions, Dosage, and Warning [Internet]. Webmd.com. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا

4. Melatonin: What You Need To Know [Internet]. Nccih.nih.gov. 2019 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا

5. Melatonin [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا