الطب > طب الأسنان

تدبير مرضى الاضطرابات الكبدية في العيادة السنية

يُعرف الكبد بوصفه عضوًا حيويًّا وظيفته استقلاب الأدوية ومعظم المواد التي نستهلكها، ويُعدُّ موقع إنتاج لعوامل التخثر المختلفة.

ويمكن أن نصنف الأمراض الكبدية إلى:

- أمراض حادة (تتميز بشفاء سريع، وغالبًا القدرة على الاستعاضة الكاملة لبنية العضو ووظيفته بمجرد القضاء على السبب الإمراضي). 

- أمراض مزمنة (تتميز بتخرب مستمر، مع ضعف وظيفة العضو تدريجيًّا نتيجةً لزيادة ضرر الخلايا الكبدية). 

- يوجد عديد من الأسباب التي تؤدي إلى التهاب الكبد المزمن ولعل أكثرها شيوعًا:

1- التهاب الكبد الفيروسي B, C. 

2- أمراض الكبد المرتبطة بالكحول. 

3 -التهاب الكبد المناعي الذاتي. 

4- التهاب الأقنية الصفراوية البدئي. 

5- تشحم الكبد. 

6- اضطرابات الكبد الوراثية. 

7- تلف الكبد الناجم عن الأدوية. (1,3,5).

تؤثر أمراض الكبد في الشهية والهضم والمناعة للجسم بالكامل، وقد تتأثر صحة الفم سلبًا بسبب أمراض الكبد المختلفة. 

فقد أجريت دراسة من قِبل Kannan et al بهدف معرفة إذا كان هناك أي مظاهر فموية يمكن رؤيتها لدى مرضى الاضطرابات الكبدية، وذلك بواسطة دراسة عشوائية على 50 مريض يعانون أمراضًا في الكبد؛ فكانت النتائج على النحو الآتي:

1- وُجِد تسوس الأسنان أكثر مشكلة فموية منتشرة؛ إذ لوحظت لدى 28 مريضًا (56%). 

2- التهاب اللثة المزمن المعمم لدى 20 مريضًا (40%). 

3- التهاب اللسان عند 17 مريضًا (34%).

4- قلة الإلعاب لدى 10 مرضى (20%).

5- اللسان المتشقق لدى 7 مرضى (14%).

6- تغير في حاسة التذوق لدى 5 مرضى (10%).

7-  التهاب اللسان الضموري لدى 5 من المرضى (10%).

8- تليف الطبقة تحت المخاطية في الفم لدى 5 مرضى (10%).

9- ظهور الحزاز الفموي المسطح Oral Lichen planus في فم 3 مرضى (6٪) (5). 

وتعود أكثر المشكلات الشائعة المرتبطة بأمراض الكبد في العلاجات السنية إلى خطر العدوى الفيروسية من جانب طبيب الأسنان وبقية المرضى (العدوى المتقاطعة)، وخطر النزيف؛ إضافة إلى تغير استقلاب بعض المواد الدوائية مؤديًا إلى زيادة خطر السُّمية (1).  Dental management

لذلك يتطلب التعامل مع مرضى الكبد في العيادة السنية مجموعة من التدابير لعل أبرزها:

- تدوين التاريخ الطبي للمريض مُفصلًا قبل علاج الأسنان؛ كي تُحدَد المخاطر المحتملة، وينصح كذلك بالتشاور مع طبيب المريض أو الاختصاصي من أجل وضع خطة علاج آمنة ومناسبة تتكيف مع الحالة الطبية للمريض (١). 

- علاج الحالات الطارئة فقط عند مرضى التهاب الكبد الفيروسي في مرحلته الحادة (١). 

- يجب على مرضى تشمع الكبد الخضوع لفحوصات أسنان منتظمة للحفاظ على نظافة الفم جيدًا؛ لمنع تشكل التهاب في الفم، وتجنب العلاجات الجراحية (٤).

- تمنع الجراحة بالتزامن مع حالات مرضية معينة؛ مثل: التهاب الكبد الحاد، أو فشل الكبد الحاد، أو التهاب الكبد الكحولي (١).

0 يجب أن يؤخذ في الحسبان أن أمراض الكبد غالبًا ما ترتبط بانخفاض تركيز عوامل التخثر البلازمية؛ ففي حال الحاجة إلى العلاجات الجراحية ينبغي فحص التخثر والإرقاء (تعداد دم - زمن البروثرومبين /INR - زمن الثرومبين - زمن الثرمبوبلاستين - الفحوص الكيميائية الحيوية للكبد GPT, GOT, GGT). ويجب استشارة طبيب أمراض الدم أو اختصاصي الكبد مع تأجيل العلاجات الاختيارية، وتنفيذ العلاجات الطارئة في المشفى   (١).

- يقترح التغطية بالمضادات الحيوية (تُعطَى الصادات بحذر شديد في المراحل النهائية لأمراض الكبد المزمنة)؛ لأن اختلال وظائف الكبد مرتبطة بنقص الكفاءة المناعية وتجنب وصف الميترونيدازول والفانكومايسين (١،٢).  وعمومًا؛ يمكن إعطائهم صادات من زمرة البيتالاكتام؛ في حين تزيد الأمينوغليكوزيدات من خطر سمية الكبد؛ فيجب تجنبه، ويجب تجنب بعض الصادات؛ مثل الإريثرومايسين، أو الميترونيدازول، أو التتراسكلين بالكامل، وبالمقابل يُعدُّ الكليندامايسين الصاد المفضل للتغطية الوقائية لدى مرضى تليف الكبد الذين لديهم حساسية للبنسلين (١،٤).

- عمومًا؛ يتحمل المرضى الذين يعانون اختلال وظائف الكبد الخفيف إلى المتوسط التخدير الموضعي جيدًا؛ أما التعديلات فتكون ضرورية لدى الأفراد المصابين بأمراض الكبد المتقدمة. 

فعند مرضى تشمع الكبد يجب إعطاء التخدير الموضعي بحذر، إذ تُستقلَب الأميدات في الكبد؛ مما يمكن أن يسبب تفاعلات سامة عند جرعات أقل من المتوقعة؛ في حين أن بعض المخدرات الموضعية مثل الأرتيكائين يحدث معظم استقلابها في البلازما؛ فيما يستقلب البريلوكائين جزئيًّا في الرئتين، فتكون هذه المخدرات أقل اعتمادًا على الكبد في استقلابها، وتُسبب أثرًا سميًّا أقل فيه (١،٤).

- يجب استخدام الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية بحذر أو تجنبها؛ بسبب خطر نزف الجهاز الهضمي (١). 

- تجنب الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) مع الأمراض الكبدية الخطيرة (١).

قد يحدث نزف حاد لدى مرضى أمراض الكبد المزمنة؛ بسبب انخفاض عوامل التخثر ونقص الصفيحات؛ لذا أحيانًا يُعطَون فيتامين K، أو الصفيحات دموية(٢). 

- يجب الحد من الأدرينالين في التخدير الموضعي مع مرضى المراحل النهائية لأمراض الكبد المزمنة (٢). 

- يجب تجنب الأدوية الباربيتورية مع مرضى المراحل النهائية لأمراض الكبد المزمنة (٢). 

خلال الأشهر الثلاثة بعد عملية زراعة الكبد يتلقى المرضى مثبطات مناعية حتى لا يُرفَض العضو المزروع، فيكون المرضى في هذه المرحلة عرضة لخطر حدوث مضاعفات وعدوى ورفض فوري للعضو المزروع. 

لذلك توجد مجموعة من الاعتبارات الخاصة بالعلاجات السنية في هذه المرحلة، منها:

1- تجنب أي علاج روتيني للأسنان وتوفيرها للحالات الطارئة فقط، ويجب أن تكون بطرائق أكثر تحفظًا، وذلك بعد التناقش مع الاختصاصي. 

2- اتباع المريض جميع تعليمات نظافة الفم. 

3- قد يؤدي الجمع بين السايكلوسبورين ومثبطات المناعة مع عديد من الأدوية المستخدمة في طب الأسنان؛ مثل (الإريثرومايسين-كيتوكونازول-كاربامازبين) إلى تفاعلات خطيرة. 

4- يُعدُّ الكليندامايسين عقارًا سامًّا للكبد؛ فيجب عدم استخدامه لدى مرضى زراعة الكبد (٢).

وفي النهاية لا بد من اتباع إجراءات التعقيم الصارمة؛ إذ إن التعقيم الناقص يمكن أن يعرض كلًا من طبيب الأسنان والمرضى الآخرين لعدوى التهاب الكبد الفيروسي. 

فقد كُشِف عن وجود فيروس التهاب الكبد C على أسطح مختلفة داخل العيادة السنية بعد علاج مرضى التهاب الكبد. 

وعلاوةً على ذلك؛ فإن الفيروس قادر على البقاء ثابتًا في درجة حرارة الغرفة لأكثر من 5 أيام. 

وقد ثبت أن تقنيات التعقيم التقليدية تقضي على البروتينات النوعية والأحماض النووية (DNA التهاب الكبد B - RNA التهاب الكبد C) من الأدوات السنية الحاملة لفيروسات التهاب الكبد B وC، وفي حال حدوث وخز أو جُرِح الجلد بواسطة رأس الأبرة أو أداة حادة (استخدمت لمريض) فلا بد من اتباع الخطوات الآتية:

- يجب غسل الجرح بعناية دون فرك عدة دقائق بالماء والصابون أو باستخدام مطهر. 

- تطبيق ضغط تحت مستوى الجرح عدة دقائق لتحريض النزف.  أما في حال تأذي السطح المخاطي؛ فيُغسَل بماء غزير أو بمحلول ملحي. 

- المحاولة قدر الإمكان بتحديد حالة مولد الضد Antigen للفيروس عند المريض؛ ففي حال التعرض عبر الحقن للمستضدات الإيجابية لفيروس التهاب الكبد B يجب أن يتلقى طبيب الأسنان العلاج مع الغلوبولين المناعي المضاد لالتهاب الكبد B (١).

إن السبب المنطقي لاتباع هذه الخطوات هو الحد من عدد الوحدات الفيروسية إلى ما دون العتبة اللازمة للتسبب بالعدوى (الجرعة المعدية).

المصادر:

1- Cruz-Pamplona M, Margaix-Munoz M, Sarrion-Perez M. Dental considerations in patients with liver disease. Journal of Clinical and Experimental Dentistry [Internet]. 2011;:e127-e134. Available from: هنا
2- Makri Panagiota-Alexia., et al. “Dental Management of Patients with Liver Transplant” . EC Dental Science 14.2 (2017): 41-49. Available from:هنا
3- Santos P, Fernandes K, Gallottini M. Assessment and management of oral health in liver transplant candidates. Journal of Applied Oral Science [Internet]. 2012;20(2):241-245. Available from: هنا
4- Rodríguez Martínez S, Talaván Serna J, Silvestre F. Dental management in patients with cirrhosis. Gastroenterología y Hepatología (English Edition) [Internet]. 2016 [cited 26 April 2020];39(3):224-232. Available from: هنا
5- Kannan, N., Prathima, P., Rakesh Kumar Manne, Adarsh Anumula, Nellore Bhargavi, Sudeepthi Pulimi, Aneesa Nasreen, Mercy 
Sravanthi and Havilah, P., 2018. “Oral manifestations in patients with liver diseases a prospective observational study at a tertiary health care center in 
India”, International Journal of Development Research, 8, (05), 20582-20584.Available from: هنا