الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

مجمدة أم طازجة أم معلبة؟

نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية وندرتها في الشتاء، اعتدنا إعداد المؤونة اللازمة لتلك الشهور القاسية في هذا الوقت من السنة؛ معلباتٌ وأطعمة مجمدة مختلفة.. فهل تختلف هذه الأصناف عن الأطعمة الطازجة التي تؤكل في موسمها مباشرةً؟ 

هذا ما ستعرفونه في مقال اليوم..

تُحصد الفاكهة والخضار عادةً في فترتين؛ إما عند تمام النضج أو قبل النضج الكامل بفترةٍ بسيطة. ويُلاحظ في الطريقة الأولى أن الثمار تمتص أكبر قدرٍ من المغذيات التي تحتاجها، أما عند قطافها وحصادها قبل نضجها التام فيمكن لبعض الأنواع أن تستكمل تصنيع المغذيات فيها (13) فيرتفع محتواها من هذه المركبات الغذائية في أثناء عمليات النقل التي قد تستغرق ما بين 3 أيام إلى عدة أسابيع قبل أن تصل إلى مركز التوزيع النهائي (8).

وتشير دراساتٌ عديدةٌ إلى تساوي القيمة الغذائية بين المنتجات المحصودة عند تمام النضج والمنتجات التي نضجت بعد الحصاد، ويَعتمد المحتوى الغذائي للمنتجات الزراعية أساسًا على نوع التربة والطقس وطريقة الزراعة وظروف التخزين ومدته (13). لكن الخضار والفاكهة تبدأ بفقدان الرطوبة بعد الحصاد مما يزيد من خطر تعرضها للتلف، وتزداد الخسارة في نسبة الفيتامين C منذ لحظة الحصاد وتستمر حتى عند التخزين؛ فالبازلاء على سبيل المثال تفقد قرابة 51% من محتواها من الفيتامين C في غضون أول 24-48 ساعةً من الحصاد، وينخفض نشاط مضادات الأكسدة وبعض المركبات الضرورية عند التخزين المبرد أو في درجة حرارة الغرفة، في حين تزداد نسبة الكاروتينات والفينولات، ومن المرجح أن يكون السبب في ذلك هو استمرار النضج بعد الحصار (8،9).

وعلى الرغم مما سبق، فإننا عند الذهاب إلى البقالة أو السوبرماركت لشراء الخضار والفاكهة قد نظن أنَّ ما نشتريه طازجٌ وجديدٌ إن لم تظهر علامات الذبول، لكن هذه المنتجات التي تبدو لك ناضجة قد تكون مقطوفةً قبل النضج وبذلك أصبح من الممكن تخزينها وشحنها حتى تصل إلى المتاجر بأقل ضرر ممكن، وقد تُنضج بعض الخضار صناعيًا أيضًا، وفي تلك الحالات يُحتمل أن تكون مغذياتها أقلَّ من الخضار والفاكهة التي نضجت طبيعيًا (1)، وقضت قرابة 3 أيام على رفوف البقالة إضافة إلى ضعفهم في برادك المنزلي (8)، ويكون الفقد متركزًا ببعض الفيتامينات الحساسة للضوء والأكسجين والحرارة مثل C وB، ومن الأمثلة على ذلك فقد الجزر قرابة 80% من محتواه من الفيتامين C في أثناء أسبوع واحد من التخزين المبرد (1).

ويعد السعر فارقًا مهمًا عند اختيار المنتجات الغذائية وشرائها دون الالتفات إلى القيمة الغذائية، في حين يرى البعض أن المنتجات الطازجة لا تُقاوم لما لها من سحرٍ خاص (1)، كذلك تعدُّ المنتجات المجمدة خيارًا جيدًا للبعض نظرًا لسهولة تحضيرها واختصار الوقت (2)، لذا يجب أن نتعرف كيفية الحصول عليها والتغيرات التي تطرأعلى المنتجات عند تجميدها.

المنتجات المجمدة:

تُنتقى المنتجات الطازجة وتوضع في الماء الساخن مدةً زمنيةً قصيرة (1) للقضاء على البكتيريا السطحية (8) وتثبيط الأنزيمات للحفاظ على النكهة واللون والقوام (13)، ويُطبق السلق عادةً على الخضار في حين تُستثنى الفاكهة من هذه العملية لأنَّها تؤثر في قوامها بشدة، وعوضًا عن السلق تُعالج بحمض الأسكوربيك (الفيتامين C) أو السكر للحفاظ عليها (8)، ومن ثم تُجمد الخضار أو الفواكه مما يساعد على الحفاظ على قيمتها الغذائية (1).

