علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

كيف يمكنني تقبل مشاعري المختلفة؟

تقبل المشاعر هو أمرٌ يعزز قوة الذهن، والقدرة على رؤية العاطفة على ماهي عليه، دون الحكم عليها أو محاولة التخلّص منها (1).

في كثيرٍ من الأحيان عندما يكون لدينا شعورٌ غير مريح -مثل الحزن أو الخوف أو العار- فإنَّ ردَّ فعلنا الأول هو رفض هذا الشعور. قد نقول لأنفسنا أنه شعورٌ سيءٌ وأننا لا نريده، ثم نفعل شيئاً لمحاولة التخلص منه، مثل محاولة دفعه بعيداً أو تجاهله.

بالتأكيد، لا أحد يريد أن يعزز الشعور بالألم العاطفي في كل وقت، ولكن عندما نرفض عواطفنا فإننا فعلياً نجعل الأمور أسوأ لأنفسنا (2).

ما هو القبول العاطفي (2)؟

القبول يعني التخلي عن محاولات السيطرة على العواطف، وتعلم أن العواطف نفسها لا يمكن أن تضر بك، على الرغم من أنَّ الأشياء التي تقوم بها لمحاولة التخلص من العواطف، مثل إساءة استخدام الكحول، يمكن أن تضر بك.

في بعض النواحي، فإنَّ قبول العواطف يعني القبول بأنها سوف تتغير أيضاً. فعندما نكون سعداء علينا أن نتقبل أن السعادة هي حالةٌ قصيرة الأمد، ولن نكون سعداء دائماً. هذا ينطبق على كلِّ نوعٍ من أنواع العاطفة، من الخوف إلى القلق إلى الحزن. فالمشاعر عابرةٌ وعادةً ما تزول في غضون ثوانٍ أو دقائق أو ساعات.

يستجيب الناس للتأثر من خلال العديد من المشاعر: الغضب، والقلق، والشك في الذات. إذ قد يكونوا عدوانيين وينتقدوا أقرب المقربين إليهم، أو قد يصبحوا مزاجيين ومعرضين للاكتئاب.

كذلك يمكن أن يظهر توترهم من خلال الأرق، وفقدان الشهية، وفقدان الاهتمام بالأهداف، إضافةً إلى مشاعر اللامبالاة والإرهاق. على الرغم من أنَّ بعض هذه الأعراض قد تكون غير سارة، فإنها ردود أفعالٍ طبيعيةٍ يمكن التنبؤ بها لدى الناس الذين يعانون فقدان شيءٍ ما أو حصول تغيرٍ خطيرٍ في حياتهم.

الاعتراف بهذه المشاعر القوية، وفهم أسباب وجودها، والتعامل معها بطرائق إيجابيةٍ هو أمرٌ مهم. إذ إن رفضك لقبول مشاعرك يمكن أن يسبب ضرراً جسدياً وعاطفياً (3).

لماذا قبول العواطف مفيد (2)؟

ما الفائدة من محاولة قبول العواطف، أليس من الأسهل التخلص منها ببساطة؟ حسناً، لا. ليس من السهل التخلص من العواطف في الواقع.

لدينا مشاعرٌ لسبب ما، لذا لا يجب أن ترغب في التخلص منها تماماً. فالعواطف هي جزءٌ من نظامٍ معقدٍ يساعدنا على تقرير ما يجب أن نبتعد عنه وما يجب أن نقترب منه. كذلك فإنها تساعدنا على الحفاظ على علاقاتٍ دائمةٍ مع الآخرين أيضاً. ومن دون العواطف، سوف نتخذ قرارات فظيعة طوال الوقت. لذلك، فإنَّ قبول العواطف مفيد، وعندما نستمع إلى عواطفنا، يمكننا في الواقع أن نتعلم أموراً مهمة.

ماهي الخطوات التي تساعدني على تقبل مشاعري؟

ليس من السهل أن نتعلم كيفية قبول العواطف، لأنها غالباً تؤثر فينا على نحوٍ قوي. ولكن مع الممارسة المستمرة لتقبل المشاعر يمكن أن نمضي قدماً بالتعامل الجيد مع مشاعرنا وعدّها حدثاً طبيعياً لا يؤثر سلبياً فينا (2).

اتباع الخطوات الآتية أمرٌ مهم أيضاً (3):

• تعرف إلى مشاعرك، ولا تحاول تجاهلها.

على الرغم من أنه مؤلمٌ في بعض الأحيان أن تواجه مشاعرك وتنظر إليها بواقعية، فإنها خطوةٌ مهمةٌ لنكون قادرين على التعامل معها.

• تحدث مع عائلتك.

قد تكون مشاعرك مشتركةً مع أفراد الأسرة الآخرين، ومن خلال الحديث عن مشاعرك، يمكن للعائلة مساعدة بعضها البعض على التعبير وقبول هذه المشاعر بطرائق بناءة. إذ يمكن من خلال العائلة توفير الدعم والطمأنينة، والمساعدة على بناء مزيدٍ من الثقة الإيجابية بالنفس.

• تحدث مع الآخرين.

لا تبقِ مشاعرك في داخلك، يمكن أن يوفر الحديث مع الذين مروا بأوضاعٍ مماثلة الدعم اللازم لك. فمن خلال مناقشة مشاعرك ستجد أنك لست وحدك.

• خذ قسطاً من الراحة من أجل الصحة العقلية.

فكر في طرائق للحد من التوتر النفسي والضغط الذي تعانيه. اجعل التمارين الرياضية المنتظمة ضمن روتينك اليومي لمساعدتك على الخروج من مخاوفك وتحسين صحتك عموماً.

يمكننا تعلم بعض التمارين سوياً، والتي تساهم في تقبل المشاعر، مثل:

التأمل الذهني، وتجربة الجلوس وقتاً كافياً ورسم المشاعر على ورقة، وتمارين التنفس الواعي أيضاً.

يمكن البدء بالتمرين الآتي مع المشاعر غير القوية أو غير الكثيفة (1):

الخطوة الأولى، تحديد العاطفة:

النقطة المهمة جداً لقبول العواطف هي أن تكون قادراً على التعرف إلى العاطفة التي تواجهها. إذا كان لديك صعوبةٌ في تحديد عاطفتك، اجلس لحظةً واعطِ كامل اهتمامك لأحاسيسك الجسدية وأفكارك، وحاول أن تعطي لعاطفتك اسماً واكتبه على ورقةٍ مع شرح المشاعر المترافقة معها (على سبيل المثال: الحزن، أشعر دائماً أنني غير سعيدٍ في التجمعات).

الخطوة الثانية، الحصول على بعض المساحة:

الآن بعد أن حددت العاطفة، أغمض عينيك وتخيل أنك تضع هذه العاطفة أمامك على بعد خمسة أمتار، وأنك تسير معها وتضعها خارج نفسك، اسمح لنفسك بمراقبة العاطفة من مسافةٍ خارجية.

الخطوة الثالثة، إعطاء العاطفة نموذجاً:

الآن بعد أن خرجت العاطفة أمامك، أغلق عينيك وأجب على الأسئلة الآتية: إن كان للعاطفة حجم، فما هو الحجم الذي ستكون عليه؟ وإن كان للعاطفة شكل، فما هو شكلها؟ وإن كان للعاطفة لون، فما هو لونها؟

بعد أن تجيب على هذه الأسئلة، تخيل العاطفة أمامك مع الحجم والشكل واللون الذي أعطيته، وبمجرد مشاهدتها بضع لحظاتٍ والتعرف إليها على ما هي عليه، عندها تكون مستعداً للسماح للعاطفة بالعودة إلى مكانها الأصلي داخلك.

بعد التمرين، انعكاس:

بمجرد الانتهاء من هذا التمرين، فقط خذ لحظةً للتفكير بما لاحظته عن تجربتك. هل لاحظت أيَّ تغييرٍ في العاطفة عندما حصلت على استراحةٍ صغيرةٍ منها؟ ماذا عن التغييرات في ردود أفعالك على العاطفة؟ ما هو الحجم والشكل واللون الذي أعطيته لها؟

قد يبدو هذا التمرين غريباً بعض الشيء في البداية، ولكن الكثير من الناس يلاحظون أنه يساعدهم على البدء في التفكير على نحوٍ مختلفٍ وأن يكونوا أكثر قبولاً لعواطفهم.

المصادر:

1-Salters-Pedneault K. Learning to Observe and Accept Your Emotions [Internet]. Verywell Mind. 2019 [cited 13 July 2020]. Available from: هنا 

2- Salters-Pedneault K. How Accepting Emotions Can Improve Emotional Health [Internet]. Verywell Mind. 2019 [cited 13 July 2020]. Available from: هنا 

3-  J. Sporakowski M. Families Taking Charge Accepting Your Feelings [Internet]. Virginia: Novella Ruffin; [cited 13 July 2020]. Available from: هنا