الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

اليانسون

قد يكون اليانسون النبات الأكثر شهرة في علاج عديدٍ من الأمراض، إذ يرتبط ذكرة بنصائح أمهاتنا وجداتنا في تناوله عندما نتعرض لأي وعكة صحية، فما حقيقة هذه النصائح يا ترى؟

اليانسون Pimpinella anisum نبات عشبي ينتمي إلى العائلة الخيمية Apiaceae، ويعد حوض البحر المتوسط موطنه الأصلي، وينتشر في سورية ولبنان وتركيا ومصر على نحو كبير، وقد امتدت زراعته من تلك المناطق إلى الدول الأوروبية ودول شرق آسيا، حتى إنه انتشر في الأرجنتين وأمريكا (1).

وقد استخدمت النباتات العطرية مثل اليانسون في العلاجات التقليدية وفي صناعة المستحضرات الصيدلانية منذ زمن بعيد، فضلًا عن استخدامه الواسع للأغراض الغذائية (2). فما هي أهم المركبات الكيميائية التي تميز اليانسون؟

يتألف اليانسون من (1) البروتينات بنسبة 18% والكربوهيدرات بنسبة 50%، وتتراوح الدهون بين 8 و16%؛ يؤلف منها حمض البتروسيلينيك نسبة 50-70% وحمض الأولييك نسبة 22-28%، أما الألياف فتشكل 12-22% وتشكل الزيوت العطرية النسبة الأقل إذ تتراوح بين 1-4%.

ويعد الأنيثول Anethole المستخدم في الصناعات الدوائية والغذائية والعطور والمنكهات أهم مكونات اليانسون، ويوجد فيه على شكل مركب ترانس الأنيثول ويشكل قرابة 75-90% من زيت اليانسون، لكن الزيت يتميز أيضًا بمكونات فعالة أخرى مثل البوليفينولات؛ التي تعد من أهم مضادات الأكسدة الطبيعية في الأغذية، كذلك يحتوي على الكومارين؛ وهو مركب عطري مميز برائحة حلوة تشبه رائحة الفانيلا (2). 

يتميز اليانسون أيضًا بغناه بالمعادن المفيدة للجسم مثل الحديد، والمنغنيز، والكالسيوم، والمغنيزيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والنحاس (3).

الاستخدامات الغذائية وغير الغذائية لليانسون:

يستخدم اليانسون منكهًا للطعام والمثلجات وفي الطهي المنزلي أيضًا، وهو من أقدم التوابل المستخدمة لتنكيه المخبوزات والكعك والحساء والمخللات واللحوم المصنعة والمشروبات غير الكحولية وعديد من الحلويات مثل حلوى عرق السوس.

وتعد نكهة اليانسون النكهة المفضلة للمشروبات الكحولية في منطقة البحر المتوسط، إذ يستخدم في صناعة مشروب العرق السوري ومشروب الراكي التركي Turkish Raki والـPastis الفرنسي وAnisette؛ وهو مشروب يجمع بين اليانسون والكزبرة وبذور الشمر مع الفودكا الحلوة.

كذلك يستخدم زيته العطري في صناعة العطور، ويدخل اليانسون في صناعة معاجين الأسنان وغسولات الفم وصناعة الصابون والمنظفات والمستحضرات الصيدلانية وكريمات البشرة وفي إخفاء الروائح غير المرغوب بها في الأدوية ومستحضرات التجميل، فضلًا عن تبييض الألوان في التصوير الفوتوغرافي (1).

ما الفوائد الصحية التي يمكن أن يقدمها اليانسون؟

- تقليل الالتهابات لدى حيوانات التجارب مما يسمح بتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وتخفيف الألم والتورُّم الناتج من الالتهاب، إذ يعد الالتهاب استجابة الجسم الطبيعية التي يبديها الجهاز العصبي للحماية من الإصابات والعدوى. ويمكن أن تكون مضادات الأكسدة الموجودة في بذور اليانسون السبب وراء فعاليته في تقليل الالتهاب ومنع الضرر التأكسدي المسبب للأمراض (3) .

- علاج المجاري التنفسية والتهاب الرئة المزمن بفعل الأنيثول الموجودة في الزيت العطري الذي تبين أنه يقلل السيتوكينات ويحمي الغشاء المخاطي من العدوى والتلف عن طريق تحفيز إفراز المخاط الذي يشكل طبقة حماية للخلايا الظهارية، لكن هذه التطبيقات ما زالت بحاجةٍ لمزيد من الأبحاث (4).

- يساعد اليانسون على علاج الاكتئاب فقد بينت الدراسات على البشر أن تناول 3 غرامات من مسحوق بذور اليانسون ثلاث مرات يوميًا كان فعالًا في الحد من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة. وبالمثل، قلل تناول كبسولات تحوي 200 ملغ من زيت اليانسون مدة أربعة أسابيع من أعراض الاكتئاب الخفيف والمتوسط على نحو ملحوظ (3).

- الحماية من قرحة المعدة عن طريق التقليل من إفراز أحماض المعدة والمساعدة في منع تكوُّن القرحات وحماية الخلايا من التلف (3).

- تسريع شفاء الجروح الليزرية بفضل عديدات السكاريد التي تساهم في تسريع شفاء الجروح الليزرية والتئامها الأمر الذي يجعله علاجًا واعدًا لبعض الحالات الجلدية، لكن ذلك يحتاج مزيدًا من الدراسات قبل استخدامه على البشر لأنه قد يسبب الحساسية والطفح لبعض الأشخاص (5).

- يساعد على تخفيف أعراض سن اليأس التي يترافق فيها انقطاع الطمث بانخفاض في الهرمونات الأنثوية مما يسبب الهبات الساخنة والتعب وجفاف الجلد. ويُعتقد أن لبذور اليانسون تأثيرًا يحاكي الإستروجين في الجسم، مما قد يقلل أعراض انقطاع الطمث. كذلك تساعد بعض المركبات الموجودة في بذور اليانسون على منع خسارة العظام وهشاشتها؛ وهي إحدى الأعراض المميزة المرافقة لانقطاع الطمث (3).

- توازن مستويات السكر في الدم بفعل الأنيثول الذي قد يبقي مستويات السكر في الدم تحت السيطرة عند اقترانه بنظام غذائي صحي، وقد دُرس ذلك على الفئران التي تعاني داء السكري ففي وتبين أنه يساعد على خفض سكر الدم عن طريق تغيير مستويات عديدٍ من الأنزيمات الرئيسية، وتعزيز وظائف خلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين. لكن تلك الأبحاث استخدمت جرعاتٍ عالية جدًا لذا فإن الأمر ما زال بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الأبحاث (3).

- علاج محتمل للصداع النصفي (الشقيقة) إذ يمكن أن يسهم اليانسون في تقليل تواتر الصداع النصفي ومدته مقارنةً مع الدواء، فضلًا عن مساعدته على تقليل استهلاك المسكنات (6).

هل توجد فعالية لليانسون ضد البكتيريا والفطريات؟

بفضل تركيبه المميز من الأنيثول والبولي فينولات ومضادات الأكسدة، يتمتع اليانسون بخصائص مميزة تساهم في تنوع استخداماته الصيدلانية والغذائية، وقد أجريت دراسات عديدة على فعالية الزيت العطري المقطَّر وتبين أنه فعال بتراكيز منخفضة ضد بكتيريا Streptococcus pyogenes و Corynebacterium ovis، إضافةً إلى عدة أنواع من الجراثيم الممرضة مثل الليستيريا Listeria والسالمونيلا Salmonella والأشريكية القولونية Escherichia coli والمكورات المعوية البرازية والمكورات العنقودية الذهبية فضلًا عن قدرة الأنيثول على إيقاف نمو إحدى سلالات الكوليرا (1-3). كذلك يمتلك اليانسون فعاليةً مثبطة تجاه عدة أجناس من الفطريات مثل Alternaria و Aspergillus وCladosporium و Fusarium و Penicillium، إضافةً إلى تثبيط الخمائر والفطريات التي توجد على جلد الإنسان (1,3)، وهو ذو فعالية طفيفة ضد الحشرات والآفات التي تظهر عند تخزين الغذاء (2).

 هل هنالك أية تأثيرات سمية لليانسون على الإنسان؟

يرتبط مركب الأنيثول والإستراغول الموجوان في اليانسون هيكليًا بمركب يسمى السافرول؛ وتعد هذه المركبات -مجتمعةً- سمومًا مسرطنة  للكبد. لكن، وعلى الرغم من أن كلًّا من الأنيثول والإستراغول قد سببا سميةً كبدية لدى القوارض، لكنه لا يعد خطرًا على الإنسان عند استهلاكه بكميات معتدلة كالتي نصادفها في سلوكنا التغذوي المعتاد، وبذلك يعد اليانسون وزيته آمنين للاستهلاك البشري عمومًا.

لكن يُذكر أن الأنيثول يوجد على شكل مركبين متماكبين (أي إيزوميرين trans وcis)، وقد تبين أن الإيزومير Cis كان أكثر سميةً للحيوانات بـ 15-38 ضعفًا مقارنةً بالإيزومير Trans. ويتشكل الإيزومير من النوع Cis في أثناء التخزين السيئ لبذور اليانسون ونتيجة تعرًّضها لضوء الشمس. لكن المواصفات الغذائية والدوائية لا تتطلب التمييز بين الإيزوميرين وتحديد كمياتهما.

كذلك يُذكر أن الاستهلاك الفائض من اليانسون قد يسبب الغثيان والقيء والنوبات والوذمة الرئوية، ويمكن أن تسبب ملامسة الزيت العطري المركز تهيجًا للجلد لدى ذوي البشرة الحساسة (1).

المصادر:

1. Özgüven, M., 2012. Aniseed. [ebook] Handbook of Herbs and Spices (Second edition). [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا

2. Sun, W., Shahrajabian, M. and Cheng, Q., 2019. Anise (Pimpinella Anisum L.), A Dominant Spice And Traditional Medicinal Herb For Both Food And Medicinal Purposes. [online] researchgate. [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا

3. Link, R., 2018. 7 Health Benefits And Uses Of Anise Seed. [online] Healthline. [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا

4. 2018. Aniseed (Pimpinella Anisum L.) Essential Oil Reduces Pro-Inflammatory Cytokines And Stimulates Mucus Secretion In Primary Airway Bronchial And Tracheal Epithelial Cell Lines. [ebook] Industrial Crops and Products. [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا

5. Ghlissin, Z., Sahnoun, Z. and Bougatef, A., 2019. Polysaccharide From Pimpinella Anisum Seeds: Structural Characterization, Anti-Inflammatory And Laser Burn Wound Healing In Mice. [ebook] International Journal of Biological Macromolecules. [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا

6. Moayedfard, A., Mosavata, S., Irajid, A. and Mosaffa-Jahromia, M., 2019. Efficacy Of Anise (Pimpinella Anisum L.) Oil For Migraine Headache: A Pilot Randomized Placebo-Controlled Clinical Trial. [ebook] Journal of Ethnopharmacology. [Accessed 5 May 2020]. Available at: هنا