الكيمياء والصيدلة > صيدلة سريرية

علاج مرض الشرايين المحيطية PAD؛ ما هي آخر التطورات؟

يمثِّل مرض الشرايين المحيطية (Peripheral Arterial Disease (PAD مشكلة سريرية كبيرة؛ إذ يعاني 200 مليون شخص في أنحاء العالم منه، ويكون ناجماً عن تصلب عصيدي في الشرايين المحيطية** في أغلب الأحيان؛ وهذا يعني تشكُّل لويحة مكونة من رواسب الشحوم والكوليسترول والمواد الأخرى داخل جدران الشرايين التي تسبب تضيقها، وانخفاض الجريان الدموي إلى مواقع مهمة من الجسم بالنتيجة. 

وفي حال التهبت هذه اللويحة أو أصبحت هشة، فمن الممكن أن تتمزق مؤدية إلى تشكُّل خثرة دموية قد تضيق الشريان أو تسدُّه بالكامل (1, 2).

وقد لا يشكو مرضى الـPAD أيَّة أعراض، أو قد يعانون أعراضًا خفيفة فحسب، ولكنَّه قد يرتبط عند البعض بـ:

- ألم في الساق وصعوبة في المشي، وتشنج مؤلم في أحد الوركين أو كليهما أو في الفخذين بعد نشاطات معينة كالمشي.

- خدر في الساق أو ضعف فيها.

- برودة في الساق أو القدم.

- تقرحات لا تلتئم، وقد تظهر على الأقدام أو الأرجل أو أصابع الأقدام.

- تغير في لون الأرجل.

- فقدان الشعر أو بطء في نمو الشعر على الأقدام أو الأرجل.

- بطء في نمو أظافر القدم.

- لون فاتح في جلد الأرجل.

- انعدام النبض أو ضعفه في الرجل أو القدم.

- خلل انتصاب عند الرجال.

وعند تطوُّر هذه الحالة قد يظهر الألم في أوقات الراحة حتى (ألم الراحة الإقفاري).

وفي حال كان سبب المرض هو تصلب عصيدي، يكون المريض في خطر الإصابة بنقص تروية حرج للطرف؛ إذ يحدث موت للنسيج (غنغرينة)، وهذا ما يستدعي بتر الطرف أو الموت. (1, 3)

ولعلاج هذا المرض يجب التركيز على هدفين أساسيين وهما:

1- السيطرة على الأعراض كآلام الأرجل؛ ممَّا يسمح للمريض بمتابعة الأنشطة اليومية.

2- إيقاف تطور التصلب العصيدي.

ويمكن تحقيق هذين الهدفين بتغيير أسلوب الحياة -في المرحلة المبكرة من المرض خاصة- كإيقاف التدخين إن كان المريض مدخناً؛ الأمر الذي قد يقلِّل خطر تطور مضاعفات المرض.

وإن كان المريض يعاني بعضَ العلامات أو الأعراض، فقد يحتاج علاجاً طبياً إضافياً، وقد يصف الطبيب بعض الأدوية لمنع تشكل خثرات دموية كالأسبيرين aspirin والكلوبيدوغريل clopidogrel، وأدوية خافضة لضغط الدم، وأدوية خافضة للكوليسترول، وأدوية للسيطرة على الألم والأعراض الأخرى كالسيلوستازول cilostazol. (4)

ويكون من الضروري في بعض الحالات إجراء عمل جراحي؛ كعملية رأب الوعاء angioplasty باستعمال أنبوب صغير مُجوَّف (قثطار) يعيد فتح الشريان ويزيد الجريان، أو بجراحة تحويل (مجازة) bypass surgery لجعل الدم يجري متجاوزاً الشريان المسدود أو المتضيِّق عن طريق وعاء آخر صنعي أو عن طريق وعاء طعم graft من جسم المريض أو بالمعالجة الحالة للخثرة باستعمال دواء حال للخثرة يُحقن في نقطة الخثرة لتحطيمها. (4)

ومن الجدير بالذكر أنَّ لهذه العمليات الجراحية مخاطر، ولرأب الوعاء خطورة أقل من جراحات التحويل، ويمكن تلخيص مخاطر الجراحتين بالآتي:

- تتضمن مخاطر جراحة التحويل:

1. حدوث خمج.

2. حدوث نزيف.

3. حدوث نوبة قلبية أو سكتة قلبية.

4. حدوث تورم في الساق.

5. أن يكون الشريان الطعم مسدوداً أو أن يُرفض.

- تتضمن مخاطر رأب الوعاء:

1. حدوث تمزُّق للشريان.

2. حدوث نزيف في مكان دخول القثطار.

3. حدوث إغلاق مفاجئ للشريان.

4. حدوث خثرات دموية.

5. حدوث تفاعلات تحسسية (أرجية).

6. حدوث أذية للكلى.

ومن المهم معرفة أنَّ تغيير أسلوب الحياة وأخذ الأدوية المناسبة تساعد في تحسين الحياة مدة طويلة على عكس العمليات الجراحية التي لا تعطي تأثيراً طويل الأمد. 

وحتى في حال إجراء هذه العمليات، فلا بدَّ من أخذ الأدوية المناسبة وتغيير أسلوب الحياة للحصول على أفضل النتائج، فلا غنى عن استخدام الأدوية المناسبة. (5)

وبالنسبة إلى الأدوية المضادة للصفيحات antiplatelet، فقد دُرس عديدٌ من الأنظمة الدوائية ومنها دراسة الأسبيرين والأسبيرين مع الديبيريدامول dipyridamole والكلوبيدوغريل والتيساغريلور ticagrelor والسيلوستازول cilostazol والفوراباكسار vorapaxar.

وقد وُجِد أنَّ هذا العلاج يقلِّل خطر تطور الحوادث الوعائية الخطيرة (احتشاء العضلة القلبية غير المميت والسكتة غير المميتة والموت الوعائي) بنسبة تقارب 23% عند المصابين بالـPAD اعتماداً على التحاليل التي أجرتها مجموعة Antithrombotic Trialists Collaboration Group. (6)

ولكن؛ كان هنالك نقص في البيانات المتعلقة بالعلاج الطبي بعد التدخل الجراحي. 

وعلى الرغم من استخدام العلاج المضاد للصفيحات المزدوج من الأسبيرين مع الكلوبيدوغرال استخداماً شائعاً، فإنَّ مدة هذا العلاج متغيرة للغاية، ولا بدَّ من الحصول على بيانات إضافية من تجارب سريرية معشَّاة متعددة المراكز وعلى بيانات من دراسات رقابية لتحديد التدبير الأمثل والمدة اللازمة له لعلاج هذا المرض (6).

وهذا ما حدث مؤخراً تماماً؛ فقد صُمِّمت دراسة سريرية عالمية سُمِّيت بـVoyager PAD trial (في آذار/مارس 2020) أجراها مجموعة من الباحثين على مرضى يعانون من الـPAD بوجود أعراض ظاهرة، وكانوا قد خضعوا لعمليات إعادة توعِّي. وقُسِّم المرضى -عشوائياً- إلى مجموعتين؛ يتناول المرضى في إحداهما الريفاروكسابان مع الأسبيرين، فيما يتناول مرضى المجموعة الأخرى الأسبيرين مع دواء وهمي( placebo ) يومياً. (1)

وبعد المتابعة مدة 28 شهراً، اختبر الباحثون نجاعة التدبير العلاجي، واعتمدوا إحصاء حالات نقص تروية الأطراف الحاد أو البتر الكبير لسبب وعائي أو النوبة القلبية أو السكتة الإقفارية أو الوفاة الناتجة عن سبب قلبي وعائي معياراً أساسياً لتقييم النجاعة، ووجدوا أنَّ مجموعة المرضى التي تناولت الريفاروكسابان مع الأسبيرين شهدت انخفاضاً واضحاً في عدد الحالات بالمقارنة مع أولئك الذين تناولوا الأسبيرين وحده. (7)

واختبر الباحثون سلامة التدبير العلاجي أيضاً، وكان المعيار الأساسي للتقييم اختبار النزيف الشديد وفقاً لتصنيف (Thrombolysis in Myocardial Infarction (TIMI (نزيف مميت، ونزيف داخل قحفي، وانخفاض في هيموغلوبين الدم ≥ 5 g/dl أو انخفاض الهيماتوكريت ≥ 15%)، وكانت الحالات في مجموعة المرضى التي تناولت الريفاروكسابان مع الأسبيرين أكبر من حالات المجموعة الثانية، ولكن؛ ذكر الباحثون أنَّ الفرق غير كبير وغير مهم. ­­­(7)

ولُوحِظ انخفاض في خطر حصول حوادث طرفية وقلبية وعائية جانبية عند المرضى الذين تناولوا الريفاروكسابان rivaroxaban بالاشتراك مع الأسبيرين؛ لمعالجة الشرايين المغلقة في الأرجل بالمقارنة مع المرضى الذين تناولوا الأسبيرين وحده، وذكروا أنَّه على الرغم من امتلاك المرضى معدلات نزيف أعلى، فلم تظهر حالات نزيف شديد وزائد. (1)

وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذله الباحثون في هذه الدراسة للتوصل إلى هذه النتائج، فقد ذكروا -أيضاً- أنَّ نجاعة الريفاروكسابان وسلامته غير مؤكدة وعرضة للشك (7) ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات السريرية العالمية لتأكيد هذه المعلومات، أو الحصول على معلومات جديدة بخصوص استخدام الريفاروكسابان وغيره من الأدوية المضادة للتخثر على أمل التوصل إلى العلاج الأمثل لهذه الحالة السريرية الشائعة.

**هي الشرايين التي توصل الدم إلى اليدين والمعدة والرأس، والأكثر شيوعاً بينها تلك التي تغذي الأطراف السفلية.

   

المصادر:

1- Rivaroxaban Reduces Risk in Symptomatic Peripheral Artery Disease Post-Surgical Intervention [Internet]. Pharmacy Times. 2020 [cited 27 April 2020]. Available from: هنا

2- About Peripheral Artery Disease (PAD) [Internet]. www.heart.org. 2020 [cited 27 April 2020]. Available from: هنا

3- Peripheral artery disease (PAD) - Symptoms and causes [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 27 April 2020]. Available from: هنا

4- Peripheral artery disease (PAD) - Diagnosis and treatment - Mayo Clinic [Internet]. Mayoclinic.org. 2020 [cited 27 April 2020]. Available from: هنا

5- Peripheral Arterial Disease: Should I Have Surgery? | Michigan Medicine [Internet]. Uofmhealth.org. 2020 [cited 27 April 2020]. Available from: هنا

6- Singh P, Harper Y, Oliphant C, Morsy M, Skelton M, Askari R et al. Peripheral interventions and antiplatelet therapy: Role in current practice. World Journal of Cardiology [Internet]. 2017;9(7):583. Available from: هنا

7- Bonaca M, Bauersachs R, Anand S, Debus E, Nehler M, Patel M et al. Rivaroxaban in Peripheral Artery Disease after Revascularization. New England Journal of Medicine [Internet]. 2020 [cited 27 April 2020];. Available from: هنا;