هل تشعر بهذه الأعراض؟ ربما كنت تستهلك كثيرًا من الكافيين

يُفضِّل معظم الناس تناول بعض المشروبات كالقهوة والشاي لتأثيرها المنبه ولكي يشعروا بنشاط أكبر، وبالطبع فإن الكافيين هو المادة الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث هذا التنبيه، ولكن هل يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى آثار غير مرغوبة؟ وما مدى خطورة تلك الآثار؟ لنقرأ معًا..

يتناول قرابة 75-80% من النّاس مشروباتٍ حاويةً على الكافيين بانتظام، وتأتي القهوة في المقام الأوّل بين المشروبات الحاوية على الكافيين، تليها المشروبات غير الكحوليّة والشّاي، وتناول تلك المشروبات باعتدال من شأنه أن يمدَّنا بكثير من الفوائد، إذ يساعد الكافيين الموجود فيها على تحسين المزاج والاستقلاب والأداء الجسدي والنفسي، كذلك يعمل الكافيين مادّةً منبّهةً؛ أي إنه يزيد من سرعة بعض العمليّات الحيويّة التي تحدث داخل الجسم، كأن يزيد من سرعة انتقال الرسائل العصبيّة بين الدّماغ وأعضاء الجسم الأخرى، أو يزيد من سرعة ضربات القلب أو معدّل التنفس، ويعدُّ الكافيين آمنًا لمعظم الناس فيما لو استُهلك بكمّياتٍ قليلةٍ أو معتدلةٍ. ويُعتقَد أنَّ 400 ملغ من الكافيين يوميًّا هي كمِّية آمنةٌ ليتناولها الفردُ البالغ، وعادة ما تكون تأثيرات الكافيين في الجسم سليمة ومؤقّتة، لكنّ تناول جرعاتٍ عالية من الكافيين قد يؤدّي إلى مشكلات صحية عدة (1,2,19).

وفي الحقيقة فإنَّ زيادة جرعة الكافيين لا تَنتج عادةً عن تناول المشروبات الحاوية على الكافيين كالقهوة؛ بل إنّها في الغالب نتيجةٌ لتناول أقراص الكافيين أو المكمّلات الغذائيّة، وخصوصًا عند تناولها مع مشروبات الطّاقة أو المشروبات الغازيّة أو القهوة، إنما يبقى تناول مسحوق الكافيين الطريق الأكثر خطورة؛ إذ إن ملعقةً واحدةً من هذا المسحوق تعادل الكافيين الموجود في 28 كوبًا من القهوة، وقد يتسبَّب تناول هذا المسحوق بمشكلاتٍ صحيّةٍ خطرة (3).

ويتولد لدى الفرد تحمُّلٌ للكافيين إذا ما تناول الكمّية نفسها من باستمرار، ويختلف تحمل الكافيين من شخصٍ إلى آخر حسب العمر وكتلة الجسم والحالة الصّحية العامّة، لكنّ تناول جرعاتٍ زائدةٍ عن مدى التّحمل قد يؤدي إلى آثار جانبيّة غير مرغوب فيها (2)، وسنتناول في مقالنا هذا أهم الأعراض التي قد تظهر على الشخص الذي يتناول جرعات زائدة من الكافيين (1,2):

1. القلق: يزيد الكافيين من الشعور باليقظة عن طريق تحفيز الأدرينالين Adrenaline وتثبيط تأثير الأدينوزين Adenosine الذي يسبب عادة الشعور بالنعاس، وتؤدي الزيادة الكبيرة في هذه المركبات إلى ارتفاع مستويات القلق والتّوتر، ويُعدُّ القلق المسبَّب بالكافيين caffeine-induced anxiety disorder واحدًا من أربع متلازماتٍ يسببها بالكافيين ومصنّفةً ضمن الدّليل التّشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات العقليّة الذي نشرته جمعية الطبّ النّفسي الأمريكية The American Psychiatric Association. ويُذكر أن استهلاك الكافيين بجرعاتٍ عاليةٍ أو حتّى معتدلةٍ أحيانًا قد يؤدّي إلى الشّعور بالتّوتر والقلق لدى كثيرٍ من النّاس، وقد تلاحَظ أعراضٌ أخرى كتسرّع التّنفس وازدياد الشّدة النفسيّة (4-6).

2. الأرق: لعلّ قدرة الكافيين على جعلنا متيقِّظين هي واحدةٌ من فوائده المرغوبة، إلا أنّ زيادة تناول الكافيين قد تؤدّي إلى الأرق وعدم القدرة على النّوم وتقليل فترته وزيادة المدّة التي قد يستغرقها الشّخص للشعور بالنّعاس والنّوم وخصوصًا لدى المتقدّمين في السّن (7). وتتأثر الكمية التي تسبب ظهور هذه الأعراض بالعوامل الوراثيّة، ويزداد التأثير المسبب للأرق عند استهلاك الكافيين في وقتٍ مـتأخّرٍ من اليوم خصوصًا أنّ تأثيره المسبّب لليقظة يمتدّ عدة ساعاتٍ قبل أن يزول، وتتراوح المدة بين ساعة ونصف إلى تسع ساعات (8).

3. المشكلات الهضمية: يعود تأثير القهوة المساعد على حركة الأمعاء إلى إفراز الغاسترين Gastrin، وهو هرمون يفرز من المعدة ويؤدّي إلى تنشيط القولون، ويلاحظ التأثير نفسه في القهوة المنزوعة الكافيين، ويعتقد أنّ الكافيين نفسه يحرض حركة الأمعاء التقلصيّة الّتي تساعد على تحريك الطعام داخلها، مما يُحتمل أن يسبب الإصابة بالإسهال (9).

