علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

فوائد عدم الاعتذار

استمع على ساوندكلاود 🎧

ليش أحيانا لما نغلط بحق حدا ما بتطلع معنا كلمة "آسف" رغم انو كلا ٣ حروف؟

يبدو انو عدم الاعتراف بالخطأ اله فوائد كمان!

فوائد عدم الاعتذار

تعرضت باولا دين- الشخصية الاعلامية و مالكة مطعم شهير- لاتهامات باستخدامها الفاظا عرقية مسيئة، ورغم اعترافها بخطأها و اعتذارها الا ان الكثيرين اعتبروا اعتذارها أجوف و يفتقد المصداقية.

.وتبع اعتراف باولا بالاساءة ايقاف عرض برنامجها على الشبكة التلفزيونية الشهيرة “ فوود نت وورك” كما خسرت الكثير من الرعاة الاعلاميين و التجاريين

. فيما اعتبر البعض ان هذه العقوبات ملائمة لاسائتها، رآها آخرون على انها اجراءات مفرطة و مبالغ فيها.

وبصرف النظر عن عدالة هذه العقوبات فان الأمر الوحيد الواضح للعيان هو الثمن الباهظ للاعتراف بالذنب

إن للاعتراف بالذنب ثمن كبير على المسيئ كالإحراج الذي يتسبب به الاعتراف العلني بالخطأ ولما لذلك من أثر على العلاقات الشخصية و خسارة المكانة الاجتماعية. هذه الخسائر قد تكون السبب في امتناع عديد من السياسيين و اللاعبين المحترفين و شركاء العمل عن الاعتذار.

أشارت نتائج أبحاث قام بها تايلر اوكيموتو و زملائه في أوستراليا إلى أن رفض التقدم باعتذار يمنح صاحبه إحساساً أكبر بالتحكم و مشاعر أكثر إيجابية تجاه أنفسهم ممن لا يقومون عادة بأي فعل بعد خطأهم.

قد تبدو هذه النتائج متناقضة مع المنطق الشائع بضرورة تحمل مسؤولية أخطائنا، وهذا ما تؤكده أبحاث درست فوائد الاعتذار لكل من المعتدي و الضحية.

ففي حالة الضحية، للاعتذار دور في التعويض الاخلاقي و إعادة الاحساس بالقوة و التحكم للضحية اذ بإمكانه قبول أو رفض الاعتذار.

و الاعتذار مفيد أيضا للمعتدي اذ يساهم في تخفيف الغضب و العقوبة المتوقعة كما يساهم في تحسين صورة المعتدي في عيون الضحية و المحيطين به، مما قد يعيد قبوله في محيطه الاجتماعي و يرمم علاقاته الشخصية التي كاد أن يخسرها.

إذا كان للاعتذار كل هذه الفوائد فمالذي يجعل البعض يمتنع عنه؟ بعيدا عن الهروب من العاقبة، يبدو أن هناك فوائد نفسية لدفاع الفرد عن موقفه. كالاحتفاظ باليد العليا و موقع القوة ومنعها عن الضحية أو كحفظ ماء الوجه بعدم الاعتراف بالتعارض بين افعال الشخص و قيمه الاخلاقية مما يعزز احساسه بالقيمة.

أكد أوكيموتو و زملائه في دراسة حديثة أن فوائد و عواقب الاعتذار معقدة أكثر مما نظن. في مجموعتين من التجارب طُلب من المشاركين ذكر حادثة أساؤوا فيها إلى أحد ما ثم ذكر ما حدث بعد ذلك و تم تصنيف الاستجابات في ثلاث فئات (اعتذار- رفض الاعتذار- عدم القيام بأي فعل)

أفادت النتائج بمساهمة كلا من الاعتذار و رفض الاعتذار في دعم حاجة الفرد للاستقلال و الاحساس بالقوة. لكلا الفعلين القدرة على منح الأشخاص إحساسا جيدا اتجاه أنفسهم، كما تجعلهم يقتنعون بمسايرة أفعالهم لقيمهم الشخصية

علاوة على ذلك،فإن رفض الفرد الاعتراف بخطئه و تحمُّل تبعاته تجعله أقل انفتاحا على آراء الآخرين البناءة و تحُدُّ بذلك نموه و تطوه الشخصي.

"الخطأ إنساني و المغفرة ربانيّة” تشير هذه المقولة الشهيرة إلى تحديات وفوائد الغفران. كما تدفعنا نتائج عمل أوكيموتو وزملائه إلى إعادة النظر في حلقة الخطأ و المصالحة، و الاعتراف بالتضحية و الخطر الذي يتضمنه تقديم الاعتذار. إذ، و بعكس الرأي الشائع، يبدو أن للاعتذار ثمن ليس بزهيد.