كتاب > روايات ومقالات

مراجعة كتاب (القاهرة المدينة؛ الذكريات): القاهرة بعيون المستشرقين

تُعدُّ المؤلفة (رشا عدلي) روائية وباحثة مصرية في تاريخ الفن التشكيلي؛ إذ أنتجت -بجانب الكتاب الذي هو موضوع مقالنا هذا- روايات عديدة مثل؛ (الحياة ليست دائمًا وردية) التي تتحدث عن سيدة تسكن في منزل وتجد فيه مذكرات تخص الساكنة السابقة للمنزل، ويدفعها فضولها إلى قراءة تلك المذكرات.

وقد دخلت روايتاها (شغف) و(آخر أيام الباشا) في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) في عامي 2018(1) و2020(2)، وقد قدَّمت دراسات حرة في تاريخ الفن التشكيلي في معهد ليوناردو دافنشي للفنون، وحصلت على دبلومة عليا في تاريخ الفن التشكيلي للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر من أكاديمية (لايم) للفنون الجميلة، بالإضافة إلى أنَّها أعدَّت دراسة عن تداخل فن (الروكوكو) في العمارة الخديوية في الأكاديمية الفرنسية للفنون، ولها كثيرٌ من المقالات والأبحاث عن اللوحات الفنية ذات الإشكالية التاريخية، وهي عضوة في الرابطة العالمية لمؤرخي الفن التشكيلي في إنجلترا، وتُعدُّ رواية (على مشارف الليل) أحدث إنتاجاتها الأدبية.

يتحدث كتاب (القاهرة المدينة.. الذكريات) عن القاهرة في القرن التاسع عشر وطبيعة الحياة فيها وحُكَّامها، وكيف كانت محط أنظار المستشرقين الذين أثارتهم الحياة فيها وعادات أهلها وتقاليدهم إلى جانب القسطنطينية وبلاد الشام والجزائر وتونس والمغرب، وقد اهتم هؤلاء المستشرقين بنقل معلومات عن تلك الثقافة الغريبة عنهم إلى بلدانهم سواء بالكتابة أو برسم اللوحات.

وقد نتجت عن تلك الرحلات الاستشراقية عديدٌ من المؤلفات الأدبية لكثيرٍ من الأدباء الكبار مثل؛ (لامارتين) و(نرفال) وغيرهم.

"والاستشراق هو حركة فنية واسعة لا يمكن ربطها ببلد أوروبي معين للنزوح لبلد محدد في الشرق، فليس هناك جنسية له، فهو عبارة عن لقاء الفنان بدولة وشعب وبطقوس وعادات وعليه أن يُخرجه بالصورة التي تحلو له فهو غير مقيد بشيء على الإطلاق؛ لذلك ظل الشرق بمثابة لغز حتى بعد إنتاج هذا الكم الوافر من الكتب واللوحات الفنية عنه، فكم من فنان تكسرت آماله وأحلامه العريضة في عيش حياة الملذات التي قرأ عنها في ألف ليلة وليلة ولم يجدها سوى مجرد دعابة وخيال ليس أكثر وما تبقى من ليالي الحريم والسلطان هو أطلال وشواهد قبور، فأخرج البعض منهم تلك الأعمال وغلفها بوشاح ألف ليلة وليلة بلياليها الساهرة ونسائها الجميلات وأسواقها العامرة وأزيائها المذهبة وموائدها المتخمة.. والبعض الآخر كان أكثر واقعية ونزاهة؛ فها هي لوحاتهم بمثابة واقع يمر أمامك بدون رتوش أو تضليل لتلك الشعوب وبكل ما تحمله معها من عادات وتقاليد وفي الوقت نفسه حرص على ألا ينقصها إبداع الفنان، تمامًا كما هي لوحات النمساوي مولير الواقعية لحد أنها تضاهي الحقيقة حتى وإن كانت في القبح ولوحات الألماني إدوارد فريدريك وليم التي في جنوحها تتحدى الخيال نفسه".

 فنجد أنَّ (كارل ميلر) مثلًا قد أحبَّ الريف المصري، وأقام علاقات صداقة مع الفلاحين، وله لوحات كثيرة عن الريف المصري التي تُشعرنا بروح الريف وملامح الفلاحين البسيطة.

وترى الكاتبة أنَّ للحملة الفرنسية على مصر أثر كبير في توافد مجموعة كبيرة من عباقرة المستشرقين إليها عندما أعلن نابليون حملته على مصر عام 1798، فقد ضمَّ معه أكثر من 900 عالم في شتى النواحي والمجالات العلمية المختلفة؛ إذ كان في رأس نابليون فكرة أخرى بالإضافة إلى احتلال البلاد، ألا وهي إعادة اكتشاف مصر اكتشافًا علميًّا في مختلف الميادين، وعندما فشلت حملة نابليون رفض أن يخرج من مصر خالي الوفاض فأمر علماءه بالبدء فورًا في العمل والاكتشافات العلمية التي كان منها اكتشاف اللغة الهيروغليفية وفك رموز حجر رشيد على يد (شمبليون).

وقد اعتمدت مؤلفة الكتاب على كتب بعض المستشرقين مثل؛ (برايس دافين)، وإلى جانبها الكتب العربية مثل؛ كتاب (الجبرتي) و(ابن إياس) وكثيرٍ من المراجع الأخرى، وقد كانت صياغة بعض جمل الكتاب ركيكة قليلًا ومع ذلك فالكتاب رحلة ممتعة إلى قاهرة القرن التاسع عشر بدايةً من طبقة الحُكَّام إلى عامة الشعب.

معلومات الكتاب:

العنوان: القاهرة المدينة؛ الذكريات

المؤلّف: رشا عدلي

الناشر: مصر-نهضة مصر للنشر (2013)

عدد الصفحات: 231

المصادر:

[1] هنا

[2] هنا