وعلى عكس ما يُشاع عن تسبب القهوة بالقرحات المعدية، فلا يوجد رابط بين الاثنين (10)، لكن تناول المشروبات الحاوية على الكافيين يُحتمل أن يزيد كمّية الحمض المعديّ، مما قد يسبب حرقة الفؤاد أو تهيّج المعدة، أو يزيد الإصابة بالقلس المعديّ المريئي أو ما يُعرف بـ GERD سوءًا (11,18).

4. ضعف العضلات: إنّ انحلال العضلات المخططّة Rhabdomyolysis هي حالة خطرة تدخل فيها الألياف العضليّة المتضررة إلى مجرى الدّم مؤدّية إلى فشل الكلى ومشكلات أخرى، وعلى الرغم من تعدّد العوامل المؤدّية إلى تلك الإصابة، مثل الصدمات والالتهابات وسوء الاستخدام الدوائي ولدغات الأفاعي والحشرات، فقد سُجِّلت بعض الحالات المرتبطة بالاستهلاك الزّائد للكافيين، لكنها نادرة الحدوث (12).

5. الإدمان: يحتاج تناول الكافيين زمنًا قبل أن يُكتسب كعادةٍ طويلة الأمد، وعلى الرغم من أنّ الكافيين يُحفِّز إنتاج مواد كيميائية في الدّماغ بطريقةٍ مشابهة لتأثير الكوكايين، لكنَّه لا يؤدّي إلى الإدمان بالطريقة نفسها التي تفعلها المواد الأخرى المسببة للإدمان، لكنه قد يخلق شيئًا من الاعتماد الجسديّ والنّفسيّ Psychological or physical dependency وخصوصًا عند تناوله بجرعاتٍ مرتفعة. ويزداد احتمال تطوير حالةٍ من اعتماد الكافيين كلما كان الاستهلاك منتظمًا أكثر، ويسبب الانقطاع عنه عدة ساعات ألمًا في الرّأس وتعبًا وأعراضًا أخرى سببها متلازمة سحب الكافيين (13). وبالطّبع يزداد احتمال حدوث اعتماد الكافيين لدى أولئك الذين اعتادوا تناول القهوة أو مشروبات أخرى حاوية على الكافيين بأوقات منتظمة.

ولقراءة مزيدٍ من المعلومات عن انسحاب الكافيين يمكنكم الضغط هنا لقراءة مقالنا السابق.

6. ارتفاع ضغط الدّم: لا يؤدّي الكافيين عادةً إلى ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتات على نحو ملحوظ أو مباشر، لكنّه قد يمتلك دورًا في ارتفاع ضغط الدم بسبب تأثيره المحرّض للجهاز العصبي (14)، وبدوره يرتبط ارتفاع ضغط الدّم بارتفاع خطر الإصابة بالنّوبات القلبيّة والسّكتات لأنّه يزيد حصر تدفّق الدّم إلى الأوعية الدّموية ضمن القلب والدّماغ. ولحسن الحظّ، فإنّ تأثير الكافيين على ارتفاع ضغط الدم هو تأثيرٌ مؤقت، لكنه قد يكون ملحوظًا على نحو أكبر لدى الأشخاص غير المعتادين على تناوله، أو الذين يعانون مسبقًا من ارتفاع ضغط الدم (18).

7. تسرُّع القلب: قد يؤدّي تناول كثير من الكافيين إلى تسرع ضربات القلب، وتغيّرًا في نظم القلب، أو ما يدعى بالرّجفان الأذيني Atrial fibrilation، وخصوصًا لدى الشبَّان الذين يتناولون مشروبات الطاقة الحاوية على نسبٍ عاليةٍ من الكافيين (15)، وعلى كل حال فإنّ هذا التّأثير لا يشمل كل الأشخاص، حتّى لو كانوا يعانون أمراضَ القلب (16).

8. التّعب: على الرغم من أنّ المشروبات الحاوية على الكافيين قد تساعد على زيادة الطّاقة، إلّا أنّها قد تظهر تأثيرًا معاكسًا مؤدّية إلى عودة الشّعور بالتّعب بعد زوال تأثير الكافيين.

9. الحاجة المتكرّرة إلى التبوّل: للكافيين تأثير محرّض للمثانة، ولذلك يميل من يتناول الكافيين بكثرةٍ إلى الشّعور بالحاجة إلى التبوّل أكثر من المعتاد، وذلك لأنّ الكمّية الزّائدة من الكافيين لا تخزن في الجسم، وإنّما تعالَج عن طريق الكبد وتُطرح عن طريق البول. وقد يؤدّي تناول كثيرٍ من الكافيين إلى زيادة احتمال الإصابة بالسّلس البوليّ لدى الأصحّاء الّذين لا يعانون مشكلات في المثانة (17).

قد يشعر الشّخص الّذي يتناول كمّياتٍ زائدةٍ من الكافيين ببعض الأعراض كاليقظة وعدم القدرة على النوم، والقلق والاضطراب، وارتفاع حرارة الجسم، والجفاف، وألم الرأس، وغالبًا ما تكون هذه الأعراض سليمةً ومؤقَّتة. لكن في حال ظهور أعراض أكثر خطورة مثل الإقياء، والهلوسة، والاختلاجات، وتسرّع القلب، وتقلّصٍ زائدٍ في العضلات؛ فيجب طلب المساعدة الطّبيّة فورًا.

في النهاية عزيزنا القارئ، إذا كنت ترغب في تناول الكافيين لما له من فوائد عديدة، فمن الأفضل أن تتناول كميات قليلة أو معتدلة دون الوصول إلى جرعاتٍ زائدةٍ قد تسبب لك آثارًا جانبيّةً تؤثر في نمط حياتك أو تسبب مخاطر صحّية غير مرغوبة.

المصادر: