الطب > طب الأطفال

الحُمّى لدى الأطفال

تعدُّ الحمى أحد أشيع أسباب مراجعة الأطفال لقسم الطوارئ؛ إذ يمثّل الأطفال المصابون بالحمى نحو 20 ٪ من زائري قسم الطوارئ، وتتراوح الاضطرابات المسببة لارتفاع الحرارة من الحالات الخفيفة إلى أكثر الأمراض البكتيرية والفيروسية خطورة. وعلى الرغم من أن كثيراً من الأطفال المصابين بالحمى يعانون مرضًا محددًا ذاتيًا، إلّا أنّ نسبة منهم سيكون لديها مرض جرثومي أو انتاني خطير من الممكن أن يؤدي، في حال عدم معالجته، إلى عواقب خطيرة.

وعلى الرغم من أنّ الفيروسات تشكل غالبية الإصابات لدى الأطفال الصغار، فإن قرابة 1-2٪ لديهم عدوى جرثومية خطيرة (مثل انتان الدم والتهاب السحايا الجرثومي) (Overview 1).  

عادةً يأتي الأهل بشكوى ارتفاع حرارة طفلهم دون قياسها باستخدام مقياس الحرارة، ولكن يُعدّ الإبلاغ الأبوي عن الحمى (عبر تحرّيها من جذع الطفل أو أطرافه أو جبهته) مؤشرًا  على وجود الحمى. هذا ويختلف استخدام مقياس الحرارة بين الفم أو المستقيم أو الإبط. وقد يعدّ البعض قياس الحرارة عن طريق الشرج أدق الطرق في حال تطبيقه على نحو صحيح. وتتراوح حرارة الطفل الطبيعية بين (36.6 حتى 37.2) (Patient History 1).

بعد قياس حرارة الطفل والتأكد من ارتفاعها، ما الأمور التي يجب على الطبيب الاستفسار عنها من أجل مقاربة حالة الطفل؟

من المهم الاستفسار عن التزام الطفل بجدول اللقاحات، والسؤال عن آخر اللقاحات وموعدها؛ إذ قد يكون عدم الالتزام باللقاحات سبباً لحدوث عدوى وارتفاع الحرارة، أو قد ترتفع الحرارة نتيجة للّقاح الأخير المأخوذ.

ويبدأ الطبيب بالسؤال عن العديد من الأعراض والتظاهرات (الإقياء، تغيرات الشهية، تغير عادات التغوط، تغيرات النشاط وغيرها من الأعراض المرافقة) (Patient History 1). 

ما أشيع المسببات للعدوى الانتانية لدى الأطفال؟

كان هناك تحول في علم أوبئة العدوى الانتانية الخطيرة على مدى العقود الثلاثة السابقة، أيضًا انخفض معدل الانتانات الخطيرة عند الرضع والأطفال منذ تنفيذ التطعيم الروتيني، وكذلك لوحظ وجود علاقة عكسية بين سنّ الرضيع وانتشار العدوى الانتانية الخطيرة، 

ولقد أظهرت الدراسات الحديثة هيمنة إنتانات المجاري البولية (84 ٪) على حالات الانتانات لدى الأطفال، مع انخفاض حدوث انتان الدم (6.3 ٪) والتهاب السحايا (0.2 ٪). هذا وكانت جرثومة المستدمية النزلية والمكورات الرئوية من أهم مسببات الإنتانات الخطيرة لدى الأطفال سابقاً والتي تراجعت حالياً نتيجة حملات التلقيح.

الآن تعد الاشريكية القولونية Escherichia coli أحد أشيع مسببات العدوى الانتانية لدى الأطفال (CHANGING EPIDEMIOLOGY 2) (Epidemiology 4). أما من الناحية الفيروسية، فقد كانت معظم الإصابات نتيجة الفيروسات المعوية، يليها الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، والأنفلونزا (3).

هل يتظاهر جميع الأطفال بنفس الأعراض؟ أم تختلف التظاهرات تبعاً للعمر؟!

في بعض الأحيان، يصاب الرضّع الأكبر من 3 أشهر بالحمى دون علامات أو أعراض مرافقة، وقد لا يحتاج الأطفال في هذه الفئة العمرية، المصابون بالحمى الخفيفة فقط، ذوي النتائج الطبيعية، إلى أي علاج.

في حين أنّ الرضّع الذين تقل أعمارهم عن 3 أشهر، فإن خطر العدوى الانتانية العامة يتراوح بين 9-14٪؜.

وتبقى العدوى الفيروسية هي السبب الأشيع للحمى لدى الأطفال في خلال أول عامين من الحياة (3).