عمليًا، تحافظ عملية السلق الخفيفة Blanching والتجميد المباشر على محتوى الخضار من المغذيات النباتية على نحو كبير وذلك لفتراتٍ قد تصل إلى شهرين (2،3)، لكن بعض الدراسات بيَنت أن نوع الخضار ومدة السلق تؤدي دورًا أساسيًا في هذا الأمر (8،10)، وخصوصًا بالنسبة للمركبات الحساسة للحرارة مثل الفيتامين C والثيامين (2)، إذ يمكن أن يتراوح انخفاض نشاط مضادات الأكسدة الذوابة في الماء بعد السلق بنسبةٍ تتراوح بين 30 - 50% في البازلاء والسبانخ (8،12).

من جهةٍ أخرى، قد يؤثر التجميد في القيمة الغذائية لبعض الخضار والفواكه فيزيد محتوى الريبوفلافين في البروكلي المجمد مثلًا مقارنةً مع البروكلي الطازج، وتكون الحالة عكس ذلك في البازلاء المجمدة والجزر والسبانخ التي تشهد انخفاضًأ في البيتاكاروتين والريبوفلافين (2،4). كذلك يمكن أن يزيد التجميد محتوى مضادات الأكسدة في بعض الخضروات مثل اللفت (2،5).

ويجري في بعض الأحيان تدعيم بعض المنتجات في أثناء التعبئة بالفيتامين C لمنع حدوث الاسمرار (1) ولتعويض المفقود منه في خلال عملية السلق والتجميد (2).

المنتجات المعلبة:

تعد بديلًا من المنتجات الطازجة والمجمدة، وتُنتقى الثمار المناسبة والطازجة وتُطهى جيدًا مع الانتباه للتركيب الكيميائي للمياه المستخدمة لأنَّها تؤثر في محتوى المعادن في المنتجات التي ستُطهى باستخدامها، ويضاف الملح عادةً للخضار المعلبة لدوره الإيجابي في الحفظ، أما الفواكه فيُضاف إليها محلول سكري للغرض نفسه (1).

وتسبب عمليات معالجة الأغذية المعلبة تحللَّ بعض المركبات مثل النترات Nitrates، أو تسربَ إحدى المواد الضارة إلى الغذاء، مثل مادة ثنائي الفينول (Bisphenol-A (BPA؛ وهي مادة كيمائية تزيد من خطر الإصابة بالسرطان خصوصًا عند وجود مادةٍ حامضية مثل صلصة البندورة مع التعريض للحرارة في أثناء التعقيم (13).

ويبقى السؤال الأهم؛ أيهما الأفضل؟ المنتجات الطازجة أم المجمدة أم المعلبة؟

1- تختلف نتائج الدراسات باختلاف العينات المدروسة فمنها ما يستخدم المنتجات المحصودة حديثًا، متجاهلةً ظروف التخزين والنقل، ومنها ما يستخدم المنتجات الموجودة في السوبر ماركت بغض النظر عن مدة وجودها وورودها إلى أماكن البيع. وعمومًا، تشير الأدلة إلى تشابه محتوى المغذيات بين المنتجات المجمدة والمنتجات الطازجة (8،10). أما محتوى الفيتامين C فقد كانت نسبته أعلى في بعض المنتجات المجمدة مثل البازلاء والسبانخ بالمقارنة مع نظيراتها الطازجة المخزنة في المنزل لبضعة أيام، كذلك لوحظ ارتفاع نسبة الألياف في المنتجات المجمدة بسبب العمليات التي يخضع لها المنتج والتي تجعلها أكثر قابليةً للذوبان (8،11).

2- يتشابه المحتوى بالكربوهيدرات والبروتين والألياف والمعادن بين المنتجات الطازجة والمجمدة، لكن المنتجات الطازجة قد تفقد نصف ما تحويه من الفيتامينات والمركبات النباتية في التخزين أو الطهي (1)، وعادةً يكون للطهي التأثير الأكبر في كميات المغذيات وتغيراتها (13).

3- تكون خسارة الفيتامينات الذوابة في الدهون مثل فيتامين A وE أقل من خسارة الفيتامينات الذوابة بالماء مثل فيتامين C في أثناء عملية التجميد. وقد تحتوي المنتجات المجمدة على كمية أعلى من الفيتامينات والمغذيات النباتية بالمقارنة مع المنتجات الطازجة القديمة، لكن عملية الإذابة والطبخ تجعل المحتوى متشابهًا بينهما تقريبًا (1).

4- من مميزات التجميد أنَّه قد يكون كافيًا لمنع نمو البكتيريا المسببة للأمراض وتلف الطعام، وخاصةً إذا ضُبطت درجة حرارة المجمد على -18 سْ، وذلك بهدف الحدِ من الحمولة الجرثومية قبل الطهي قدر الإمكان (13).

