الغذاء والتغذية > معلومة سريـعـة

التغذية والمناعة ... هل يفيد الفيتامين C في مقاومة داء COVID-19؟

أصبحنا في هذا الوقت بأمسِّ الحاجة إلى دعم مناعتنا بالمغذيات التي تساعدها على مقاومة الأمراض الجديدة التي أصبحت تحيط بنا من كل جانب والتي قد لا يكون COVID-19 آخرها!

لكن تقوية الجهاز المناعي ليست عملية لحظية تحدث بمجرد تزويد الجسم بكمياتٍ إضافيةٍ من المغذيات، بل هي عمليةٌ تراكميةٌ طويلة الأمد، ولا يمكن دعم صحة الجسم ومناعته إلا بالتغذية الصحيحة والمتوازنة. 

وقد يكون الفيتامين C من أشهر الفيتامينات التي أصبحنا نعتمد عليها مؤخرًا في ظل جائحة COVID-19، حتى نفدت مكملاته من الصيدليات!!

فهل نحن بحاجةٍ إلى هذه الكميات بالفعل؟ ومتى تصبح الكمية المستهلكة خطيرة على صحتنا؟

يعد الفيتامين C من أهم مضادات الأكسدة الفعالة في الجسم، وهو يساهم بكفاءة في تعزيز الدفاعات المناعية في الجسم عن طريق دعم الوظائف الخلوية في الجهاز المناعي الطبيعي والمكتسب، إذ يتراكم في الخلايا البالعة Phagocytic cells؛ مثل العدلات Neutrophils، فيُحسِّن آلية عملها التي تُعرف بالانجذاب الكيميائي Chemotaxis، وبذلك يساعد على تحسين البلعمة Phagocytosis وتوليد الأوكسجين التفاعلي ROS القاتل للعوامل الممرضة. كذلك وُجد أنه يساعد على تمايز الخلايا البائية والتائية B- and T- cells وتزايد أعدادها، وبذلك فإن عوز هذا الفيتامين يُضعف المناعة ويجعل الجسم أكثر عُرضةً للإصابة بالأمراض والعدوى (1,2). ويعد الزكام Common cold من أكثر الأمراض التي دُرس تأثير الفيتامين C فيها، لكن الآلية الفعلية لذلك ليست واضحة حتى اليوم (3).

العلاقة بين الفيتامين C وداء COVID-19:

منذ ظهور فيروس SARS-CoV-2 في الصين وانتشاره عالميًا، سارعت المراكز البحثية حول العالم لدراسته وإيجاد علاج له، وقد نال الفيتامين C حصته من هذه الأبحاث أيضًا، فبدأ استخدامه في عدة دراسات سريرية لتحديد دوره في الوقاية من داء COVID-19 أو علاجه (4)، ويمكنكم الاطلاع على الدراسات الجارية في الرابط الآتي هنا الذي يبين أن الفيتامين C قد قُدِّم لأشخاص ثبتت إصابتهم بداء COVID-19 إما فمويًا Oral supplements أو وريديًا Intravenously وبتراكيز متفاوتة ولفتراتٍ مختلفة (4). لكن تلك الدراسات ما زالت غير منتهية ولم تُعلن نتائجها كاملةً بعد، وهذا يعني ألا وجود لدليلٍ ينفي أو يؤكد وجوب تناول المرضى الذين شُخِّصوا بـCOVID-19 للفيتامين C بعد (5).

من جهةٍ أخرى، لم تُصدِر الجهات والهيئات الصحية العالمية المعنية بالتصدي لداء COVID-19 حتى شهر تموز (يوليو) الفائت أية إرشادات تفيد باستخدام الفيتامين C من قبل الأشخاص السليمين بهدف الوقاية قبل التعرض Pre-exposure prophylaxis إلا إن كان الشخص مشاركًا في تجربة سريرية ما (6).

وقد يتساءل المرء هنا عن سبب إدراج الفيتامين C في إرشادات التعامل مع داء COVID-19 إن لم تكن النتائج واضحة بعد؟! في الواقع، يعود ذلك إلى دور هذا الفيتامين في دعم الجهاز المناعي وكبح الجذور الحرة؛ إضافةً إلى وجود بعض الأدلة العلمية لتأثيره الإيجابي في الإنتانات والالتهابات التنفسية الحادة الناتجة عن فيروسات أخرى غير SARS-CoV-2 إضافةً إلى الزكام والسرطانات وغيرها (2,5,7).

هل نحتاج إلى مكملات الفيتامين C فعلًا؟

يفتقر الجسم إلى أحد الأنزيمات الضرورية لاصطناع الفيتامين C، وهو غير قادرٍ على تخزينه بسبب طبيعته الذوابة في الماء (1,9)، لذا فإن الوسيلة المثلى للحصول على احتياجنا منه هي عبر النظام الغذائي الذي نتبعه (9,10,11). ويتراوح الاحتياج اليومي RDI من الفيتامين C بين 75 ملغ للنساء و90 ملغ للرجال (9) ويمكن تأمين كمياتٍ أكبر من هذا الاحتياج باختيار الأطعمة المناسبة وتضمينها يوميًا في نظامنا الغذائي، ومن أهمها الحمضيات والبندورة والفريز والفليفلة والخضار الورقية الخضراء. وعلى سبيل المثال يحتوي نصف كوب من الفليفلة الحمراء الطازجة على 95 ملغ، وكوب من عصير البرتقال على 124 ملغ، كذلك يحتوي كوبٌ من البقدونس على 120 ملغ تقريبًا (9,11,12,13)، وهذا يؤكد أن بإمكاننا الحصول على احتياجنا اليومي بسهولة.

وعلى الرغم من الادعاءات الكثيرة عن فعالية مكملات الفيتامين C الفموية، لكنها غير قادرةٍ على رفع مستوياته في الجسم إلى المستوى الذي يحققه الفيتامين C الوريدي (7) والذي يجب ألا يؤخذ إلا عند الحاجة وتحت إشراف طبي مباشر. وفي الوقت نفسه، لا بد من الحذر من تجاوز الكميات المسموح بها يوميًا على المدى الطويل، فالجرعات العالية يمكن أن تسبب تأثيراتٍ جانبيةً غير مرغوبة تتراوح بين الأعراض الهضمية كالإسهالات والنفخة والتقلصات، وصولًا إلى الصداع والأرق وزيادة تراكم الحديد في الجسم وزيادة خطر التعرض لحصى الكلية بسبب زيادة مستويات الأوكزالات في البول (7-10).

الجدير بالذكر أن الوصول إلى تأثيراتٍ كهذه لا يحدث بسبب تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين C، فعلى سبيل المثال يحتاج الشخص إلى تناول 29 برتقالةً قبل أن يبلغ الحدود القصوى المسموحة! لكنها تترافق عادةً مع الاستهلاك المطوَّل للمكملات الفموية بكمياتٍ تزيد على 2000 ملغ يوميًا، لذلك يجب اختيار المكمل الغذائي بحذر والابتعاد عن الجرعات العالية جدًا (10,11)..

وخلاصة القول، لا حاجة للتهافت على الصيدليات واحتكار عبوات المكملات الفيتامينية دون مبرر واضح! بل يجب تركُها لمن يحتاجونها فعلًا من المرضى الذي ثبتت إصابتهم، والاعتماد على نصائح وتعديلاتٍ تغذوية بسيطة، فهي كفيلةٌ بتأمين حاجتنا من هذا الفيتامين..

المصادر:

1. Carr A, Maggini S. Vitamin C and Immune Function. Nutrients [Internet]. 2017 [cited 11 August 2020];9(11):1211. Available from: هنا

2. Vitamin C | Coronavirus Disease COVID-19 [Internet]. COVID-19 Treatment Guidelines. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

3. Hemilä H. Vitamin C and Infections. Nutrients [Internet]. 2017 [cited 11 August 2020];9(4):339. Available from: هنا

4. Search of: vitamin c | COVID-19 - List Results - ClinicalTrials.gov [Internet]. Clinicaltrials.gov. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

5. López-Alcalde J, Barth J, M. Witt C. Effectiveness of vitamin C to treat COVID-19: an overview [Internet]. Zurich: Institute for Complementary and Integrative Medicine, University Hospital Zurich; 2020 p. 1-7. Available from: هنا

6. Prophylaxis | Coronavirus Disease COVID-19 [Internet]. COVID-19 Treatment Guidelines. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

7. Is IV vitamin C effective against COVID-19? [Internet]. Linus Pauling Institute. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

8. Nutritional strategies to support your immune system [Internet]. Linus Pauling Institute. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

9. How much vitamin C is too much? [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

10. Does Too Much Vitamin C Cause Side Effects? [Internet]. Healthline. 2020 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا

11. How Much Vitamin C Should You Take? [Internet]. Healthline. 2019 [cited 11 August 2020]. Available from: هنا