الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

وادي الموت يُسجِّل رقمًا قياسيًّا في درجات الحرارة!

في حدث مفاجئ من الأحداث المؤسفة المتعاقبة والناتجة عن الاحتباس الحراري؛ سجَّل المرصدُ الجوي في وادي الموت بكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية درجةَ حرارة هي الأعلى في تاريخه منذ عقود؛ فقد وصلت درجة الحرارة في 12 تموز (يوليو) الماضي إلى 128° فهرنهايت "ما يعادل 53.3° سيليزيوس" بحسب المرصد الوطني الأمريكي للمعلومات البيئية (The United States National Centers for Environmental Informations - NCEI)  (1).

وعلى الرغم من عدِّ هذه الدرجة غير اعتيادية؛ إلا أن ارتفاع درجات الحرارة في وادي الموت أكثر من 100° فهرنهايت "37.7° سيليزيوس" ليس أمرًا غريبًا. إذ سبق لهذه المنطقة تحقيق أرقام قياسية حتى قبل التاريخ المذكور أعلاه، ومنها ما سُجِّل في الشهر نفسه عام 1913 عندما وصلت درجة الحرارة إلى 134° فهرنهايت "56.6° سيليزيوس" (2).

يؤثر شكل الوادي نفسه كثيرًا في ارتفاع درجات الحرارة صيفًا في المنطقة بسبب تشكيله المورفولوجي الطويل والضيق الملائم جدًّا لحفظ حرارة الشمس المنعكسة من صخور الصحراء ورمالها بعد تسخينها بواسطة أشعة الشمس (2).

ويعدُّ وادي الموت منطقةً جافةً نظرًا إلى أنه يقع في منطقة ظل المطر (rainshadow) لسلسلة جبلية غربية، مؤلفة من أربعة جبال؛ وهي: سيرا نيفادا (Sierra Nevada)، وجبال إنيو (Inyo Mountains)، وجبل آرغوس (Argus Range)، وجبل بانامينت (Panamint Range)، مُجبرةً الكتل الهوائية القادمة من المحيط الهادئ على تفريغ حمولتها من الأمطار على سفح السلسلة الجبلية من جهة المحيط، فلا يبقى إلا القليل من مياه المطر التي تصل إلى منطقة الوادي الشديدة الجفاف (3).

وعلى الرغم من ذلك؛ فإن المفارقة الغريبة تكمن في أن وادي الموت لم يحصل على اسمه بسبب حرارته العالية ومناخه الجاف صيفًا؛ بل كان ذلك نتيجةً دراميةً غير مباشرة لمناخه القاسي شتاءً الذي يمكن أن يسجل درجات حرارة دون الصفر ما بين شهرَي تشرين الأول (أكتوبر) ونيسان (أبريل) (3).

حدث ذلك بعد أن تاه مجموعةٌ من الباحثين عن الذهب في الوادي في شتاء عام 1849 حيث واجهوا مصاعب جمَّة من جوع وتعب عدا عن هول شكل الوادي ذي الأرضية الملحية. وحينما نظر الناجون إلى الوادي خلفهم بعد نجاح مَهمَّة إنقاذهم؛ صرخ أحدهم: "وداعًا وادي الموت Goodbye Valley of Death"، لتصبح هذه المقولة جزءًا من التاريخ والجغرافية والثقافة الغربية إلى يومنا هذا. إذ لم تحمل هذه المنطقة اسمًا قبل تلك الحادثة قط! (4)

في نهاية المطاف؛ تتزايد المؤشرات الدالة على خطورة المستقبل المناخي العالمي يومًا بعد يوم، وتتعالى النداءات للبَدء بإجراءات قد تحدُّ من خطورة الموقف؛ فهل من مُجيب؟ أم سيكون مصيرنا وشركاؤنا في الكوكب كحال أولئك التائهين في وادي الموت؟ تائهون.. جائعون.. عطشى ومرضى؛ ولكن دون أن تتكلَّل مَهمَّة إنقاذ الكوكب -وإيانا- بالنجاح؟

المصادر:

1. National Centers for Environmental Information

هنا

2. National Centers for Environmental Information (NCEI). 2020. On This Day: Earth’S Hottest Temperature. [online] Available at: هنا [Accessed 2 August 2020].

3. Roof, S. and Callagan, C., 2020. The Climate of Death Valley, CALIFORNIA. [online] Stormbruiser.com. Available at: هنا [Accessed 2 August 2020].

4. United States Department of the Interior, National Park Service., 1938. Death Valley National Monument. [online] Available at: هنا [Accessed 7 August 2020].