الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

الأطعمة المصنّعة; هل هي ضارةٌ دائمًا؟

قد يتساءل بعضكم عن مكونات بعض الأطعمة التّي نتناولها يوميًا بصورة طبيعية؟

ماذا أضيف إليها كي نرغب بتناولها إلى هذه الدرجة، وهل تلك الإضافات جيدة أم سيئة؟

بدايةً علينا أن نوضح ماذا نعني بالأطعمة المصنّعة؟

يختلف تعريف الأطعمة المصنّعة Processed Food من مصدرٍ لآخر، وبحسب وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، تُعرَّف الأطعمة المصنّعة على أنها أطعمةٌ خضعت لتغييراتٍ في حالتّها الطّبيعية؛ أي إنها سلعٌ زراعيةٌ خام خضعت لإجراءاتٍ عديدة تشمل الغسيل، والتّنظيف، والتّقطيع، والبسترة، والسّلق، والطهي، والتّعليب، والتّجميد، والتّجفيف، وغيرها من الإجراءاتٍ الأخرى التي من شأنها تغيير الحالة الطبيعية لتلك الأطعمة، ويشمل هذا التّعريف الأطعمة التي تُضاف إليها المواد الحافظة والمنكهات وبعض المغذيات. أما بحسب معهد تقنيّي الأغذية The Institute of Food Technologists، فيتضمن التّعريف مصطلحاتٍ إضافية مثل التّخزين والتّصفية والتّخمير والاستخراج والتّركيز والتّعبئة (1,2,4).

ووفقًا لهذه المعايير، يمكننا - إلى حدٍّ ما - تصنيف جميع الأطعمة التّي تباع في المتاجر ضمن الأطعمة المصنّعة. فهل يعني هذا وجود درجات مختلفة من التصنيع؟ وما ضرورة خضوع الأغذية لهذه الخطوات قبل استهلاكها؟

تتراجع القيمة الغذائية للأطعمة وتتعرض لتناقص مغذِّياتها طبيعيًا بمجرّد بدء حصادها، لذلك فقد يكون من المفيد أن نفرّق بين الدرجات المختلفة لمعالجة الأطعمة (1)، والتي تتدرّج بين معالجةٍ بالحد الأدنى ومعالجةٍ فائقة (4)، وقد تكون ذات طبيعةٍ ميكانيكيةٍ أو كيميائيةٍ أيضًا.

وعمومًا يمكننا أن نعد الطعام ذا المكوّن الواحد، والذي لا يحتوي على مواد كيميائية مضافة بمنزلة الطعام الحقيقي، أما الأطعمة المعالجة كيميائيًا والمصنّعة من مكونات مكرّرة ومواد اصطناعية فهي التي تطلق عليها عادةً تسمية الأغذية المصنّعة (3).

أنواع مختلفة من الأطعمة المصنّعة:

وُضع نظامٌ عام لتصنيف الأطعمة المصنّعة في عام 2009 باسم تصنيف NOVA، وضمن هذا التّصنيف توجد أربع فئات تبعًا لدرجة معالجة الطعام وهي كالآتي (1,4):

1- الأطعمة غير المعالجة Unprocessed أو المعالجة بحدٍّ أدنى Minimally processed: وتشمل المنتجات الطبيعية النباتية والحيوانية الصالحة للأكل، إضافةً إلى الأطعمة المعالجة ضمن الحدود الدنيا بهدف إطالة فترة حفظها دون التسبب بتغير محتواها الغذائي بشكلٍ كبيرٍ مثل التّنظيف، وإزالة الأجزاء غير الصالحة للأكل أو غير المرغوب فيها، والطحن، والتّبريد، والبسترة، والتّخمير، والتّجميد، والتّعبئة والتّغليف مع التّخلية من الهواء. وتندرج عدّة أطعمة في هذه الفئة مثل الفواكه الطازجة والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات واللحوم والحليب وغالبًا ما تعدّ الأطعمة بهذه الطريقة لتسهيل متابعة تحضيرها فيما بعد.

2- مكونات الطهي المصنّعة Processed culinary ingredients: وهي مكوناتٌ غذائيةٌ نحصل عليها بعد تعريض الأغذية لمعالجات بالحدود الدنيا عن طريق الضغط أو التّكرير أو السّحق أو الطحن، وعادة لا تُستهلك تلك المكونات وحدها، بل تستعمل لمتابعة إعداد أطعمة أخرى مصنّعة بالحد الأدنى أيضًا، ومن الأمثلة على تلك المكونات: الزيوت النباتية، والبذور، والمكسرات، والطحين، والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة.

3- الأطعمة المصنّعة Processed foods: وتشمل الأطعمة المدرجة ضمن إحدى المجموعتين السّابقتين والتّي أضيف إليها الملح أو السّكر أو المواد الدهنية، ومن الأمثلة عليها الفواكه والخضروات المعلبة، وبعض أنواع الجبن، والخبز الطازج، والأسماك المعلبة، وعادة ما تصنع هذه الأطعمة من مكوّنين أو ثلاثة على الأقل ويمكن تناولها دون الحاجة لمزيدٍ من التّحضير.

4- الأطعمة الفائقة المعالجة Ultra-processed foods: ويُشار إليها أيضًا بالأطعمة عالية المعالجة، وهي الأطعمة المدرجة في المجموعة السّابقة والتي أُضيف إليها الملح أو السّكر أو الدهون إلى جانب إضافاتٍ أخرى تشمل الملونات والمنكهات الاصطناعية والمواد الحافظة التّي تهدف إلى إطالة مدة صلاحيتها والمحافظة على شكلها وتحسين مذاقها، وتهدف هذه المعاملات والإضافات إلى زيادة رغبة المستهلكين بهذه المنتجات وجعلهم يقبلون على شرائها وتناولها بإفراط، وعادةً ما تكون جاهزة للأكل مباشرةً تقريبًا أو بأقل قدر من التّحضير الإضافي، ومنها المشروبات السّكرية، والبسكويت، ورقائق البطاطا، وحبوب الإفطار، وبعض وجبات العشاء المجمدة، ولحم اللانشون.

