العمارة والتشييد > التصميم المعماري

الأساسات

تعدُّ الأساسات إحدى أبرز عناصر المباني الإنشائيَّة، وتتمثل وظيفتها بنقل الحمولات من المبنى إلى الأرض، وتتنوع حسب طبيعة المنشأ، سواء أكانت أبراجًا عاليةً أم أبنيةً من طابقٍ واحدٍ، أم جسورًا أم أنفاقًا تحتيّةً، فهناك السطحيَّة (منفردة، ومستمرة، ومشتركة، وحصيرة)، وهناك الأساسات العميقة (الأوتاد)، والأساسات القيصونية، وهناك أيضًا الأساسات العائمة التي تستخدم وزن المياه للتثبيت. (1)

قبل أن نبدأ بالتعرف إليها واحدةً واحدة، ما الإجراءات المتخذة من قبل المسؤولين قبل اختيار الأساسات؟ 

أوّلًا: 

عادة ما يُقدم تقدير تقريبيّ لحمل الأساس من قِبَل الزبون، أو يتم حسابه تقديرًا من قِبَل المهندس اعتمادًا على الموقع أو تعقيد نظام التحميل، إضافةً إلى دراسةٍ مرجعيةٍ لمعرفة كيف تعاملوا سابقًا مع مشكلات مماثلة.

ثانيًا: 

دراسةٌ عمليةٌ للطبقات الجيولوجية لتربة الموقع، وقراءة السبور؛ لمعرفة أية مشكلات قد تواجه المهندس خلال عملية التصميم (قد يكون لها الأثر الأكبر في اختيار نوع الأساس).

ثالثًا:

تجهيز ما اُكتشِف في دراسة الموقع، وتجهيز الاختبارات التي عُملت. 

رابعًا: 

تحديد معايير التربة الضرورية بناءً على التجارب التي أُجريت، والمبادئ العلميَّة والمنطق الهندسي، إضافةً إلى بعض التحليلات المعقدة المتضمنة، ومن أجل المشكلات المعقدة التي قد يواجهها المهندس يمكن مقارنة النتائج مع نتائج لمشكلات مشابهةٍ، أو الاستعانة باستشاريٍّ جيوتكنيك؛ ليعطي منظورًا خارجيًّا للنتائج.

خامسًا وأخيرًا:

تُصمم الأساسات بمعلومات التربة المتوافرة لديك بالخطوة الرابعة، وقم بالتواصل مع كلِّ المعنيين بالأمر من المعماريِّ إلى الزبون، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأساس يجب أن يكون تصميمه اقتصاديًّا وبمقدار خطورةٍ ضمن المعقول، ويجب الأخذ بعين الاعتبار القوى العاملة المتوافرة. (5)  

بعض الاعتبارات الإضافية المهمة: 

1. العمق يجب أن يكون كافيًا؛ لتجنب الضغط الجانبي من أسفل الحصيرة والأساسات على أساسات المباني المجاورة، ويجب أخذ هذا الضغط بعين الاعتبار عند عملية الحفر للأساسات الجديدة، حيث وُجِد أنَّ عدد شقوق التَّسوية التي وُجدت على أساسات مباني مجاورة موجودة مسبقًا عند بدء الحفر مذهلة.

2. يجب أن يكون العمق الذي يوضع عنده الأساس تحت مستوى التربة التي تتغير وفق التغيرات الحرارية التابعة للطقس، من صقيعٍ وذوبان ثلوجٍ وزراعةٍ، ومعظم كودات الأبنية التقليدية تحتوي على عمقٍ مطلوبٍ معين.

3. يجب على مخطط التربة مراعاة ظروف التربة المتنوعة؛ إذ إنه بوجود قطرات الماء الصاعدة للأعلى قد تمتصها التربة وتسبب انتفاخها، فتنتفخ التربة رافعةً الأساس نحو الأعلى. 

