الإسمنت... مادّة البناء الثمينة

البيتون أو "الباطون" باللهجة المحكية، يعد أكثر مواد البناء استخدامًا على وجه الأرض، وذو التأثير الكبير في البيئة (1).

ويُضرَب المثل بالخرسانة (البيتون) في الصلابة؛ إذ تبلغ قدرتها على تحمل الضغط (550) كيلوغرام على السم المربع، في حين تتحمل على الشد (33) كيلوغرام على السم المربع؛ أي تتحمل على الضغط أكثر من 16 ضعف تحملها على الشد، وكل هذا دون أي إضافة وبنسبة ماء إلى الإسمنت 47% (3).

وتتكوَّن الخرسانة رئيسيًّا من الإسمنت والحصويَّات (رمل وبحص، بنسبة أكبر من 60%) إضافة إلى الماء، ونستطيع تحسين خواصها بزيادة بعض الإضافات أو بالتحكم بكمية الماء المُضاف (3).

يعد الإسمنت البورتلاندي أهم مادة مكوّنة للخلطة الخرسانية التي نعرفها اليوم؛ وعادةً ما يُنسب اختراعه إلى العالم جوزيف أسبدين Joseph Aspdin (1778-1855) الذي نال براءة اختراع هذا الإسمنت في عام 1824، إلا أنّه لا يمكن تأكيد ذلك نظرًا إلى أن العديد من الأبحاث والدراسات قد حدثت في هذا المجال قبل نيله براءة الاختراع (4). وفي هذا السياق؛ يُذكر أنَّ الرُّومان عرفوا استخدام الإسمنت في أبنيتهم (4).

وقد عرف قدماء المصريِّين شكلًا بدائيًّا من الإسمنت، اعتمد في تركيبه على الجِبس (كبريتات الكالسيوم المائية CaSO4.2H2O) بعكس الإسمنت البورتلنديِّ المعتمد على سيليكات الكالسيوم، ويتميَّز إسمنت المصريِّين بسهولة صنعه كون شيِّه لا يحتاج حرارةً أكبر من 170 درجة مئوية، إلَّا أنَّه وبعكس الإسمنت البورتلنديِّ قابلٌ للانحلال في المياه، وهذا الأمر لم يشكِّل أيَّ مشكلةٍ لدى المصريِّين نظرًا إلى طبيعة المناخ في مصر (4).

وتُستخدم صفة البورتلنديِّ مع الإسمنت لتمييزه عن الإسمنت المشوب بسيليكات الجير إضافة إلى الكالسيوم، أمَّا البورتلندي فيتميَّز بنسبة سيليكات الكالسيوم الطَّاغية، وبدرجة شيِّه التي تتجاوز 1300 ͒، وبنعومة مسحوقه، إذ  يُطحن بعد الشَّيِّ دون إضافة أيَّة مياه (4).

ويُعد الإسمنت أكثر مكونات الخرسانة كلفةً ولهذا فالتَّوفير في الخلطة الخرسانيَّة يعني التَّوفير في كميَّة الإسمنت، وبما أن مهمة الإسمنت تغليف الحصويَّات وربطها فالطَّريقة السَّليمة لتقليل الإسمنت تكون بتقليل السَّطح النَّوعيِّ للحصويَّات باختيار حصويَّاتٍ كبيرةٍ ذات سطحٍ قليل الخشونة (أملس قدر الإمكان)، وقليلة الزوايا (كرويًّ قدر الإمكان).

ففي سياق التَّوفير، تُعد الحصويَّات النَّهريَّة أفضل أنواع الحصويَّات للخرسانة، لكن المبالغة في هذه الإجراءات غير محمودٍ لأنه يقلِّل من مقاومة الخرسانة، فلا بدَّ من الموازنة بين المقاومة والتَّوفير للوصول إلى الخلطة المُثلى (5).

المصادر: