التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

اضطراب الانزعاج من النوع الاجتماعي، هل من علاج؟

«يقول طفلي ذو السنوات الست إنه سيكبر ليصبحَ امرأةً جميلة، وسيرتدي الفساتين الطويلة الزاهية، وكثيرًا ما أخبرني أنه يكره الدخول إلى حمام الأولاد الذكور في المدرسة».

هل تبدو القصةُ مألوفة؟ .. ربما تعرف طفلًا أو بالغًا يعبِّر عن شعوره بالضيق لأنه وُلد في جسد أنثى/ ذكر، أو ربما تكونُ أنت ممن لا تتطابق هويتهم الجندرية مع جنسهم المحدد عند الولادة. تُسمى هذه الحالة باضطراب الانزعاج من النوع الاجتماعي Gender Dysphoria، وتعرف بأنَّها حالة من عدم التطابق الملحوظ بين النوع الجندري الذي يعبر عنه الفرد أو يختبره والجنس المحدد عند الولادة، ممَّا يسبب انزعاجًا كبيرًا ومشكلات نفسية وتضررًا في نواحي الحياة الاجتماعية والمهنية وغيرها(1). يختبر الأفراد الذين يعانون الانزعاج من النوع الاجتماعي رغبةً قويةً في أن يعاملوا معاملة فرد من الجندر المغاير/أو أن يتخلصوا من الصفات الجنسية للجنس الذي يحملون سماته الظاهرة جسديًّا(1)..

لا يُعدُّ الانزعاج من نوع الجندري مرضًا، بل هو حالة تتطلب المساعدة النفسية والطبية(1).

فما الذي يقدمه العلم للطفل في القصة السابقة؟

تهدف معالجة اضطراب الانزعاج من النوع الاجتماعي إلى مساعدة الأفراد الذين يعانون هذه الحالة على العيش بالطريقة التي يختارونها وفقًا لهويتهم الجندرية المرغوبة، ويختلف معنى ذلك بين فردٍ وآخر وبين الأطفال والكبار(2).

علاج الأطفال واليافعين (دون الـ 18 سنة):

يقدم المتخصصون العاملون في عيادات الهوية الجندرية للأطفال والمراهقين التقييم الطبي لتحديد نوع الدعم الذي سيحتاجه الطفل، وتبعًا لنتيجة التقييم تُقدم إحدى الخيارات الآتية(2):

·  العلاج النفسي العائلي

·  العلاج النفسي للطفل وحده

·  دعم الوالدين وتقديم الاستشارة

·  مجموعات العمل الموجهة لليافعين أو ذويهم

·  المراجعات المتكررة لمراقبة تطور الهوية الجندرية

·  المعالجة الهرمونية

المعالجة في هذا السن نفسية أكثر منها طبية أو جراحية؛ إذ تزول مظاهر الانزعاج من النوع الاجتماعي عند غالبية هؤلاء الأطفال عند سنّ البلوغ، ومن ثَمَّ يسعى العلاج النفسي في هذه المرحلة إلى تزويد الطفل والأهل بالمعلومات عن الحالة وخيارات العلاج والدعم اللازم للتأقلم مع التوتر النفسي المرافق للحالة دون الاندفاع والمضي في الإجراءات التالية، ويمنحهم الفرصة في النقاش والحديث عما يختبرون أيضًا (2).

المعالجة الهرمونية

إذا وصل الطفل إلى سن البلوغ واستمرت أو تزايدت مظاهر الانزعاج من النوع الاجتماعي (الانزعاج الواضح من نوع الجنسي والرغبة القوية في العيش كفرد من أفراد الجنس المغاير) تبدأ المعالجة الهرمونية، وفيها يُعطى الطفل هرمونًا مشابهًا للهرمون المُطلق لحاثّات الأقناد (GnRH analogues)، وهو شكل مُصنَّع يحاكي عمل الهرمون الطبيعي ويكبح إطلاق هرموناتٍ أخرى في الجسم. بكبح تلك الهرمونات يمكن تأخير البلوغ وما يصاحبه من تطور الصفات الجنسية الثانوية كنمو الثديين عند الأنثى ونمو القضيب عند الذكر كون هذه التغيرات تزيد القلق والانزعاج عند المراهق/ة في أثناء فترة البلوغ، والهدف من المعالجة الهرمونية هذه تأخير مظاهر البلوغ وتجنب المشكلات النفسية المرافقة لها كالاكتئاب وإيذاء الذات، وإعطاء الفرصة للمراهق كي يتخذ القرار بشأن إتمام مراحل العبور، والسماح له بخوض تجربة العبور الاجتماعي قبل أن يصلَ السن التي يُسمح فيها باتخاذ التدابير الأخرى.

هذه المعالجة قابلة للعكس بالكامل، ويمكن أن تُوقف في أي وقت بعد مناقشة الأمر بين الطفل والأهل والفريق الطبي(2).

متى تبدأ المراحل التالية في المعالجة؟

يمكن للمراهقين الذين يبلغون من العمر 17 سنة أو أكثر التوجه إلى متخصصي الاضطرابات الجنسية عند البالغين. في هذا العمر، يُطلب منهم التصريح بالموافقة الذاتية على الإجراءات العلاجية التي سيخضعون لها ومتابعة البروتوكولات العلاجية الخاصة بالكبار(2).

علاج البالغين:

يقدم الاختصاصيون في مجال اضطرابات الهوية الجندرية التقييم والعلاج والدعم والنصيحة عن طريق(2):

·  دعم الصحة النفسية وتقديم الاستشارة.

·  المعالجة المُعيضة بالهرمونات الجنسية.

·  التدريب الصوتي لتعديل حدة الصوت وأسلوب النطق والكلام ليتلاءم مع الجنس المرغوب.

·  إزالة شعر الجسد وشعر الوجه.

·  مجموعات الدعم وهدفها التعرف والتحدث إلى أشخاص يمرون بالتجربة ذاتها.

·  مجموعات الدعم الموجهة للعائلة.

قد يكتفي بعضٌ بالدعم النفسي والاستشارات، في حين يختار آخرون المضي قدمًا في العلاجات الهرمونية والجراحية بهدف الانتقال (العبور) إلى الجنس المرغوب(2).

المعالجة بالهرمونات الجنسية:

في هذه المعالجة:

·  تتلقى المرأة مغايرة الهوية الجندريةTrans Woman (التي ولدت بصورة ذكر) "من ذكر إلى أنثى"الإستروجين (الهرمونات المؤنثة)

·  يتلقى الرجل مغاير الهوية الجندرية Trans man (الذي وُلد بصورة أنثى) "من أنثى إلى ذكر" التيستوستيرون (الهرمونات المذكرة)

والهدف وصول الفرد إلى الصفات الجنسية الثانوية التي تجعله أكثر ارتياحًا في جسده وتُحسِّن شعوره؛ إذ تستمر المعالجة بالهرمونات الجنسية مدى الحياة وحتى بعد الخضوع للجراحة.

قد يكتفي الفرد بالعلاج الهرموني؛ إذ تحسن الهرمونات الجنسية الحالة النفسية للفرد وتساعده على بدء حياته الجديدة (2)..

ما تأثيرات الهرمونات الجنسية؟

يؤدي تلقي الإستروجين عند النساء مغايرات الهوية الجندرية Trans woman(ذوات جنس محدد عند الولادة ذكر) إلى ظهور الآثار الآتية:

·  تقلص الخصيتين والقضيب.

·  تراجع البنية العضلية.

·  تجمع الدهون حول الورك

·  ازدياد حجم الثديين قليلًا والإحساس ببرعم (عقدة) في بنيتهما.

·  تناقص نمو شعر الجسد والوجه.

لا تساعد هذه المعالجة على جعل الصوت أكثر حدة (أقرب إلى الصوت الأنثوي)؛ لذا يكنَّ بحاجة إلى تدريب أصواتهن، وقد تلجأن في أحيان نادرة إلى عمل جراح معدل للصوت(2).

التغيرات عند الرجال مغايري الهوية الجندرية:

التغيرات التي يلاحظها الرجال مغايري الهوية الجندرية Trans man (ذوي جنس محدد عند الولادة أنثوي) بعد تلقي الهرمونات:

·  تزايد شعر الوجه والجسم.

·  تزايد الكتلة العضلية.

·  نمو البظر.

·  توقف الدورة الطمثية.

·  زيادة في الرغبة الجنسية.

قد يصبح الصوت أعمق قليلًا، لكنَّه لا يكون في النتيجة مماثلًا لصوت الرجال(2).

مخاطر المعالجة الهرمونية:

يجب توخي الحذر عند تلقي الهرمونات الجنسية الأنثوية والذكرية لفترات طويلة ويكون ذلك بالمراقبة الدورية، وتشمل المخاطر:

·  تشكل الخثرات الدموية.

·  تشكل حصى المرارة.

·  اكتساب الوزن.

·  حب الشباب.

·  فقدان شعر الرأس.

·  انقطاع التنفس في أثناء النوم – توقف التنفس فترة وجيزة لفترات مختلفة وعلى نحو متقطع في أثناء النوم(2)

تؤثر المعالجة الهرمونية سلبًا في الخصوبة والوصول في النهاية إلى العقم، يجب أن يناقشَ هذا الأمر مع الفريق الطبي لدراسة خيارات تخزين النطاف أو النسيج الخصيوي أو البيوض أو النسيج المبيضي أو المضغة قبل البدء بالمعالجة إن كانت تلك الخيارات متوافرة (2 ). لا يضمن إيقاف المعالجة الهرمونية استعادة الخصوبة والقدرة على الإنجاب (عند الذين لم يخضعوا لجراحة إعادة تعيين الجنس)(2،3).

