الفيزياء والفلك > فيزياء

لماذا يحتوي الكون على كميَّة قليلة جدًّا من المادَّة المضادَّة؟

يمكننا إطلاق اسم المادة على أي شيء يمتلك كتلة ويشغل حيزًا، ويتألف من جسيمات مثل الإلكترون السالب الشحنة والبروتون الموجب الشحنة والنيوترون المعتدل كهربيًّا.

أما المادة المضادة فتُشير إلى فئة من الجسيمات تملك خصائص المادة نفسها، لكن مع شحنة معكوسة، الإلكترون الموجب، والبروتون السالب.

وعلى عكسنا نحن البشر، لا تؤمن المادة والمادة المضادة بالعيش المشترك؛ إذ تفنيان بعضهما البعض عند الالتقاء بعملية تُسمى "الاندثار annihilation"، وتبعًا لهذا المبدأ الفيزيائي المعروف، ينبغي أن يكون كوننا مظلمًا خاويًا من أي مجرّات أو نجوم أو كواكب أو أي مظاهر حياة، لأن الكون -وفقًا لما نعرفه- قد أنتج عند ولادته كميات متساوية من المادة والمادة المضادة، فكيف أصبح الكون المزدحم الذي نعرفه؟

في الحياة الكثير مما يصعب شرحه، أحد هذه الأمور هي أن الكون يتألف من المادة بدلًا من المادة المضادة، فكيف تفوقت المادة على المادة المضادة ونجت من الاندثار لتبني كوننا العظيم، في حين ما زالت هناك كميات قليلة من المادة المضادة؟ يجب أن يكون هناك اختلاف جوهري بين المادة والمادة المضادة لشرح ما نراه في الكون ولكننا لم نكتشف بعد ما هو.

لكن بحثًا جديدًا نشرته مجلة Nature يزعم أن الفرق يكمن في أخف الجسيمات الذرية على الإطلاق: النيوترينو!

النيوترينوات هي جسيمات أولية لا تمتلك شحنة كهربائية وهي من بين الجسيمات الأكثر وفرة في الكون. بالكاد تتفاعل مع أي شيء. وفي كل ثانية، يمر قرابة 100 تريليون نيوترينو عبر جسمك دون أن يكترث العالم.

كيف تفسّر هذه الأجسام وفرة المادة على حساب المادة المضادة؟

حسنًا، هناك ثلاثة أنواع -أو نكهات كما يسميها العلماء- من جسيمات النيوترينو، كل منها له جسيم مضاد. ومع ذلك، لا تستقر النيوترينوات في نوع واحد ولكن بدلًا من ذلك "تتأرجح" من نوع إلى آخر. وقد وجد العلماء دليلًا على أن النيوترينوات أفضل في التذبذب بين النكهات مقارنة بتذبذب أجسامها المضادة. وقد يكون هذا هو المفتاح الذي نحتاجه لفهم سبب ترجيح الكون المادة بدلًا من المادة المضادة، فنوترينوهات المادة المضادة (أو ضد النوترينو) متذبذبة كما جسيمات النوترينو لكن تذبذب الأخيرة ذو أفضلية جعلت للمادة افضلية على المادة المضادة ، هذا ما تقترحه الدراسة المنشورة المشار إليها أنفاً .

إنها نتيجة مثيرة للغاية من سنوات عديدة من البحث العلمي، لكن سيستمر العلماء بجمع البيانات والملاحظات لتحديد الاختلافات بين النيوترينوات ومضادات النيوترينو، وإيجاد طرائق أفضل لتوظيف هذه الملاحظات.

 

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا