البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات

غذاء الحامل وتأثيره على DNA الجنين !

كتار بيقولوا للأم خلال فترة الحمل "تغذي منيح... كلي فواكه... كلي لحوم... خلّي أكلك غني بالطاقة...أنتِ عم تاكلي عن تنين !! " يا ترى هل الجنين بيحتاج كل هالكمية من الغذاء؟ ولا النوعية هيي الأهم؟ والتأثير فقط على نمو الجنين الكمي ولا ممكن يأثر على صفاته؟؟ هالمقال بيحكي عن تأثير جديد لغذاء الأم خلال الحمل على طفلها وهوي التأثر على تعبير المورثات وبالتالي على الصفات الوراثية...


تعتبر التأثيرات طويلة الأمد لنظام الأم الغذائيّ على صفات ابنها الموروثة غير معروفةٍ بشكلٍ تامّ، ولكننا نهدف في هذا المقال إلى وصف النظام الغذائيّ الأفضل للأم أثناء الحمل، فقد أظهرت الدراسات أن حمية الأم (نظامها الغذائيّ) قد يسبب تغييراتٍ في التعبير الوراثي لمورثات ابنها (Epigenetic Changes) وهذا قد يؤثر بشكلٍ خطير على نموه وتطوره!

في "جامبيا " وتحديداً في بعض المناطق الريفية الّتي تتأثر بشدّة بتغيّرات المناخ الّتي تسبب تغييراً في النظام الغذائيّ للسكان، أجرى باحثون دراستهم. حيث قاموا بتحليل النظام الغذائي لنساء هذا البلد ذلك أن الفصول الممطرة فصول المجاعة أما فصول الجفاف فهي فصول الحصاد!

يتضمن غذائهم على مدار العام الأرز، وحبّةً تدعى الـ millet أو (الدُّخْن)، الفستق والكسّافة (وهي نبات ذو جذورٍ نشويّة). ولكن وخلال الفصول الماطرة تغلب الخضروات الورقية كالسبانخ على غذائهم والّتي تحتوي الكثير من الفولات وهي ملح لفيتامين ب9 أو حمض الفوليك وهو مركب غذائيٌّ هام خلال فترة الحمل .

ثم قام العلماء بتحليل تراكيز المواد المغذيّة في دم 84 امرأة حملت خلال الفصول الماطرة و84 امرأة أخرة من اللواتي حملن في فصول الحصاد. علاوةً على ذلك، قاموا بتحليل الـ DNA لستة جينات محددة لدى الأطفال في مراحل مختلفة... وقد وجدوا أن أطفال المواسم الماطرة حصلوا على مورّثاتٍ أغنى بزمر الميتيل (وهي زمرة كيميائية تضاف إلى مناطق في الدنا وقد تتسبب بكبت المورثات ومنع ظهور التعبير الوراثي).

هذا ويقول أحد الباحثين: "إن نتائجنا تقضي ولأول مرة أن جودة غذاء أمهات البشر في وقت الحمل قد يغير من الطريقة الّتي ستفسّر بها جينات أبنائهن؛ مما قد يتسبب بمشكلةٍ مدى الحياة".

ونشير هنا إلى أنّ دراساتٍ سابقة أُجريت على الحيوانات تقتضي بأن المؤثرات البيئية قد تسبب تغيراتٍ خلقيّة عند التعرض لها قبل الحمل... فعلى سبيل المثال أظهرت دراسةٌ أجريت عام 2003م أنّ غذاء أنثى فأر غيّر لون مولودها بسبب ظاهرة متيلة الدنا (إضافة زمرة الميتيل الّتي كنا قد ذكرناها سابقاً).

على كلّ حال، هنالك دليل صغيرٌ قويّ يفيد بأن العوامل البيئية قد تسبب تغيراً في دنا الجسم البشريّ، ومن المهم ملاحظةُ أن الغذاء لم يكن المتغير الوحيد عند نساء جامبيا، حيث ازداد نشاطهم الجسديّ بسبب الزراعة في الفصول الماطرة؛ مما سبب خسارة الوزن الّتي عُوِّضت خلال فصول الحصاد! وكلّ هذه التغييرات تلعب دوراً في توزّع الأغذية في جسد المرأة.

وتظهر هذه الدراسة تأثيراً خلقيّاً واحداً لدى جميع الأطفال عُثر عليه لدى تحليل الدم وجريبات الشعر! وحسب الباحث Waterland فإن هذا يقترح أنّ كلّ الخلايا في أجسام الأطفال حصلت على علامة واحدة في الدنا مقترنةٍ بموسم الحمل!

"إننا نطمح لإعداد مرجع يتضمن كافة مواضع الجينوم البشري الّتي قد تتأثر بحمية الأم أثناء الحمل، وهذا سيمنحنا القدرة لنقول ما الّذي قد تسببه تغيرات كهذه أو تلك من أمراض، وما هي الأمراض بالتحديد الّتي قد تظهر خلقياَ" – الباحث Waterland

"إن هدفنا النهائيّ هو تحديد الحمية الأفضل والّتي ستنمع متيلة الدنا المسببة للعيوب الولاديّة" يقول باحثٌ آخر ويكمل "لقد سبق واستعملنا حمض الفوليك (فيتامين B9) لمنع عيوب الأجنة، ولكن يهدف بحثنا اليوم إلى تحديد خليط المغذيات الّتي قد تأتي من الطعام أو المكملات الغذائية والّذي قد يمنع العيوب الخلقيّة".

وأنتم متابعينا برأيكم؛ هل سيصل العلماء يوماً إلى توليفةٍ كاملة من حمية غذائية ومكملات أخرى تمنع من حدوث العيوب الولادية ؟؟؟؟


جامبيا هي جمهورية في غرب أفريقيا قرب السنغال / المصدر : Google Maps

المصدر

هنا