الهندسة والآليات > مهندسون مبدعون

تابلت

هل تسائلتم يوماً عم كيفية عمل الأجهزة الذكية؟ الهواتف الذكية؟ الحواسيب المحمولة؟ الحواسيب اللوحية؟ ألم تشعروا يوماً بالفضول لمعرفة كيف تعمل هذه الأشياء التي نستخدمها بشكل يومي في حياتنا العادية؟

هذه الأسئلة شكلت دافعاً لمجموعة من طلاب هندسة الحواسيب في جامعة دمشق: سامر الشطا، يحيى الطويل، وملهم محمود. هدفهم هو الدخول بمجال النظم المضمنة Embedded Systems، وبناء حاسب لوحي محلي الصنع اعتماداً على تصميمهم وبرمجتهم الخاصة.

للوهلة الأولى قد يبدو الأمر للبعض عبارة عن فكرة مستحيلة أو هدف غير واقعي، فكيف سيستطيع ثلاثة طلاب بناء حاسب لوحي تخصص الشركات العملاقة ميزانيات ضخمة وهائلة من أجل تصنيعه؟ كيف سيتمكن ثلاثة طلاب من معرفة التفاصيل التقنية الدقيقة المتعلقة بصناعة الأجهزة الذكية؟ الأهم من ذلك، كيف سيتمكنون من التأقلم مع الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا الآن من صعوبة تأمين القطع إلى الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي...الخ.

في الواقع، فإن الأسباب المذكورة أعلاه ليست سوى عوائق لمن لا يريد الإنجاز ولمن لا يريد التعلم، وهذا ما برهن عليه فريق مشروع "موزاييك" بعد نجاحهم بتنفيذ تصميمهم الخاص بالحاسب اللوحي.

العمل بدأ منذ بداية سنة التخرج، حيث وضع الشباب الثلاثة خطتهم من أجل الوصول للتصميم، حددوا احتياجاتهم من قطع والمواد اللازمة للتصنيع Hardware، ثم حددوا احتياجاتهم البرمجية Software، وبدأوا البحث عن المكونات الأساسية للأجهزة اللوحية، والمعلومات المتعلقة بربط العتاد الصلب مع البرمجيات وملحقات الإظهار والتخاطب (مثل منافذ الـ USB و الـ HDMI والـ Ethernet). حدد الفريق المعلومات التي يجب أن يتعلموها، وحددوا أيضاً الخطة الزمنية التي يجب أن يعملوا وفقها لكي يكون الحاسب اللوحي جاهزاً وقت مناقشة مشاريع التخرج في الجامعة.

بدأ العمل، وبدأت الصعوبات تظهر، حتى أن الفريق شعر باليأس ببعض المراحل من إمكانية إنجاز الحاسب، وشعروا فعلاً أنهم غامروا بشيء أكبر من قدراتهم. إلا أن التصميم على الاستمرار بهذه المغامرة مهما كانت النتائج هو ما دفعهم للاستمرار.

في النهاية، وبتاريخ 26/5 من عام 2014، تم عرض المشروع أمام لجنة مناقشة مشاريع التخرج في قسم هندسة الحواسيب، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق. "موزاييك" الحاسب اللوحي الأول الذي تم تصنيعه محلياً يعمل، وبشكلٍ ممتاز.

لماذا "موزاييك" ؟ في الواقع، فإن كل إنجاز يستحق أن يحمل اسماً، وقد اختار أعضاء الفريق اسم "موزاييك" للوحتهم الحاسوبية الرائعة، تعبيراً منهم عن دور الحضارة السورية العريقة، وإسهاماتها للبشرية، فكان اسماً مستوحى من تاريخنا الرائع، من أجل مستقبلٍ مشرق.

بالنسبة للفريق، فلا يسعنا سوى أن نقول لهم: مبروك! أنتم أشخاص رياديون ومبدعون وتستحقون كل ثناء ومديح. بالنسبة لنا جميعاً، فإن هذه القصة، وهذا التصميم، وهذه الإرادة يجب أن تكون درساً ومثالاً يحتذى. نحن نضع يومياً مئات بل آلاف التبريرات كل لا ننجز ونتعلم أموراً تافهة وسخيفة، بينما أثبت ثلاثة طلاب معتمدين على أنفسهم كلياً بأن "المستحيل" غير موجود، مهما كانت الظروف ومهما كانت الصعوبات.

يبقى الأمل الأخير هو ألا يكون هذا العمل مجرد خبر جميل نقرأه على صفحات التواصل الاجتماعي، أو يكون مجرد عنوان عريض تتسابق المواقع على نشره. يجب أن يكون هذا العمل دافعاً لكل طلاب العلم والمعرفة في سورية على أن يؤمنوا بنفسهم وبقدراتهم، أن يؤمنوا بأنهم قادرون على الإنجاز، وقادرون على الإبداع، وقادرون على العطاء.

فلنتذكر أن ستيف جوبز وبيل غيتس بدأوا كأشخاص معدومين، ولكنهم آمنوا بقدرتهم على تحقيق الإنجاز، وكل منهم قد بدأ من كراج منزله بتصنيع حواسبه وأنظمته البرمجية. الآن الشركة التي أسسها ستيف جوبز تمتلك العلامة التجارية الأغلى في العالم، وشركة مايكروسوفت التي أسسها بيل غيتس تهيمن على تصنيع برمجيات وأنظمة تشغيل الحواسيب حول العالم.

ماذا عنكم ؟؟ ما هو مشروع التخرج الذي ستختارونه ؟؟

في النهاية، نترككم مع المقال الذي تم نشره في موقع "عالم الالكترون" الذي يعمل فيه اثنان من أسرة المشروع، والذي يضم التفاصيل التقنية والبرمجية الكاملة المتعلقة باللوحة الحاسوبية الرائعة "موزاييك":

هنا