ما الفحوصات الأساسية التي تُجرى لتحري الانتان لدى الطفل المحموم؟

من الصعب التفريق بين العدوى الفيروسية الحميدة والعدوى الجرثومية الخطيرة بناءً على الأعراض وحدها؛ لذلك، تجرى بالإضافة إلى القصة المرضية للطفل والفحص البدني بعض التحاليل المخبرية (مثل تعداد الدم الكامل CBC لتحري عدد خلايا الدم البيضاء، وتحري البروتين الارتكاسي (CRP) والذي يرتفع عادة في الانتانات الجرثومية، وزرع الدم، وفحص وزرع البول والبراز، وصورًا شعاعية وغيرها) (Background 4).

تعدّ الصور الشعاعية للصدر مفيدة للغاية وخاصة للمرضى الذين يعانون حمى شديدة مصحوبة بتظاهرات تنفسية أخرى (السعال، تسرع التنفس، نقص الأكسجة) (Chest Radiographs 1).

ويكون البزل القطني (من أجل تحري السائل الدماغي الشوكي والتهاب السحايا وغيرها من الانتانات العصبية) إجراءً غير روتينيًا لدى الرضّع الذين يكون فحصهم طبيعيا وبحالة عامة جيدة والذين تزيد أعمارهم عن 21 يومًا (LUMBAR PUNCTURE 2)، ويجب الالتزام بكلّ الحالات بتعليمات الطبيب. 

في حين يُصبح من المفضل إجراء البزل القطني في حال ظهور أيّ من الأعراض الآتية (الاختلاج الحروري المعقد، انتباج اليافوخ الأمامي، الإقياء المستمر، والاضطرابات العصبية، مثل التهيج أو الخمول، والعمر أقل من 8 أسابيع) (Lumbar Puncture 1).

ولكن، كيف يمكن تمييز الأطفال مرتفعي الحرارة ذوي الخطورة العالية عن غيرهم؟

من المهم تقييم علامات الصدمة الإنتانية لدى الأطفال وذلك عبر ملاحظة انخفاض ضغط الدم، والأطراف الباردة، والزرقة، والجلد الباهت أو المبرقش، وتبدلات الحالة العقلية (التهيج أو الخمول)، والنبض المحيطي، وعلامات الجفاف. وكذلك يُعدّ الأطفال ذوو العمر الأصغر من الشهرين، ناقصي المناعة، وغير الملتزمين باللقاحات من ذوي الخطورة العالية للعدوى الانتانية المهمة (Minimizing Patient Risk 1).

بعد تقييم الطفل وإجراء الفحوصات اللازمة، ما الخطوات الأساسية من أجل تدبير ارتفاع الحرارة؟

قد يكون الآباء قلقين على نحو مفرط من النتائج المحتملة لارتفاع درجة الحرارة، أو قد يعتقدون أن كل حمى تتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية.

يوصى أولاً بتقييم مجرى الهواء والتنفس وتحري النبض والضغط لجميع الأطفال المرضى، وكذلك يُعدّ تأمين وريد أمرًا مهمًا في حال تطلب الطفل تعويضًا للسوائل أو أدوية عبر الوريد (Prehospital Care 1).

يلي ذلك إجراءات خفض الحمى والتي تشمل في أغلب الحالات الباراسيتامول، وربما مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في حالات خاصة وتحت وصفة طبية حصرًا.

يعدّ الباراسيتامول الدواء الأشيع لدى كل من الأطفال والمرضى البالغين، والذي وُجِد أنّه يخفض من الحمى بسرعة. (Abstract and Methods 5).

وبدورنا ننصحكم بعدم إهمال ارتفاع حرارة أطفالكم، وعدم اللجوء إلى الطرق الشعبية في خفضها، بل استشارة الطبيب واتباع نصائحه من أجل الحفاظ على صحة صغاركم.

المصادر:

1- Emergent Management of Pediatric Patients with Fever: Overview, Patient History, The Physical Exam [Internet]. Emedicine.medscape.com. 2019 [cited 30 May 2020]. Available from: هنا

2- Dorney K, Bachur R. Febrile infant update. Current Opinion in Pediatrics. 2017;29(3):280-285. Available from: هنا

3- Cioffredi L, Jhaveri R. Evaluation and Management of Febrile Children. JAMA Pediatrics. 2016;170(8):794. Available from: هنا

4- Woll C, Neuman M, Aronson P. Management of the Febrile Young Infant. Pediatric Emergency Care. 2017;33(11):748-753. Available from: هنا

5- 8. Kanabar D. A clinical and safety review of paracetamol and ibuprofen in children. Inflammopharmacology. 2017;25(1):1-9. Available from: هنا