قد تظهر بعض التداخلات بين الفئات المذكورة سابقًا، وفي تلك الحالة قد يجد البعض أن تصنيف NOVA يعد عامًا نسبيًا، فضلًا عن أنه لا يوفّر قوائم شاملة للأطعمة في كل فئة، لذا يُترك للمستهلك عادةً أمر تخمين الفئة التّي تندرج فيها تلك الأطعمة واختياره منها (1).

حسب الفئات السابقة، هل توجد فوائد للأطعمة المصنّعة؟

تكاد لا تخلو مطابخنا من الأطعمة المصنّعة، فكثير منها تساعد على توفير الوقت والجهد إلى جانب إطالة فترة حفظ الأطعمة السريعة الفساد وقدرة بعضها على توفير مغذيات مهمة نتيجة تدعيم المنتجات بها، وعلى سبيل المثال نجد أن الفاكهة والخضروات التي تُجمَّد سريعًا بعد الحصاد تحتفظ بكميات جيدة من الفيتامين C، كذلك تضاف بعض العناصر الصغرى مثل فيتامينات B والحديد إلى الأطعمة في حال فقدها في أثناء المعالجة، ويُدعم الحليب والعصير بالكالسيوم والفيتامين D وتضاف الألياف إلى حبوب الفطور، ويستفاد من الملح الميوَّد لمنع الإصابة بتضخم الغدة الدرقية. ويمكن لعمليات التدعيم هذه أن تساعد على على الوقاية من عديدٍ من أمراض العوز الغذائي وما يرتبط بها من مشكلات صحية، وبذلك يمكن أن تكون بعض الأطعمة المعالجة جزءًا من نظامٍ غذائي صحي ومتوازن كما في حالة سمك التّونا وجبنة الكوتاج أو القريشة والأطعمة المدعَّمة المذكورة (1,2,4).

من جهةٍ أخرى، تعد بعض العمليات التصنيعية أساسيةً للقضاء على البكتيريا الضارة ومنع نموها كما في البسترة والطهي والتّجفيف، فضلًا عن تكون بنية الطعام المتجانسة في حالة المستحلبات وغيرها الكثير (1,2,6).

إذًا ما هي مضار الأطعمة المصنّعة؟

يجب ألا نسمح للميزات التي ذكرناها أن تخدعنا كثيرًا، فالأطعمة المعالجة تمتلك مساوئ كثيرةً أيضًا، وينبغي أن ندرك أن طريقة معالجة الطعام المصنَّع تهدف أحيانًا إلى زيادة رغبة المستهلكين بتناولها دون التركيز على الفائدة الحقيقية، إذ تتنافس شركات التصنيع على جعل منتجاتها لا تقاوم بسبب ما تمنحه من شعورٍ بأنها (مكافأة للدماغ)، مما يزيد الرغبة بتناولها باستمرار وبكميات كبيرة وصولًا إلى درجة الإدمان (3). وفي الحقيقة، فإن الخطر يتجاوز مجرد الرغبة في تناول هذه الأطعمة، إذ يمكن أ، تؤدي معالجة الأطعمة إلى تدمير عديدٍ من العناصر المفيدة حسب درجة المعالجة المطبقة، كما في تخريب المغذيات النباتية phytochemicals والألياف بعمليات التقشير وخسارة بعض الفيتامينات والمعادن بتأثير الحرارة (1).

كذلك تحتوي الأطعمة المصنعة على نسبٍ لا يستهان بها من الصوديوم والسّكريات المضافة والدهون غير الصحية والدهون المتحولة Trans fats والسّعرات الحرارية الفارغة (2,3,6)، والتي تؤثر سلبًا في الصحة مسببةً مقاومة الإنسولين وارتفاع الشحوم الثلاثية والكوليسترول وتراكم الدهون حول الكبد وفي منطقة البطن، إضافةً إلى دورها في البدانة والسّرطان (2,3).

أرقامٌ ومعلوماتٌ مهمة عن الأغذية المصنعة (1):

كيف يمكننا أن نعرف ما إذا كانت الأطعمة المصنّعة التّي نريد شراءها صحية أم لا؟ وماذا نفعل لتكون خياراتنا أكثر صحة؟

يمكن الحدّ من تناول الأطعمة فائقة المعالجة باتباع الخطوات الآتية:

كذلك تساعد قراءة الملصق الغذائي على استبعاد الأطعمة التي قد لا تناسب مرضى الحساسية وعدم التحمل، ومن يعانون من السكري وأمراض الجهاز الهضمي (1).

لقراءة مزيد من المعلومات عن الملصقات الغذائية يمكنكم الاطلاع على مقالاتنا الآتية:

هنا

هنا

هنا

هنا

المصادر:

1- Processed Foods and Health [Internet]. The Nutrition Source. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

2- The Truth About Processed Food [Internet]. WebMD. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

3- Processed foods: Health risks and dangers [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

4- Processed Foods Whats OK and What to Avoid [Internet]. Eatright.org. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

5- Eating processed foods [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

6- Can Processed Foods Be Part of a Healthy Diet [Internet]. www.heart.org. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا

7- 10 Processed Foods to Avoid, Like Bacon & Granola Bars [Internet]. Healthline. 2020 [cited 23 April 2020]. Available from: هنا