يتطلب ظهور تأثيرات الهرمونات الجنسية أشهرًا، ولا تغير الهرمونات الطول أو البنية الهيكلية للجسم (استدارة عظام الورك، عرض المنكبين)(2).

العبور الجنسي الاجتماعي:

قبل الخضوع لجراحة إعادة تعيين الجنس، يُطلب من الفرد العيش مدة من الزمن (سنة على الأقل) وفقًا للهوية الجندرية التي سيعبر إليها. تُسمى هذه العملية (العبور الجندري الاجتماعي)، والهدف منها التأكد من الرغبة بإجراء الجراحة الدائمة .

يبدأ التحول الاجتماعي في الوقت الذي يشعر فيه الفرد بأنه مستعدٌ لذلك، ويساعد التواصل مع مقدمي الدعم المتخصصين في هذه المرحلة عمومًا(2).

الجراحة:

 بعد أن يعيش الفرد فترةً من الزمن وفقًا للهوية الجندرية المرغوبة، وبعد أن يرى الفريق الطبي جهوزيته للعمل الجراحي؛ تبدأ رحلة الجراحة.

الخيارات الجراحية الأشيع للحصول على صفات جنسية ظاهرة توافق الهوية الجندرية الرجولية (2): Trans man

·  استئصال الثديين.

·  استئصال الرحم.

·  التخلص من المبيضين وقناتي فالوب.

·  رَأب القضيب (تصنيع القضيب من أنسجة الساعد أو البطن أو تشكيل القضيب باستخدام نسيج البظر النامي نتيجة المعالجة الهرمونية المناسبة لفترة من الزمن).

·  تصنيع الصفن وزرع خصيتن.

·  زرع القضيب.

هدف الجراحة الحصول على قضيب وظيفي يُمرِّر البول بوضعية الوقوف مع المحافظة على الحساسية الجنسية، قد يلزم أكثر من عمل جراحي واحد للوصول إلى النتيجة المطلوبة(2).

تتضمن الخيارات الجراحة عند النساء المغايرات الهوية الجندرية (2): Trans woman

·  استئصال الخصيتين.

·  التخلص من القضيب.

·  تصنيع المهبل.

·  تصنيع الفرج.

·  تصنيع البظر مع المحافظة على الحساسية الجنسية.

·  زرع الثدي.

·  جراحة تأنيث الوجه (العمليات على الوجه التي تجعل الملامح أكثر أنوثة).

تهدف الجراحة إلى الحصول على مهبل وظيفي ذي مظهر مقبول مع المحافظة على الحساسية الجنسية.

يمكن إجراء رأب الفرج التجميلي ورأب البظر التجميلي عند النساء اللواتي لا يرغبن بالحصول على مهبل وظيفي أو لا يمكنهن إجراء جراحة تصنيع المهبل لأسباب طبية(2).

الحياة بعد الجراحة:

يشعر معظم الخاضعين للجراحة بمستويات عالية من الرضا والسعادة والارتياح، لكنَّهم قد يتعرضون للمضايقة والتمييز ضدهم في العمل وبين الأشخاص الذين لا يتفهمون ما مروا به. يؤدي التعرض إلى المضايقات والتمييز إلى القلق والاكتئاب في بعض الأحيان، وهنا يمكن التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية وتلقي الدعم من المتخصصين أو اللجوء إلى القانون إن أمكن ذلك(2).

الميول الجنسي:

بعد أن تكتملَ عملية العبور يمكن أن يختبر الرجل العابر جندريًّا أو المرأة العابرة جندريًّا تغيرًا في الميول الجنسي Sexual orientation؛ فمثلًا قد تشعر المرأة العابرة التي كانت تنجذب للنساء قبل العبور بأنها بدأت تنجذب للرجال، يختلف هذا كثيرًا بين شخص وآخر ولا يختبر كثيرٌ من العابرين أي تبدلات في الميول الجنسي (2).

المصادر:

1-  Kaltiala-Heino, R., Bergman, H., Työläjärvi, M. and Frisen, L., 2018. Gender dysphoria in adolescence: current perspectives. Adolescent Health, Medicine and Therapeutics, Volume 9, pp.31-41 هنا

2- Gender dysphoria - Treatment [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 27 May 2020]. Available from: هنا

3- De Roo C, Tilleman K, T’Sjoen G, De Sutter P. Fertility options in transgender people. International Review of Psychiatry. 2015;28(1):112-119. هنا