5- من سلبيات التجميد أنَّ هذه العملية قد تؤدي إلى حدوث حروق التجميد التي تنتج عن فقد الرطوبة من سطح الطعام، وتحدث هذه الظاهرة بسبب عملية التسامي التي تسبب تحول الجليد إلى بخار مباشرةً دون المرور بالحالة السائلة، وبالطبع فإن ما يُعرف بحروق التجميد لا يؤثر في سلامة المنتج، ويمكن أن نكتفي بإزالة الأجزاء المتضررة قبل الإعداد. ويمكن تجنب حدوث هذه الأضرار عن طريق تغليف الطعام جيدًا والحدِّ من تعرضه للهواء وخفض درجة حرارة المجمد، مع ملاحظة أنَّ وضع أطعمةٍ مقطعةٍ يزيد احتمال التعرض لحروق التجميد على عكس تركها كتلةً واحدة (13).

6- كما ذكرنا سابقًا، تعدُّ المنتجات المجمدة خيارًا جيدًا لسهولة تحضيرها وطول فترة صلاحيتها وتواجدها على مدار العام مقارنةً بالمنتجات الطازجة (2)، فضلًا عن كونها طريقة سهلةً للحصول على مزيدٍ من الألياف ومضادات الأكسدة (2،7).

7- يجب الحذر من محتوى المعلبات من الصوديوم والسكر المضاف، واللذان يستخدمان لزيادة مدى صلاحية الأغذية المعلبة. علمًا أن الاستخدام الصحيح للمعلبات يمكن أن يكون طريقة سهلةً لتدعيم نظامنا الغذائي بالألياف التي يستطيع الجسم الاستفادة منها بسهولة (14).

أخيرًأ، قد لا يستطيع الجسم الحصول على كافة المغذيات التي تحويها الأغذية إما لصعوبة هضمها أو صعوبة امتصاصها، ولكن يمكن لبعض الإجراءات أن تزيد استفادة الجسم من هذه المغذيات أو تقللها، وعلى سبيل المثال تزيد عمليات الطهي قدرة الجسم على امتصاص الفيتامين K وE وD وA عند تناولها مع الدهون. كذلك تساعد عمليات التجميد أو التعليب على جعل بعض المغذيات سهلة الامتصاص من قبل الجسم وهذا ما يجعلها مفيدةً لنا (13).

المصادر:

1. Fresh or frozen produce? The health benefit is all in the mix - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2020 [cited 29 June 2020]. Available from: هنا

2. Are Frozen Vegetables Healthy? [Internet]. Healthline. 2020 [cited 29 June 2020]. Available from: هنا

3. Mazzeo T, Paciulli M, Chiavaro E, Visconti A, Fogliano V, Ganino T et al. Impact of the industrial freezing process on selected vegetables -Part II. Colour and bioactive compounds. 2020. هنا

4. Vitamin Retention in Eight Fruits and Vegetables: A Comparison of Refrigerated and Frozen Storage [Internet]. Pubs.acs.org. 2020 [cited 29 June 2020]. Available from: هنا

5. Ilyasoğlu H, Burnaz N. Effect of Domestic Cooking Methods on Antioxidant Capacity of Fresh and Frozen Kale. International Journal of Food Properties. 2014;18(6):1298-1305. هنا

6. Lee S, Choi Y, Jeong H, Lee J, Sung J. Effect of different cooking methods on the content of vitamins and true retention in selected vegetables. 2020. هنا

7. Slavin J, Lloyd B. Health Benefits of Fruits and Vegetables. 2020. هنا

8. Jane M. Fresh vs Frozen Fruit and Vegetables — Which Are Healthier? [Internet]. Healthline. 2017 [cited 29 June 2020]. Available from: هنا

9. Bonwick G, S. Birch C. Antioxidants in Fresh and Frozen Fruit and Vegetables: Impact Study of Varying Storage Conditions. 2020. هنا

10. C Rickman J, M Barret D, M Bruhn C. Nutritional comparison of fresh, frozen and canned fruits and vegetables. Part 1. VitaminsC and B and phenolic compounds [Internet]. 2020 [cited 30 June 2020]. Available from: هنا

11. Europe PMC [Internet]. Europepmc.org. 2020 [cited 30 June 2020]. Available from: هنا هنا

12. Shofian N, Hamid A, Osman A, Saari N, Anwar F, Pak Dek M et al. Effect of Freeze-Drying on the Antioxidant Compounds and Antioxidant Activity of Selected Tropical Fruits. 2020. هنا

13. Hull M. Is there a difference between fresh, frozen, and canned vegetables? [Internet]. Examine.com. 2020 [cited 29 June 2020]. Available from: هنا

14. Fresh, Frozen or Canned Fruits and Vegetables: All Can Be Healthy Choices! [Internet]. www.heart.org. 2018 [cited 9 July 2020]. Available from: هنا