العمارة والتشييد > عمارة سورية المعاصرة

متحف حلب الوطني؛ حكايةٌ من التاريخ السوري

يُعَدُّ المتحف الوطني في حلب المستودع الأولي للقطع الأثرية الموجودة في حلب ومناطق المحافظة المحيطة بها (1). وقد افتُتِح رسميًّا في العام 1931 م، وكُرِّس حينها لعرض ما يعود إلى ما قبل العصر اليوناني الروماني، والأعمال التي تعود إلى ما لا يتجاوز العام 333 ق. م التي يُسنَد معظمها إلى الاكتشافات من تل حلف (2).

واتُّخذ القرار بنقل المجموعة من موقعها الأصلي في البناء العثماني بعد أن أصبح مكتظًّا إلى متحفٍ حديثٍ شُيِّد لهذا الغرض (2, 3)، فصُمِّم البناء الحالي الذي يقع في الحديقة غرب باب الفرج، من قبل المهندسين المعماريين فيجينسلاف ريختر وزدرافكو بريغوفا  (Vjenceslav Richter & Zdravko Bregova) الكرواتيين (1)، وهو بناءٌ ذو فناء مكون من طابقين ويضم ساحةً كبيرة (1)، وقد بدأ بناؤه عام 1967 م، وافتُتِح رسميًّا في العام 1972 م (1, 2, 3)

يضم المتحف خمسة أقسام وهي:

قسم آثار ما قبل التاريخ في الطابق الأرضي، وقسم الآثار السورية من العهود الشرقية القديمة الذي يتألف من ثلاثة أجنحة تضم قاعات صغيرة عدَّة مقسمة وفق المواقع التي تعود إليها المكتشفات، وقسم الآثار السورية من العهود الكلاسيكية، وقسم الآثار العربية الإسلامية الذي تأسس عام 1975 م وجُدِّد عام 2009 م، وقسم الفن الحديث الذي تأسَّس عام 1971 م ويضم لوحات فنية لفنانين سوريين (3).

إعادة بناء واجهة تل حلف:

أعيد التفكير بواجهة المتحف لتجسِّد أحد رموز بقايا حضارة تل حلف الآرامية بعد الإعجاب الذي نالته واجهة تل حلف التي أعيد بناؤها في متحف برلين، لذلك قدم مدير الآثار والمتاحف فيصل صيرفي مشروع إقامة واجهة تل حلف في الباحة الجنوبية الشرقية، بحضور المهندس جورج شالنكو والمهندس الياباني ينشوبا والمهندس بشير المهندس، ونتج بعد مناقشة المشروع ما يأتي:

الاستعانة بواجهةٍ زجاجية وهدم جدار قاعة تل حلف للتمكُّن من رؤية الواجهة، بعد ضم أرض من أملاك البلدية لتُبنى الواجهة في مسافة أبعد عن السور الحالي بما يقارب 5- 10 م، وتنظيف الباحة والعناية بالحديقة وبناء درج مزدوج من قاعة تل حلف نحو الباحة.

ولكن بسبب عدم القدرة على ضم أرض مجاورة للباحة، وحجم الواجهة الكبير وارتفاعها الذي يتجاوز ارتفاع باب المتحف والذي سيُحدِث خلًلا في توازن المساحات، وغيرها من المشكلات، لم تُنفَّذ الفكرة السابقة. وقُدِّمت لاحقًا افتراحات كثيرة، ولكن بعد استشارة الخبير الألماني هينريش وتنفيذ القوالب الجصية لأشكال تماثيل واجهة تل حلف من قبل الفنان وفا الدجاني بدأ العمل على تنفيذ الواجهة الحالية؛ إذ صُبَّت التماثيل من الإسمنت الأسود المخلوط بالرمل والجص الأسود، ووُسِّعت بلاطة درج المدخل من الجهتين ودُعِّمت لتتحمل أوزان التماثيل والواجهة.

ضمَّت التماثيل شبكة حديدية وصُبَّت وفق دفعات، ثمَّ نُقِش عليها لتبدو منحوتة، وقد تألَّفت من تماثيل عدة تعود إلى واجهة تل حلف (تمثال الرب حدد وتمثال الربة عشتار وتمثال الأسد وتمثال الثور وتمثال أبي الهول الذي يمثِّل رأسه امرأة). ولحق ذلك بناء الإطار المعماري للواجهة من القرميد الإسمنتي، ثمَّ رُكِّزت عليه الأخشاب المعتَّقة، وطُليت الواجهة بمونة إسمنتية جُهِّزت بلون قريب من لون لبن تل حلف ثمَّ صُبَّت اللوحات ذات الأشكال النافرة وعُلِّقت في الجهتين اليمنى واليسرى من الواجهة.

وأنشئ فوق التماثيل عناصر معمارية تشبه تيجان الأعمدة مخروطية الشكل، ليرتكز عليها الإطار الأفقي للواجهة التي يبلغ ارتفاعها الكلي 6 أمتار تقريبًا (4).

الأضرار التي تعرَّض لها المتحف:

أفادت التقارير التي أكدتها المديرية العامة للآثار والمتاحف -في أثناء فترة الحرب في سورية- أنَّ المتحف الوطني في حلب أصيب بقذائف الهاون في 11 تموز/ يوليو عام 2016 م، ممَّا سبَّب أضرارًا جسيمة في سقف المبنى وهيكله، وقد أُجليت العديد من المعروضات من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية ونقلت إلى مواقع آمنة (5)، وغُطِّيت بعض الآثار بأكياس الرمل، ولكنَّ الأعمال العدائية وعدم القدرة على الصيانة أدَّت إلى تلف المبنى ومساحات العرض على الرغم من الإجراءات المتخذة لحماية المتحف (6). 

وقد تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام الماضي بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار والمتاحف من إزالة قرابة 400 متر مكعب من الحطام، وترميم شبكات الكهرباء والمنشآت، وترميم مدخل المتحف، إضافةً إلى صيانة وترميم قاعات عرض ماري وعصور ما قبل التاريخ وكابينات العرض في الطابق الأرضي، وعزل وإصلاح سطح المتحف. لتُفتَح أبواب متحف حلب الوطني للجمهور في 24 تشرين الأول/ أكتوبرعام 2019 م لأول مرة منذ إغلاقها في العام 2013 م بدعمٍ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في سورية وتمويلٍ من الحكومة اليابانية (6).

وهنا ننهي معكم حكاية أحد المتاحف السورية الذي شهد قصصًا كثيرةً ومتنوعة من التاريخ السوري، فهل تمكنتم من زيارة هذا المتحف بعد إعادة افتتاحه؟

المصادر:

1. Mathaf Halab al-Watani | General View of National Museum of Aleppo | Archnet [Internet]. Archnet.org. [cited 24 September 2020]. Available from: هنا

2. Discover Islamic Art - Virtual Museum - National Museum of Aleppo [Internet]. Islamicart.museumwnf.org. [cited 24 September 2020]. Available from: هنا

3. المتحف الوطني بحلب [Internet]. المديرية العامة للآثار والمتاحف. 2012 [cited 24 September 2020]. Available from: هنا

4. شعث ش. إعادة إنشاء واجهة القصر - المعبد في تل حلف (غوزانا) أمام المدخل الرئيسي للمتحف الوطني بحلب. الحوليات الأثرية العربية السورية. 1973;23(1-2):143-156.

5. UNESCO Director-General deplores heavy damages at the National Museum of Aleppo | United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization [Internet]. Unesco.org. 2016 [cited 24 September 2020]. Available from: هنا

6. Reopening of the National Museum in Aleppo: Saving Syria’s Cultural Heritage | UNDP in Syria [Internet]. UNDP. 2019 [cited 24 September 2020]. Available from: هنا