اللغة العربية وآدابها > شمس القصيد

الظُّلم من شِيَم النفوس

الظلم لغةً هو "وضع الشيء في غير موضعه"، وأصله "الجورُ ومجاوزة الحد" والظلم "الميل عن القصد، والعرب تقول: الزَم هذا الصَّوبَ ولا تظلِم عنه؛ أي لا تَجُر عنه"؛ أي بمعنى: الزم هذا الطريق ولا تَحِد عنه، والظَّلَمة "المانعون أهلَ الحقوقِ حقوقَهم" (1). وفي تعريف اصطلاحي مبسّط: "يحدُث الظلم عند ممارسة شخصٍ ما سلطةً أو قوة بطريقة غير عادلة أو مؤذية أو قاسية أو متحكِّمة بلا داعٍ. مثلًا يمكن أن يقال عندما يحبس أحد الوالدين طفلَه في خزانة: إنّه ظلمه" (2)، وهناك أمثلة كثيرة عن الظلم كالعبودية وحرمان المرأة من حق الإرث أو التملّك وغيرها (2). 

وفي بيت المتنبي هذا يرى أنَّ الظلم في طبائع النفوس (3)، وأنَّ الناس قد جُبِلوا عليه، فإذا رأيتَ عفيفًا لا يَظلِم فإنَّما ترْكه الظلم لعلَّةٍ كالخوف والعجز ونحوهما (4)؛ أي يؤكّد المتنبي أنَّ الظلم طبيعة بشرية لا يمنع الإنسان عنها إلّا علّة عارضة متى زالت ظلمَ الإنسان غيره. 

وتَرِدُ ممارسة الظلم بين البشر في صورة الحقيقة الاجتماعية العامة في شعر ما قبل الإسلام عند الشاعرِ زهير بن أبي سلمى الذي يؤكّد أنَّ الإنسان إذا لم يظلم غيره فإنَّ الظلمَ سيقع عليه؛ بقوله (5):

ومَنْ لا يَذُد عن حوضِهِ بسلاحهِ         يُهدَّمْ، ومن لا يَظْلِمِ الناسَ يُظلَمِ

ومعنى البيت: "من لم يدافع عن قومه يَذِلَّ ويُكسَر" (5)، "ومن كفَّ عن الامتداد إلى الناس رأوه مَهينًا ضعيفًا فاستطالوا عليه وظلموه" (6).

فهل يوجد لدى البشر حقًّا استعدادٌ طبيعيٌّ لممارسة الظلم على الأضعف منهم؟ ثمَّ هل يُعدُّ ظلمُ الآخرين مبدأً ضروريًّا كي يحمي الإنسان نفسَه من ظلمهم؟ 

المصادر:

1- ابن منظور، محمد بن مكرم. (2005). لسان العرب. (ط. 4). (م. 9).  بيروت: دار صادر. ص ص 191- 193.

2- هنا

3- العُكْبَري، أبو البقاء. (1997). ديوان أبي الطيب المتنبي. ضبط نصوصه وأعد فهارسه وقدم له: الطباع، عمر فاروق. (ط. 1) (ج. 2). بيروت: دار الأرقم بن أبي الأرقم . ص 473.

4- البرقوقي، عبد الرحمن. (د. ت). شرح ديوان المتنبي. (ط. 2). (ج. 4).  القاهرة: مطبعة الاستقامة. ص 320.

5- أبي العباس، أحمد بن يحيى. (د. ت). شرح ديوان زهير بن أبي سلمى. القاهرة: دار الكتب المصرية. ص 30.

6- الشنْتمري، الأعلم يوسف بن سليمان. (د. ت). شعر زهير بن أبي سلمى. تحقيق: قباوة، فخر الدين.  بيروت: دار الآفاق الجديدة. ص 27.

7- الزركلي، خير الدين. (1969). الأعلام. (ط. 3). (ج. 1).  بيروت. ص 110.