الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

أطعمةٌ تسبب الاكتئاب، فابتعد عنها!

يمثل الغذاء جزءًا بالغ الأهمية من حياة الإنسان وحالته الجسدية والنفسية، ونخص بالذكر اليوم علاقة الغذاء بالاكتئاب.. فهل يمكن لأطعمةٍ معينة أن تدخلنا في دوامة الاكتئاب فعلًا؟ وكيف؟

للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نحدد أيهما يأتي أولًا؛ هل تسبب خياراتنا الغذائية السيئة الاكتئاب، أم أن الاكتئاب هو الي يدفعنا إلى اتخاذ قرارات سيئة تجاه صحتنا؟؟

من المعروف أن الأغذية التي نتناولها تكون ذات أثرٍ كبيرٍ في حالتنا النفسية، فمنها ما يسبب التوتر ومنها ما يسبب السعادة، وقد تطرقنا إلى الأغذية التي تزيد هرمونات السعادة في عدة أعمال سابقة هنا و هنا

وبالمقابل، تنعكس الحالة النفسية والمزاجية للشخص على اختياراته الغذائية أيضًا، فتظهر نتائج الاكتئاب جليّةً في دفعنا إلى تناول أطعمة غير صحية تزيد الحالة سوءًا (2).

وقد وجد الباحثون أن النظام الغذائي الصحي؛ مثل حمية البحر الأبيض المتوسط التي تعتمد على الإكثار من الخضار والفواكه والأسماك، والحد من اللحوم ومنتجات الألبان، يترافق مع انخفاض خطر الإصابة بأعراضٍ اكتئابية (2). وعلى العكس، أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاصَ الذين يتّبعون حميةً غير صحية تضم كمياتٍ كبيرةً من اللحوم المُعالَجة والشوكولا والحلويات والأطعمة المقلية والحبوب المُكررة ومنتجات الألبان عالية الدسم يكونون أكثر عرضة للمعاناة من الاكتئاب وأعراضِه (3).

وعلى الرغم من عدم وجود نظامٍ غذائي مصمم بذاته لعلاج الاكتئاب، لكن الإكثار من بعض الأطعمة والتقليل من أطعمة أخرى يمكن أن يساعد بعض الأشخاص على تخفيف الأعراض والتحكم بها. وسنركِّز في هذا المقال على الأطعمة التي يجب تجنبها نهائيًا أو التقليل منها (4).

1- المشروبات الكحولية: يوجد رابطٌ واضحٌ بين استهلاك الكحول ومشكلات الصحة العقلية، إذ يمكن أن يتخذ بعض الأشخاص الكحولَ وسيلةً لمواجهة الاكتئاب، لكن الكحول نفسه يمكن أن يزيد من مستويات الاكتئاب أو يحرض حدوث نوباته، فضلًا عن احتمال حدوث اختلاطاتٍ عديدةٍ نتيجة الاستهلاك المستمر، ويشمل ذلك الحوادث والمشكلات العائلية، وفقدان الوظيفة، والمشكلات الصحية الأخرى التي تُفاقم بدورها من الاكتئاب (5).

2- الأطعمة المُكرَّرة: تحتوي الأطعمة التجارية والوجبات السريعة على كمياتٍ كبيرةٍ من السعرات الحرارية وقليلٍ من المغذيات، ويرتبط تناولها بكثرة بزيادة احتمال التعرض للاكتئاب مقارنة مع من يتناولون منتجاتٍ طازجةً وصحية. ويعود السبب في ذلك إلى الارتفاع السريع في مستويات الطاقة وسكر الدم بعد تناول مصادر الكربوهيدرات المُكرَّرة، يتبعه انخفاضٌ مفاجئ فيها، الأمر الذي يتظاهر على هيئة هبوطٍ حادٍ في المزاج. وهذا ما يؤكد على ضرورة الاعتماد على الأطعمة الكاملة والطازجة والغنية بالمغذيات، إذ إنها تشكل مصدرًا مستقرًا للطاقة مع مرور الوقت (6).

3- الزيوت المُعالَجة: يمكن للدهون المُشبَعة - كتلك الموجودة في اللحوم المُعالجة والأطعمة المُكرَّرة - أن تحرض حدوث الالتهاب وتؤثرَ سلبًا في وظائف الدماغ، مما يزيد أعراض الاكتئاب سوءًا (7).