4. إضافةً إلى قوى الضغط التي يجب أن يتحملها الأساس يجب أن يكون آمنًا ضدَّ أيِّ انزلاقٍ أو انقلابٍ أو انتفاخٍ للتربة.  

5. يجب حماية الأساسات من المواد الضارة التي قد تكون موجودةً في التربة، وتطبيق حمايةٍ خاصةٍ للنظام القريب من المواد الكيميائية التي تؤذي الحديد والأسمنت البورتلاندي.

6. يجب أن يكون نظام الأساسات المُستخدم مرنًا يُمكن التعديل عليه في حال إضافة بعض التغييرات اللاحقة على حمولات المبنى.

والآن بعد اختيارك للنظام المناسب للبناء والتربة بالطبع ستكون بين اختيارين: إمّا أساساتٌ سطحيَّةٌ وإمّا أساساتٌ عميقةٌ، ومن مكاننا سنبدأ في قسم الأساسات السطحية، وسنتحدث عن الأساسات المنفردة. 

بدايةً متى نقول إن الأساس سطحي؟ 

يختلف مفهوم الأساس السطحي من مؤلفٍ لمؤلف، وعموماً هي عندما يكون عرض الأساس أكبر بقرابة ضعفي عمق التأسيس (العمق الذي يوضع الأساس عليه) (3)

ما أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في الأساسات السطحية؟

1. يجب أن يكون الأساس آمنًا ضد قوة القصِّ الكلي من التربة التي تدعمهم (أي ألَّا ينهار على القصِّ).

2. يجب أن يكون الأساس آمنًا من الهبوطات الكبرى التي قد تتعرض لها التربة، وقولنا كبرى هنا؛ لأن هناك نسبةً مسموحةً من الهبوطات لكل منشأةٍ مختلفةٍ عن الأخرى. (4)

الأساسات المنفردة:

متى نستخدمها؟

أرخص أنواع الأساسات، تُستخدم عندما تكون قدرة تحمل التربة عاليةً (التربة قاسية)، أو عندما تكون الحمولات المنقولة من الأعمدة قليلة. (2)  

ما الأشكال المستخدمة فيها؟

عديدةٌ، منها المتدرجة، ومنها ذات رقبة. (2)  

ما آلية عمل الأساس المنفرد؟

يقوم الأساس بتوزيع الحمولة المركزة المنقولة من العمود إلى التربة على شكل حمولةٍ موزعة، فَيمنع الانهيار، ويُخفف الهبوطات تحت الأساس.

من المتحكم بأبعاد الأساس الأصغرية؟

أولًا القوى المنقولة من العمود، وثانيًا أبعاد العمود، فمثلًا في أعمدة الجسور لا بدَّ من استخدام أساساتٍ لا تقلُّ عن عرض 3 متر ب 3 متر. 

كما أن وجود حمولاتٍ لا مركزيةٍ على الأساس تؤدي إلى زيادة أبعاد هذا الأساس، ويجب أن يكون التصميم الهيكليُّ لهذا الأساس آخذًا بعين الاعتبار الثقب والقصَّ ووجود قوى لا مركزية (إن وجدت). (3)

الأساسات المستمرة

متى نستخدم الأساسات المستمرة؟

تُستخدم في الغالب لتستند الجدران عليها، ومن الأفضل أيضًا استخدام الأساسات المستمرة عند وجود صفٍّ من الأعمدة بالقرب من بعضها كثيرًا بمسافةٍ تقلُّ عن طول الأساس، حيث من الأسهل صبُّ البيتون ضمن خطٍّ شريطيٍّ طويلٍ على صبه لمجموعةٍ متقاربةٍ من الأساسات المنفردة المعزولة، يُستخدم أيضًا عندما تكون التربة ضعيفةً؛ وذلك لزيادة قدرة التحمل، وكلما كانت التربة أضعف كلما اضطُررنا لزيادة عرض الأساس. (2)

في بعض الأحيان قد نحتاج لتقوية الأساس الشريطي من الهبوطات التفاضلية، فنلجأ لاستخدام صحيحة أو مقلوبة.