4- الكافيين: يوجد الكافيين في القهوة والشاي والشوكولا والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وغيرها، وتشير بعض الأدلة إلى أن الجرعات القليلة منه تنقص القلق وتعزز المزاج الجيد، لكن دراساتٍ أخرى وجدت أنه قد يزيد القلق والتوتر والاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين، ويؤثر سلبًا في قدرة الشخص على النوم، مما يؤدي إلى الأرق الذي قد يترافق مع التعب والقلق والاكتئاب في اليوم التالي (8).

5- عصائر الفواكه: تساعد الألياف الغذائية الموجودة في الفواكه على إبطاء امتصاص السكريات الموجودة فيها طبيعيًا، مما يمنع حدوث ارتفاعاتٍ حادةٍ في مستويات السكر في الدم - والذي يتبعه عادةً انخفاض سريع أيضًا في الطاقة ويترافق مع الشعور بالاكتئاب. وهذا ما يجعل العصائر تؤثر سلبًا في مستويات الطاقة والاكتئاب، ذلك أنها تفقد محتواها من الألياف عند عصرها، مما يجعلها تخسر هذه الخاصية الإيجابية. لذا قد يكون من الأفضل أن تعتمد على شرب الماء عند الشعور بالعطش، واحرص على تناول الفواكه الكاملة بدلًا من عصائرها (4).

6- المشروبات الغازية: تتشابه آلية تأثيرها مع عصائر الفواكه الفقيرة بالألياف المفيدة، لذا فإنها تترافق مع الشعور بالاكتئاب مع ناحيةٍ إضافيةٍ وهي أنها لا تحتوي على أية قيمةٍ غذائيةٍ تُذكر! وإن كنت تعتقد أن المشروبات الغازية الخالية من السكر والمُخصَّصة للحمية Diet soda لا تؤدي إلى النتيجة نفسها، فأنت بالطبع مُخطئ، إذ إن محتوى الكافيين يكون عاليًا في الأنواع الخالية من السكر، وهو كفيلٌ بالتسبب الاكتئاب كما ذكرنا سابقًا (4).

نُذكِّر أخيرًا أن العلاقة بين الغذاء والحالة المزاجية والصحة النفسية قوية وتبادلية، علمًا أن علاج الاكتئاب والوقاية منه لا يقتصران على الحمية الغذائية وحدها والابتعاد عن بعض الأطعمة، بل يعتمد على نمط الحياة بكل تفاصيله، ومثال ذلك التأثير الإيجابي للنوم الكافي مدة 7 – 8 ساعات يوميًا، وممارسة التمارين الرياضية مدةً لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا، فهي ممارسات ذات أثرٍ كبيرٍ في تعزيز الصحة النفسية وتجنب الاكتئاب. 

وكنا قد ذكرنا في مقالٍ سابقٍ دور بعض الأطعمة في التخفيف من القلق والتوتر، ويمكنكم التعرف إليها هنا

المصادر:

1. Slideshow: Anxiety Risk Factors [Internet]. WebMD. 2020 [cited 17 August 2020]. Available from: هنا

2. Monique Tello M. Diet and depression - Harvard Health Blog [Internet]. Harvard Health Blog. 2020 [cited 17 August 2020]. Available from: هنا

3. Depression and Diet [Internet]. 2020 [cited 17 August 2020]. Available from: هنا

4. Diet and depression: Foods to eat and avoid [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 17 August 2020]. Available from: هنا

5. Comorbidity: Substance Use Disorders and Other Mental Illnesses DrugFacts | National Institute on Drug Abuse [Internet]. National Institute on Drug Abuse. 2020 [cited 17 August 2020]. Available from: هنا

6. Khosravi M, Sotoudeh G, Majdzadeh R, Nejati S, Darabi S, Raisi F et al. Healthy and Unhealthy Dietary Patterns Are Related to Depression: A Case-Control Study. Psychiatry Investigation. 2015;12(4):434. Available from: هنا

7. Fernandes M, Mutch D, Leri F. The Relationship between Fatty Acids and Different Depression-Related Brain Regions, and Their Potential Role as Biomarkers of Response to Antidepressants. Nutrients. 2017;9(3):298. Available from: هنا

8. Richards G, Smith A. Caffeine consumption and self-assessed stress, anxiety, and depression in secondary school children. Journal of Psychopharmacology [Internet]. 2020 [cited 5 September 2020];29(12):1236-1247. Available from: هنا