 (2)

ما الاشتراطات البعدية للأساسات المستمرة؟

يجب أن يكون الطول لا يقل عن 5 مرات العرض، الأبعاد التصميمية لهذا النوع من الأساسات تعتمد بصورةٍ أساسيةٍ على قوى القصِّ والعزم. (3) 

الأساسات المشتركة:

باختصارٍ ما العوامل التي نُصمم عليها الأساس المشترك؟

الخيار يعتمد على البعد المتاح، ونوع القوى، وخواص التربة، والاقتصادية. 

ماأشكال الأساس المشتركة؟ 

مستطيل وشبه منحرف. 

متى نستخدم المستطيل؟ 

عندما يكون هناك عمودان بالقرب من بعضهما، والحمولات المنقولة إليهما قريبة من بعضها.

متى نستخدم شبه المنحرف؟

في الأسباب السابقة نفسها، ولكن عندما يكون أحد العمودين حمولاته أكبر من الأخرى بكثير.

(4) 

الحصيرة:

متى نستخدم الحصيرة؟

1. عندما تكون التربة ضعيفة.

2. عندما يكون عدد الطوابق كبيرًا. 

3. عندما تغطي مساحة الأساسات المنفردة أكثر من 50% من مساحة الحفرية المخصصة للأساسات. 

ما آلية عمل الحصيرة؟

ميزة الحصيرة بأنها يمكن بناؤها فوق تربةٍ طريةٍ، وأنها تقِّلل من الهبوطات التفاضلية، فمن الاقتصادية عندما يكون المبنى منشأ على تربةٍ ضعيفةٍ أو خفيف الوزن، تقوم الحصائر بتوزيع الحمولات على مساحةٍ كبيرةٍ، وهذا ما يُخفف الضغط المطبَّق على التربة، تُصمم الحصيرة بتسليحٍ وعمقٍ كافيين؛ لتكون بعطالةٍ كافيةٍ لتنقل الحمولات من الأعمدة والجدران، وتقلل من الهبوطات التفاضلية.

(3) 

هناك عدة أشكالٍ للحصائر مثلًا:

1. ‘Flat Plate’ صفيحة مسطحة. (a)

2. صفيحةٌ مسطحةٌ مع زيادة السماكة تحت الأعمدة. (b) 

3. بلاطةٌ جائزية، تكون الأعمدة مسنودةً على تقاطع الجوائز التي تمشي بالاتجاهين. (c)

4. بلاطة مع ركائز. (d)

5. الحصيرة مع جدران القبو، حيث تكون هذه الجدران جزءًا من عمل الحصيرة كدعامات. (e)

(4) 

سنتابع في الأساسات المستمرة في مقالٍ لاحقٍ، ويسعدنى أن أعرف ماذا تودون المعرفة عنه كي نتوسع به في مقالٍ آخر.

المصادر

1. Foundation [Internet]. Britannica. 2020 [cited 14 March 2020]. Available from: هنا

2. Curtin W, Shaw G, arkinson G, Golding J, Seward N. structural foundation designer manual. 2nd ed. UK, USA, Australia,: Blackwell Publishing; 2006

3. PanGEO, Inc. 3414 N.E. 55th Street Seattle, Washington 98105. GEOTECHNICAL ENGINEERING CIRCULAR NO. 6 Shallow Foundations [Internet]. US: PanGEO, Inc.; 2020 p. 11. Available from: هنا

4. M. DAS B. Principles of Foundation Engineering, SI. 7th ed. Christopher M. Shortt; 2011.

5. E. Bowles, RE., S.E. J. FOUNDATION ANALYSIS AND DESIGN. 5th ed. New York St. Louis San Francisco Auckland Bogota Caracas Lisbon London Madrid Mexico City Milan Montreal New Delhi San Juan Singapore Sydney Tokyo Toronto: The McGraw-Hill Companies, Inc.; 1997 p